رسالة 4 شتنبر…

رسالة 4 شتنبر…

المغرب اليوم -

رسالة 4 شتنبر…

توفيق بو عشرين

نحن الموقعون أسفله المواطنون الناخبون الذين اختاروا المشاركة في اقتراع الرابع من شتنبر لاختيار عمداء المدن ورؤساء الجماعات القروية والحضرية ورؤساء الجهات الجديدة، لقد اختار بَعضُنَا مرشحه بإيعاز من ضميره، واختار البعض الآخر مرشحه بإيعاز من جيبه. لقد صوت بَعضُنَا على الحزب، وصوت بَعضُنَا على الشخص. لقد ذهب بَعضُنَا إلى صندوق الاقتراع ثقة في العملية السياسية الجارية منذ 2011، وذهب بَعضُنَا ثقة في وعود ابن الحي أو القبيلة أو العشيرة. لقد صوت بَعضُنَا عقابا لأحزاب المعارضة، وعلى رأسهم البام والاستقلال والاتحاد، وصوت البعض الآخر لمكافأة أحزاب الأغلبية، وعلى رأسهم العدالة والتنمية. لقد مر يوم الجمعة الماضي في أجواء حضارية في المدن الكبرى. ومر متوترا في المدن الصغرى، حيث كان المال يجوب الشوارع بحثا عن أصوات عائمة، لكن في كل هذا الجو، هناك رسائل بعثناها إلى من يهمهم الأمر وأهمها ما يلي:

الرسالة الأولى إلى الدولة تقول إن الشعب صوت بأغلبية 53٪ في هذه الانتخابات، تعبيرا عن ثقة 7.5 مليون مواطن في هذه العملية السياسية التي انطلقت في 2011 مع الحراك المغربي، وإن 3 ملايين، انضافت إلى اللوائح الانتخابية في المراجعة الاستثنائية الأخيرة، وهذا رقم قياسي رفع الهيأة الناخبة لأول مرة في المغرب إلى 15 مليون ناخب، ومازال 11 مليون مغربي آخر غير مسجل في هذه اللوائح، وهذه الفئة المقاطعة أو المتفرجة أو غير المقتنعة تحتاج إلى محفزات أكبر لتضع يدها في الطنجرة. فكروا في الأمر قبل حلول موعد 2016.

الرسالة الثانية لأحزاب المعارضة، الاتحاد والاستقلال والبام. لقد أخرجتكم أغلبية الناخبين في المدن من المجال الحضري إلى المجال القروي، أو بتعبير صريح، لقد طردتكم الفئات الوسطى من المدينة حيث السياسة والثقافة والاقتصاد العصري ومظاهر التمدن، رغم أنكم كُنتُم تديرون مدنا مهمة طيلة ست سنوات، وكانت أمامكم الفرصة للتصالح مع المواطنين في الجماعة والمقاطعة والمدينة، لكنكم لم تفعلوا. خسر فؤاد العمري طنجة، وخسرت المنصوري مراكش، وخسر شباط فاس، وخسر ولعلو الرباط، وخسر ساجد الدار البيضاء، وخسر الاتحاد أكادير، وخسر الأحرار سلا، وخسر البام مكناس والمحمدية…

لقد تحول الاتحاد الاشتراكي مثلا من حزب مديني إلى حزب قروي، من حزب للطبقة الوسطى إلى حزب للأعيان، يقوده بلفقيه بائع الغزوال في كلميم، الذي نحج لوحده في الحصول على المرتبة الأولى في باب الصحراء، فيما حصل الحزب على صفر مقعد في مجالس المدن الكبرى…هذا عقاب على نهج سياسي، وعلى نمط من القيادة، وعلى شكل من أشكال المعارضة البهلوانية…

الرسالة الثالثة لحزب العدالة والتنمية وتقول إن الفئة الناخبة في المدن أعطتك الأغلبية المريحة في طنجة وفاس القنيطرة ومكناس وتازة والدار البيضاء والمحمدية وأكادير وسلا وتمارة وأرفود والعرائش…وأعطتك المرتبة الأولى في الرباط ومراكش وتطوان، وفي مدن كثيرة. أعطتك حوالي 80٪ من ثروة المغرب، ليس اقتناعا بالضرورة بخطك الإيديولوجي، لكن لتختبر الطبقات الوسطى خطابك الإصلاحي، ونواياك المعلنة، وقدرتك على إدارة المدن التي تعيش مشاكل وصعوبات وأعطابا بلا حصر، فلم يسبق لحزب أن اكتسح المدن، مثلما فعل «المصباح» هذا الشهر، وهذا سيف ذو حدين: إما أن ينجح بنكيران وفريقه، فيتربعون على عرش صناديق الاقتراع لمدة عشر سنوات أو أكثر، وإما أن يفشلوا، فتصبح المدن هي المقبرة الكبيرة لشعبية الحزب.

النجاح في إدارة كل هذه المدن، التي سيطر عليها «المصباح» اليوم، يتطلب أكثر من نظافة اليد وطيب النوايا وذكاء التواصل. النجاح في إخراج المدن من الفوضى العارمة، التي تتخبط فيها، يتطلب كفاءات كثيرة، ومشاريع طموحة، وقرب دائم من الناس، وقدرة جبارة على حل المشاكل، وقدرة أكبر منها على البحث عن الموارد، وشجاعة في خوض معارك مع الوزارة الوصية، ومجهودا جبارا في تغيير أنماط التدبير والتسيير والتخلص من فائض جيوش الموظفين، الذين يثقلون كاهل ميزانيات المدن. وإنها مسؤولية ثقيلة جدا وصبر الناس قليل وغضبهم سريع..

الرسالة الرابعة إلى النخبة السياسية، مفادها أن يوم الرابع من شتنبر هو يوم ولادة (التصويت السياسي من جديد)، خاصة في كبريات المدن، في انتظار تحرير البوادي من قبضة الأعيان والمال السياسي. يجب على الطبقة السياسية أن تعي أن زمن التحكم إلى زوال، وأن خطاب الإصلاح من أعلى سلطة في البلاد نزولا إلى رئيس الحكومة، فالحكومة فالأحزاب ثم الإعلام فالمجتمع المدني… كل هذا خلق ثقافة سياسية جديدة، وسلوكا انتخابيا جديدا، عنوانه أن الصوت الانتخابي أصبح مسموعا، والورقة في الصندوق الشفاف أضحت سلاحا للجزاء أو للعقاب، وأن 2016 لن تخرج عن هذه الحقيقة، وأن الأحزاب والكائنات الانتخابية التي مازالت تراهن على هدايا وزارة الداخلية، وعلى سلطة المال فاتها القطار،  فهذا أمر انتهى في المدن على الأقل، وسينتهي قريبا في البوادي بفعل الوعي، أو بفعل الديمغرافية التي تنقص من البادية، وتزيد في المدن. لهذا فلن يدوم إلا المعقول، وبه وجب الإعلام والسلام…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة 4 شتنبر… رسالة 4 شتنبر…



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib