إنسان ناعم في مجتمع خشن
قوات الاحتلال الإسرائيلي تفتح نيرانها على المستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة الحكومة الإسرائيلية تحذر القيادة السورية الجديدة من مغبة القيام بأعمال عدائية ضدها فشل الدفاع المدني السوري في العثور على أبواب للطوابق الأرضية لـ سجن صيدنايا شمال العاصمة دمشق إيمانويل ماكرون يُبلغ زعماء الأحزاب أنه سيعين رئيساً للوزراء خلال 48 ساعة ميليشيا الحوثي تستهدف 3 سفن أميركية بعد خروجها من ميناء جيبوتي عبر الطائرات المسيرة والقوة الصاروخية العثور على عالم الكيمياء السوري الدكتور حمدي إسماعيل ندى مقتولًا داخل منزله في ظروف غامضة الجيش الإسرائيلي يستهدف ما لا يقل عن 6 سفن تابعة للبحرية السورية في اللاذقية وزارة الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1530عسكرياً أوكرانياً وتدمير عشرات الدبابات في 24 ساعة الجيش الإسرائيلي يُعلن مقتل 3 جنود في صفوفه من لواء جفعاتي بمعارك شمال قطاع غزة غانتس يؤكد أن إسرائيل أمام ساعات مصيرية ومنعطف حرج فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس"
أخر الأخبار

إنسان ناعم في مجتمع خشن

المغرب اليوم -

إنسان ناعم في مجتمع خشن

توفيق بو عشرين

اخترت في هذا اليوم، الذي يصادف العيد العالمي للمرأة (8 مارس)، أن أتحدث عن جزء من معاناة هذا الإنسان الناعم في مجتمع خشن. اخترت أن أسلط الضوء على ظاهرة التحرش الجنسي ضد النساء في الشارع والمدرسة والمعمل والشركة والإدارة والحافلة والهاتف والفايسبوك، وحتى داخل البيوت والأسر أحيانا. للأسف، قلة قليلة من النساء اللواتي يرفعن اليوم الصوت ضد هذه الظلم الاجتماعي، وضد هذه الجريمة التي تدمر نفوس الكثيرات، وأحيانا تصيبهن بجروح لا تمحى آثارها من العقول والقلوب… حتى إن نساء كثيرات بدأن يطبعن مع هذه الظاهرة، ويتعايشن معها، وبعضهن يحولن الضحية إلى مجرمة، فيلقين بالمسؤولية على المرأة التي لا تحترم ضوابط معينة في اللباس، والمرأة التي تغري الرجال بفتنتها! وهذا ما يسمى: إدانة الضحية لنفسها عندما تصبح عاجزة عن رد حقها وضمان اعتبارها، فتلوم نفسها على جرم لم ترتكبه.
 قبل ثلاثين سنة، كانت النساء في المغرب يلبسن أكثر تحررا من اليوم، وكان عدد المحجبات أقل مما هو الآن بكثير، وكانت مظاهر التدين أقل، وكان الوعظ والإرشاد أقل، لكن التحرش الجنسي ضد النساء لم يكن بهذه الدرجة من الشراسة والاتساع والتواطؤ، كما هو عليه اليوم. كيف نكون أكثر تدينا وأكثر انحرافا في الوقت ذاته؟  
ظني أن اتساع التحرش بالنساء كـ«سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق جسديا أو نفسيا المرأة ويعطيها إحساسا بعدم الأمان»، في مجتمعنا يرجع إلى ثلاثة عوامل غير التفسير الكلاسيكي للتحرش باعتباره انحرافا أخلاقيا فرديا وقلة تربية من شخص غير سوي.
أولا: تؤكد الدراسات النفسية أن الجرائم الجنسية لا ترتكب دائما بغرض إشباع الشهوة، فالتحرش الجنسي، مثلا، كثيرا ما يرتكبه الرجال كوسيلة للانتقام من المجتمع، أو للتنفيس عن الغضب أو الإحباط أو الإحساس بالدونية لدى المتحرش، فتصير المرأة في الشارع أو في البيت هي المتنفس أمام هذا الذكر المحبط واليائس، وبعدها يصير الأمر شبيها بالإدمان الذي يعطي صاحبه وهم أنه ناشط جنسي أكثر من غيره، وفحل أكثر من الآخرين، وله مواهب خاصة في اصطياد البنات، أو بالأحرى في الاعتداء عليهن.
ثانيا: إن انتشار الأفلام الإباحية وسهولة الوصول إلى مادتها، بسبب الأنترنت وتكنولوجيا الاتصالات، يخلف أضرارا كبيرة على نفسيات الشباب وسلوكهم تجاه المرأة… ضرر انتشار المواد الإباحية على الشباب لا يقف عند إثارة الغرائز، وجعل الجنس بضاعة بدون إحساس ودون مشاعر. أكثر من هذا، المادة الإباحية وصناعة البورنوغرافيا ترفع الاحترام عن العلاقات الجنسية، وتجعل من جسم المرأة بضاعة يمكن أن تمتد إليها يد الرجل بسهولة حتى دون إحساس بالطابع الجرمي للتحرش، مادامت عقول الشباب مملوءة بالجنس الإباحي المحيط بهم، ومادام المجتمع يتسامح مع المتحرش، بل ويلتمس له العذر أحيانا كثيرة، فإن التحرش يصبح جريمة آمنة من كل عقاب.
ثالثا: انتشار القراءة السلفية والوهابية المنغلقة للدين الإسلامي في المغرب نتيجة اتساع قاعدة السلفيين بالمملكة، ونتيجة انتشار القنوات الدينية والمواقع الممولة من الخليج، هذه القراءة الحرفية للدين بعقلية بدوية لها مشاكل كبيرة مع المرأة، فهي لا ترى للنساء من دور إلا كونهن أداة متعة، أو مصدر غواية، أو آلة لإنتاج الأطفال، أو خادمات في البيت، ولهذا يكبر الشاب في جو ثقافي و«ديني» لا يعطي قيمة للمرأة، ولا يستحضر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم معها في البيت والمسجد، وفي السلم والحرب، وفي أمور الدين والدنيا. يكبر شبابنا اليوم في وسط لا يكن احتراما عميقا للمرأة، ومن ثم تدفعه هذه النظرة الذكورية المغلفة بغشاء ديني إلى استسهال الاعتداء الجنسي عليها مادامت أقل إنسانية من الذكر، ونظرا إلى أن التمييز ضدها ليس مجرما قانونا ولا عرفا ولا ثقافة.. تمنع السلطات في السعودية المرأة من السياقة ليس خوفا عليها من السيارات الأمريكية والكورية والألمانية.. لكن لتمنع المرأة من الحركة والعمل والتنقل والاندماج، ومن ثمة احتمال أن تخرج عن سيطرة الرجل وتحكمه بها وبمصيرها، وللأسف، السلطات السعودية تساير المؤسسة الدينية هناك، بل وتشجعها على تصدير هذا النموذج إلى البلدان العربية الأخرى. هذه المؤسسة الوهابية هي نفسها التي تصدر إلى المغرب الدعاة والكتب والأشرطة والقنوات الدينية والفتاوى المعلبة التي يروجها هذا الفكر الذي أصبحت له علامات بارزة في الثقافة الدينية والواقع المغربيين. الفكر الوهابي يخاصم المغاربة مع نمط تدينهم البسيط والعميق في الوقت نفسه، فالتدين السلفي المنغلق يفصل المظاهر عن الجوهر، والمقاصد عن النص، والإنسان عن الواقع، ولهذا يتناقض هذا الفكر مع المدرسة المغربية في التدين التي تربط الدين بالمعاملات، والشعائر بالقيم، والطقوس بالأخلاق، والإنسان بالبيئة، وفي الأخير تردد هذه المدرسة الحديث النبوي الشريف: «الدين المعاملة».
هذا ورش كبير مفتوح لإنصاف المرأة في مجتمعنا، والبداية من القانون، والنهاية بالتربية والتوعية والتأهيل والتحسيس في المدرسة والتلفزة والأنترنت. لا أعرف ما السبب الذي جعل الحكومة تجمد مشروع قانون مناهضة العنف ضد النساء، الذي سيساعد على تطوير منظومة حماية المرأة في مجتمعنا، خاصة إذا تبعته شرطة خاصة ومؤهلة لملاحقة المتحرشين وأعداء الجنس الناعم في المجتمع الخشن.. ستكون «سبة» في وجه الحقاوي إذا غادرت منصبها دون أن يرى هذا القانون النور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنسان ناعم في مجتمع خشن إنسان ناعم في مجتمع خشن



GMT 22:29 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

أمام القلعة

GMT 22:24 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

من سيحكم سوريا؟

GMT 22:22 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

سوريا: أفراحٌ... وهواجس

GMT 22:18 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

سقط الأسد... بدأت المعركة «الأصعب»

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

«فتح» سوريا وتمنِّى السلامة

GMT 22:10 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

دمشق التى رأيت

GMT 22:08 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

حق اللجوء الإنسانى!

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد رمضان يكشف أسباب تقديمه الأعمال الشعبية
المغرب اليوم - محمد رمضان يكشف أسباب تقديمه الأعمال الشعبية

GMT 02:13 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

المخرجة الكويتية فاطمة الصفي بإطلالات أنيقة

GMT 05:05 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أهم المواصفات المميزة للفئة الثامنة الجديدة من "بي إم دبليو"

GMT 09:05 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "فولفو" ترغي في عدم استخدام البنزين في عام 2019

GMT 10:03 2018 الثلاثاء ,14 آب / أغسطس

نادي اتحاد الخميسات ينقذ الطاووس من العطالة

GMT 07:08 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

دراسة تؤكد أن رسوم الأطفال مرتبطة بمستوى الذكاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib