الأكيد الوحيد في حرب غزّة

الأكيد الوحيد في حرب غزّة...

المغرب اليوم -

الأكيد الوحيد في حرب غزّة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لم يعد سرّاً أن بنيامين نتنياهو غير مستعد لوقف حربه الوحشية على الشعب الفلسطيني. يعود ذلك لسببين على الأقل. يُختزل السبب الأول بمعرفة «بيبي» أنّ وقف الحرب سيعني سقوط حكومته واضطراره إلى مواجهة محاكمة في ضوء تهم بالفساد الموجهة إليه. ستودي به هذه المحاكمة إلى السجن، خصوصاً بعد فشله في تمرير مجموعة من الإصلاحات في الكنيست بهدف جعل السلطة القضائيّة في أسر السلطة التنفيذية، أي في أسر حكومة يسيطر عليها أقصى اليمين الإسرائيلي، وهي حكومة تعتقد أنّ هناك فرصة لتصفية القضيّة الفلسطينية.

تفعل ذلك من دون أخذ في الاعتبار لوجود شعب فلسطيني. هذا الشعب حاضر على أرض فلسطين أكثر من أي وقت، إضافة إلى أنّه بات موجوداً بقوّة على الخريطة السياسية للمنطقة والعالم.

يستحيل إزالة الوجود السياسي الفلسطيني عن خريطة الشرق الأوسط. هذا ما أثبتته الأحداث طوال 75 عاماً، أي منذ قيام دولة إسرائيل. ظهر ذلك جليّاً من خلال حرب غزّة بكلّ معانيها وأبعادها.

مع اختلاط العامل الشخصي المرتبط بوضع «بيبي» ومستقبله بسياسات اليمين الإسرائيلي المؤمن بتصفية القضيّة الفلسطينية. في ظلّ هذه المعطيات، لا بدّ لحرب غزّة أن تطول، خصوصاً أنّ لا وجود لهدف سياسي واضح يستطيع المجتمع الدولي فرضه في مرحلة ما بعد وقف الحرب.

أمّا السبب الثاني الذي يجعل حرب غزّة مرشّحة لأن تطول، فيعود إلى أنّ إسرائيل نفسها، بكلّ مكوناتها، شعرت للمرّة الأولى أنّ الحرب التي تخوضها في غزة حرب حياة أو موت بالنسبة إليها.

تعرف إسرائيل أنّ هزيمتها أمام «حماس» في غزّة تمثّل النهاية بالنسبة إليها. بكلام أوضح، تحولت حرب غزّة إلى مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى إسرائيل التي تجد نفسها للمرّة الأولى في وضع لا تحسد عليه.

لا تستطيع المؤسسة العسكرية التي تمثّل العمود الفقري للكيان الإسرائيلي خسارة حرب غزّة، لا لشيء سوى لأن نهاية هذه الحرب من دون انتصار واضح يعتبر هزيمة للجيش الإسرائيلي ستكون لها تداعياتها على تماسك المجتمع كلّه.

ما لا مفرّ من الاعتراف به في نهاية المطاف أن حرب غزّة، في ضوء الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي، جعلت كلّ إسرائيلي يفقد الثقة بجيشه وبقدرة هذا الجيش على حمايته.

ثمّة إدراك أميركي لهذا الواقع الإسرائيلي. في الولايات المتحدة أيضاً إدارة مأزومة لا تستطيع فرض إرادتها في المنطقة، بما في ذلك على إسرائيل نفسها حيث عاد «بيبي» إلى استخدام نبرته العالية في رفض ما يقترحه الرئيس جو بايدن، خصوصاً في ما يخصّ خيار الدولتين.

يرى رئيس الحكومة الإسرائيلية أن الوقت يعمل لمصلحته وأنّ بايدن، الذي يواجه مشاكل داخلية كبيرة قبل عشرة أشهر من الانتخابات الرئاسيّة، سيكون عاجزاً عن ممارسة أي ضغوط عليه. هذا ما يفسّر، إلى حدّ كبير، الرفض الأميركي المستمرّ لفرض وقف للنار في غزّة وذلك الإصرار على استمرار تلك الحرب، لكن على نار هادئة!

يبدو الأوروبيون بدورهم في وضع المأزوم. لا تمتلك أوروبا أي وسيلة ضغط على إسرائيل. كلّ ما يطرحه الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مؤتمر سلام للشرق الأوسط لمعالجة مرحلة ما بعد حرب غزّة، لا قيمة له ما دام لا وجود لدور أوروبي فعّال على الأرض في وقت تواجه دول القارة العجوز تهديداً روسياً مباشراً فرضته حرب أوكرانيا.

اللافت أن الصين تقف موقف المتفرّج على الرغم من أن لحرب غزّة وحروب إيران الرديفة لها، خصوصاً سعيها إلى تعطيل الملاحة في البحر الأحمر عبر الحوثيين، تأثيراً على المصالح الصينيّة.

لكنّ الواضح، أن الصين اعتمدت سياسة الانتظار وعدم الذهاب بعيداً في إزعاج إيران ما دام كلّ ما تفعله «الجمهوريّة الإسلاميّة» يسبّب حرجاً للإدارة الأميركيّة الحاليّة.

ترى الصين في حرب غزّة فرصة لتصفيّة حساباتها مع الولايات المتحدة من دون عناء يذكر...

«حماس» نفسها في وضع المأزوم. شنت هجومها، الذي سمته «طوفان الأقصى»، من دون أفق سياسي واضح فلسطينياً.

قضت «حماس» بالفعل على السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة وكشفت مدى ترهّل هذه السلطة ومؤسساتها والحال التي تعاني منها «فتح». لعلّ أكثر ما يدل على أزمة «حماس» رغبتها في الاستمرار في حكم غزّة على الرغم من كلّ الدمار الذي لحق بالقطاع. هناك شيء اسمه منطق اللامنطق اعتمدته «حماس» التي اعتقدت أن «وحدة الساحات» بقيادة إيران مشروع سياسي قابل للحياة.

يصلح هذا المشروع السياسي لتحقيق هدف واحد هو تدمير المجتمعات العربيّة من جهة والاستثمار في تحقيق نجاحات إيرانية على حساب القضيّة الفلسطينيّة من جهة أخرى.

يبقى أخيراً أن لا وجود لدولة عربيّة مستعدة لخوض حرب مع إسرائيل حسب توقيت تفرضه «حماس». لكلّ دولة عربيّة حسابات خاصة بها. لكلّ دولة عربيّة، بما في ذلك مصر والأردن، مثل هذه الحسابات الخاصة التي لا يمكن أن تلتقي مع حسابات «حماس» التي في أساسها تحالف بين الإخوان المسلمين والنظام القائم في إيران!

حرب غزّة مستمرّة إلى إشعار آخر. لا يوجد من يستطيع وقفها في عالم فقد توازنه... ومنطقة لا يجد فيها نظام مثل النظام السوري، ارتكب في حقّ شعبه جرائم تفوق ما ارتكبته إسرائيل في حقّ الفلسطينيين، حرجاً في إعطاء دروس في الوطنيّة والدفاع عن فلسطين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأكيد الوحيد في حرب غزّة الأكيد الوحيد في حرب غزّة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:35 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

رامز جلال يكشف عن اسم برنامجه الجديد في رمضان 2025
المغرب اليوم - رامز جلال يكشف عن اسم برنامجه الجديد في رمضان 2025

GMT 20:42 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 13:39 2023 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

أغماني يُحذر من آثار حرب غزة على قطاع السياحة المغربي

GMT 08:19 2021 الإثنين ,03 أيار / مايو

مواصفات وأسعار فولكس فاجن تيجوان موديل 2021

GMT 01:51 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

شركة جينيسيس تقدم أول إنتاجها من موديلات SUV الفاخرة

GMT 07:40 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مناقشة رواية "الخواجا" في نادي التجاريين بالقاهرة الأربعاء

GMT 13:22 2019 الخميس ,29 آب / أغسطس

"بريتيش موتور" تطرح أول سيارة مينى موريس

GMT 22:33 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

مكياج عروس بالوان ترابية خاص بالمحجبات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib