لماذا صوت الأغنياء على بنكيران

لماذا صوت الأغنياء على بنكيران؟

المغرب اليوم -

لماذا صوت الأغنياء على بنكيران

توفيق بو عشرين

بنكيران كسب قلوب الأغنياء، و(المرفحين) صوتوا للعدالة والتنمية في 4 شتنبر، كما صوتوا على نفس الحزب في 2011.. هذا لم يعد احتمالا أو (كليشيها) أو دعاية. هذه حقيقة تكشف عنها أرقام مكاتب التصويت في الأحياء الراقية، حيث يسكن الأغنياء والأطر والنخبة التجارية والصناعية والتيكنوقراطية في الدوائر الانتخابية، حيث الفيلات والمساكن الفاخرة والشقق الكبيرة نجد حزب بنكيران يحصد أغلبية الأصوات، وبفارق ضعفين وثلاثة أضعاف عن الحزب الثاني، وهذا ما جعل المصباح ينير جل المدن الكبيرة من الدار البيضاء إلى الرباط إلى فاس، فطنجة، فتطوان وأكادير ومراكش والقنيطرة وسلا وتمارة والمحمدية…

حزب بنكيران حصل على مليون ونصف المليون صوت، لكن جلها أصوات الطبقة الغنية والمتوسطة اللتين تعيشان في المدن والحواضر الكبيرة. وإذا كان الصوت في عرف القانون واحدا، سواء أكان في البادية أم في المدينة، في حي كاليفورنيا بالدار البيضاء، كما في دوار أنفكو في ميدلت، فإن الصوت الانتخابي من الناحية السياسية والسوسيولوجية يختلف. ذلك أن السياسة تُصنع في المدن، والقرار يطبخ في الحواضر، والمستقبل بيد الفئات الأكثر تأثيرا في الاقتصاد أو في السياسة أو في الشارع، وكل هذه المستويات موجودة للأسف في المدن لا في القرى.
الأحداث الكبرى في تاريخ المغرب كانت في المدن والتظاهرات التي غيرت السياسة في البلاد كانت في المدن. والأحزاب التي كانت مؤثرة في مسار الأحداث، كانت أحزاب الطبقة الوسطى، لا أحزاب البوادي التي لم تتحرر بعد من قبضة الفقر أو الخوف من السلطة أو الحاجة إلى الأعيان…

كريم التازي واحد من نادي البرجوازية المغربية والذي ساهم في كسر عقدة (المرفحين) من الإسلاميين، إذ يقول في تفسير هذا الميل لدى الأغنياء للتصويت على المصباح: (قطاع كبير من الأغنياء صوت لحزب بنكيران لسببين:
أولا، لقد بدأت عقدة البرجوازية تنحل تجاه الإسلاميين، وبدأ الخوف الذي زرعه المخزن في نفوس البرجوازيين اتجاه هؤلاء الإسلاميين في الاندثار. كان المخزن يقول للأغنياء: (ديك البيرة والشراب والميني جيب ديالكم هزكوم الما فيها إذا نجح الإسلاميون في الوصول إلى السلطة)، أي أن المخزن كان يخيف البرجوازية بموضوع الحريات الفردية، لكن الآن، وبعد أربع سنوات على وجود حزب العدالة والتنمية في الحكم، اتضح أنه لا يهدد هذه الحريات الفردية، في حين أن الطبقات الشعبية ماعندها كسار في موضوع الحريات الفردية).
أما السبب الثاني الذي دفع البرجوازية للتصويت على المصباح، فهو حسب التازي دائما: (هو حفاظ حكومة بنكيران على التوازنات الكبرى للمالية العمومية، وتقليص حجم صندوق المقاصة الذي كان يسبب العجز في الميزانية. البرجوازية صوتت لبنكيران لأنه أنقذ المغرب من سيناريو اليونان).

محمد الناجي، السيوسيولوجي، الذي لا يمكن اتهامه بالتعاطف مع الإسلاميين يقول في تفسير ظاهرة تصويت (بوكو حبة) على العدالة والتنمية فيقول: (العامل الديني لا يفسر الاختيارات السياسية لهذ الفئات التي لا تعتبر من الفئات الوفية للمساجد أو للخطاب الديني، الذين صوتوا للعدالة والتنمية. صوتوا للحزب الذي يندد بالفساد، والذي يدعي محاربة الاستبداد… المقاولون المتوسطون والصغار هم البرجوازية الحقيقية التي تتصارع مع الحيتان الكبيرة في عالم المال والأعمال، هؤلاء هم الذين يتجاهلهم النظام وتزدريهم الأبناك. صوتوا للعدالة والتنمية كي يطهر عالم الأعمال من الفساد والرشوة والمحسوبية، الاقتصاد هو من دفعهم لبنكيران، لا الإسلام).

هذه نماذج من التحليلات موجودة في تفسير واحدة من رسائل الاقتراع الحالي، رسائل محملة بدلالات كبيرة غير تلك التي يسوقها محللو التلفزيون والأقلام التي تدبج الآراء حسب الطلب…
تصويت الأغنياء والطبقات العليا في المجتمع على أحزاب معارضة أو لأحزاب مستقلة عن السلطة ليست ظاهرة جديدة. لقد رأيناها مع الاتحاد الاشتراكي أيام كان قوة سياسية كبيرة، وأيام كان الحزب مشروعا طموحا لتحديث الدولة والمجتمع، أيام كان الاتحاد اتحادا، كان الأغنياء والطبقات الوسطى يعطون صوتهم لحزب بوعبيد، وكان ذلك يغيض الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يعلق على ذلك بمرارة قائلا: (كيف تأكل البرجوازية مع النظام، وتصوت ضده. هذا أمر غير مفهوم تماما).

نعم، البرجوازية المغربية مازالت تخاف من الدفاع عن الديمقراطية، ومازال بعضها يأكل مع النظام وينتقده، وهي تعرف أن مصالحها الآنية مع السلطة، لكنها تعرف أن مصالحها البعيدة مع الاستقرار. وجوهر الاستقرار هو الديمقراطية، ومركز الديمقراطية هو المشاركة، ولب المشاركة أحزاب قوية قادرة على تأطير الشارع، وتستطيع الصعود بمطالب القاعدة إلى القمة. أحزاب بمستطاعها تنشيط التناوب الذي يجدد دماء النظام، أي نظام ملكي كان أو جمهوري…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا صوت الأغنياء على بنكيران لماذا صوت الأغنياء على بنكيران



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib