عيد ميلاد الملك شموع وحلوى وسياسة ومستقبل

عيد ميلاد الملك.. شموع وحلوى وسياسة ومستقبل

المغرب اليوم -

عيد ميلاد الملك شموع وحلوى وسياسة ومستقبل

توفيق بو عشرين

يُطفئ الملك محمد السادس غدا شمعته الثانية والخمسين، كما أطفأ الشهر الماضي شمعته السادسة عشرة في الحكم. ما عاد الملك شابا ولا حكمه جديدا، صار ملكا على عرش يمتد إلى أربعة قرون. محمد السادس أصبحت له اليوم حصيلة في الحكم، وأسلوب في إدارة البلاد، وبصمة في سياستها، وعنوان يبعث إليه الشعب رسائل الرضا والغضب، التأييد والمعارضة، التصفيق والاحتجاج.. هذه هي سنة الحياة، لكن الملك الذي يحكم اليوم حقق نسبة شعبية كبيرة تقترب من تلك التي كانت لجده محمد الخامس، وتبتعد عن تلك التي كانت لوالده الذي كان ملكا للمغرب، فيما محمد السادس أصبح ملكا للمغاربة، كما يقول مصطفى السحيمي. ملك كان همه الأول محاربة الفقر والتهميش والفوارق الاجتماعية طيلة 16 سنة من حكمه، ولهذا الغرض قطع مئات الآلاف من الكيلومترات في الأركان الأربعة لمملكته، وزار مناطق لم تطأها أقدام الملوك الذين سبقوه، ودشن آلاف المشاريع والمبادرات الاجتماعية، لكنه في آخر خطاب له -خطاب العرش- صدم الرأي العام عندما قال له إن 12 مليون مغربي في القرى والمدن مازالوا ضحية الفقر والتهميش، أي ثلث سكان المغرب، وإن البلاد محتاجة إلى مبادرة وطنية جديدة للتنمية البشرية كلفتها 52 مليار درهم، وإن فواكه النمو والأوراش الكبرى لا تصل بالتساوي إلى كل أفراد الشعب. النخبة التقليدية، في الحكومة كما في المعارضة، كعادتها، حملت الدفوف، وبدأت تعزف اللحن نفسه، ولم تطرح السؤال المقلق حول أفضل الطرق لرتق ثقوب الجلباب المغربي، وأفضل السبل لجعل عجلة التنمية تدور دون أن تضطر العصا الملكية إلى تحريكها طوال الوقت. لقد جربنا محاربة الفقر والتهميش بأسلوب الرعاية السامية من الأعلى، ألم يحن الوقت لتجريب خطة أخرى لإخراج ثلث سكان المغرب من نفق الهشاشة عن طريق بناء مؤسسات قوية، ومحاربة الفساد، وتغيير نمط الاقتراع، ومراجعة مركزية الحكم؟

عيد ميلاد الملوك ليس احتفالات وشموعا وهدايا وحلويات وتبريكات فقط.. عيد ميلاد الملوك مناسبة أيضا لقراءة سيرهم، وكتابة قصصهم في السلطة، وإعادة تركيب سنوات عمرهم فوق سبورة الحاضر والمستقبل بموضوعية وجرأة. عمر الجالس على عرش المغرب ليس أياما وأسابيع وسنوات تسقط من شجرة حياته فوق الأرض.. عمر الجالس على العرش مرتبط أيضا بحياة شعبه ومستقبل أمته ومصير مواطنيه.

في الصورة العامة للفوضى التي تضرب المنطقة العربية يظهر المغرب جزيرة معزولة في بحر ظلمات العرب. لقد نجح القصر مع النخبة السياسية التقليدية، قبل أربع سنوات، في المرور بسلام من عين العاصفة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة وأسقط حكاما ورؤساء وأنظمة ودولا، لكن هذا العبور الآمن من الحراك المغربي كان مقابل وعد ملكي بتحول ديمقراطي تدريجي في المملكة، شهد عليه الدستور الجديد وخطاب التاسع من مارس، وإذا كانت السياسة لعبة بلا ضمانات، وصراعا دون عقود تأمين، كما قال شيخ الاشتراكيين، عبد الرحمان اليوسفي، مرة للاتحاديين الذين طالبوه بالحصول على ضمانات من القصر على نجاح تجربة التناوب التوافقي، فإن السياسة أيضا هي فن التكيف مع العصر، والقدرة على استشراف المستقبل، ومهارة تجنب الدخول إلى العواصف. بلادنا مازالت عند عتبة النادي الديمقراطي مرة تخطو خطوة إلى الأمام، ومرة ترجع خطوة إلى الوراء. المخزن الذي يقاوم التغيير لم يمت، والعادات السيئة للسلطة لم تندثر، والدولة أحيانا تقاوم حتى إرادة الجالس على العرش، لأن أي شخص، مهما كانت سلطته وإرادته وحسن نيته، لا يمكن أن يحكم لوحده أو يقرر في كل شيء. كل مرة يخترع المخزن عدوا جديدا لتأجيل المطالب الديمقراطية، بالأمس كان اليسار وأحلامه الحمراء، وقبله كانت الحركة الوطنية وطموحها للهيمنة على القصر، واليوم هناك الإسلاميون وهلالهم الأخضر المتهم بالسعي إلى الهيمنة على الجميع… دائما هناك عدو وهمي يغطي على عدو حقيقي، وهذا العدو هو الخوف من الشعب، والخوف من الحرية، والتردد في الحصول على العضوية الكاملة في نادي الديمقراطيات الحديثة، لكن الأمل مازال قائما، أو كما يقول المثل الإيطالي: «روما لم تبن في يوم واحد».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد ميلاد الملك شموع وحلوى وسياسة ومستقبل عيد ميلاد الملك شموع وحلوى وسياسة ومستقبل



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib