كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

المغرب اليوم -

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

عاجلاً أم آجلاً، سيجد لبنان نفسه أمام الاستحقاق الكبير المتمثّل في الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي لا يزال يحتلّها في الجنوب. ليس واضحاً، أقلّه إلى الآن، هل من مصلحة لدى «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في تحقيق هذا الانسحاب أم سيحاول الطرفان، وهما في الواقع طرف واحد، الاستثمار مجدداً في الاحتلال الإسرائيلي للأرض اللبنانية.

يثير كلّ أنواع المخاوف رفض نعيم قاسم، الأمين العام الجديد لـ«حزب الله» التصالح مع الحقائق اللبنانية الراهنة. في مقدّمة هذه الحقائق أن الدولة اللبنانية لا تستطيع لعب الدور المطلوب منها في إعادة الإعمار قبل زوال الاحتلال وسلاح الحزب في الوقت ذاته. في هذا السياق، لا مفرّ من التفكير بطريقة سليمة مع ما يعنيه ذلك بالاعتراف بأن لا وجود لطرف عربي أو دولي على استعداد للمساهمة في إعادة الإعمار في غياب نزع شامل لسلاح الحزب في كلّ الأراضي اللبنانيّة. أكثر من ذلك، لا يمكن للبنان أن يعود دولة طبيعية في ظلّ دولة داخل الدولة تمتلك قرار الحرب والسلم.

يوجد واقع لا يستطيع الحزب تجاوزه مهما مارس من عمليات هروب إلى الأمام. يعني هذا الواقع المتمثل بالهزيمة الساحقة الماحقة أمام إسرائيل وما حلّ بقرى وبلدات جنوبية وفي ضاحية بيروت الجنوبية والبقاع بأن عليه الاعتراف بأن جنازة حسن نصرالله بمثابة طيّ لصفحة تتجاوز حدود لبنان. إنّها صفحة لبنانية طويت مثلما طويت معها صفحة ذات بعد إقليمي كان فيها الحزب، بصفة كونه لواء في «الحرس الثوري» الإيراني، ذراعاً مسلّحاً لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» في العراق وسوريا واليمن أيضاً...

يطرح طي هذه الصفحة السؤال الأهمّ المتعلق بالثمن الذي على «حزب الله» دفعه من أجل إعادة إعمار الجنوب، هذا إذا كان يريد ذلك بالفعل، بدل تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية ما ترتب على قرار فتح جبهة الجنوب. هذا القرار، إنّما اتخذته «الجمهوريّة الإسلاميّة» وفرضته على الحزب في ضوء حسابات خاصة بها مرتبطة باستغلال «طوفان الأقصى» إلى أبعد حدود من أجل تحقيق صفقة أميركيّة - إيرانيّة.

ليس طبيعياً تصرّف الحزب بالطريقة التي يتصرّف بها رافضاً أخذ علم بأنّه وقّع، بواسطة الرئيس نبيه بري، اتفاق استسلام أمام إسرائيل. يرفض الحزب تنفيذ بنود هذا الاتفاق الذي أوقف الحرب على لبنان، وهي حرب افتُعلت، بحجة «إسناد غزّة» من دون إدراك للنتائج التي ستترتب عليها. بنود الاتفاق واضحة كلّ الوضوح. كلّ ما على نعيم قاسم عمله قراءة النص والعمل بموجبه لا أكثر كي يتأكّد أنّه من غير المسموح لإيران بإرسال طائراتها إلى مطار رفيق الحريري في بيروت. ليس مسموحاً أيضاً التفريق بين سلاح الحزب في شمال الليطاني أو جنوبه...

يظلّ الأهمّ من ذلك كلّه تلك الحقيقة التي يرفض الحزب استيعابها، حقيقة أن سوريا تغيّرت. سيحتاج قادة الحزب، بدءاً بنعيم قاسم إلى وقت طويل لإدراك معنى التغيير السوري المتمثّل في سقوط النظام العلوي في سوريا. سقط، مع النظام السوري، حلف الأقليات الذي في أساسه خلق علاقة متميزة ترعاها إيران بين شيعة لبنان والنظام الأقلّوي السوري. لم تعد سوريا، منذ فرار بشّار الأسد إلى موسكو، جسراً لتمرير السلاح إلى لبنان ولا منطلقاً لتغيير طبيعة الطائفة الشيعيّة التي حولّها «حزب الله» إلى ميليشيا مذهبيّة استطاعت في مرحلة معيّنة وضع اليد على مفاصل الدولة اللبنانية.

متى يقتنع «حزب الله» بأن لا خيار آخر أمامه غير مواجهة الواقع المتمثل بأنّ إسرائيل هزمته وأن على لبنان دفع ثمن هذه الهزيمة في حال كان يريد بالفعل انسحاباً من الجنوب وإعادة إعمار ما هدمته حرب «إسناد غزّة»؟

توجد شروط لإعادة الإعمار لا يستطيع لبنان تجاوزها بأي شكل. إنّّها شروط عربيّة ودولية في الوقت ذاته. لن تزيل الشروط اعتداءات على القوة الدوليّة في جنوب لبنان ولا تظاهرات على طريق مطار بيروت أو مزايدات على الرئيسين جوزف عون ونواف سلام... ولا طائرات تحط في بيروت آتية من مطارات إيرانيّة!

متى يقتنع الحزب بأن إيران لم تكن يوماً جمعية خيريّة وأنّها جعلت لبنان، بتفاهم مع النظام السوري، يضيع كلّ الفرص التي كانت في متناوله منذ ما يزيد على أربعين عاماً من أجل إنقاذ نفسه، بمن في ذلك أهل الجنوب، وتفادي الوصول إلى الكارثة التي وصل إليها؟

بكلام أوضح، وفّر اتفاق 17 أيار للعام 1983 فرصة أمام لبنان. لم يكن الرئيس أمين الجميّل، خائناً عندما عمل من أجل الوصول إلى هذا الاتفاق مع إسرائيل. استند الجميّل إلى قانوني بارز هو البروفسور أنطوان فتال الذي أشرف بدقة وجدارة على الجانب القانوني في الاتفاق فحافظ على حقوق لبنان كاملة. الخائن الحقيقي كان حافظ الأسد الذي توصل في العام 1974 إلى مذكرة تتضمن نقاط تفاهم مع وزير الخارجيّة الأميركي، وقتذاك، هنري كيسينجر. تتضمن المذكرة التي وقعها كيسينجر وعبدالحليم خدّام كل الضمانات الأمنية التي طلبتها إسرائيل في الجولان المحتل في مقابل المحافظة على النظام العلوي في سوريا. كان ذلك، وليس اتفاق 17 أيار، «عقد الإذعان» الحقيقي أمام إسرائيل...

ليس مطلوباً من «حزب الله» في أيامنا هذه سوى التفكير في كيفية الإفساح في المجال أمام الدولة لاستعادة الأرض اللبنانية المحتلة جراء جريمة حرب «إسناد غزّة». ثمة ثمن مطلوب دفعه بدل اللجوء إلى مزايدات لا طائل منها. ثمة حقيقة لا مفرّ من قبولها. فحوى الحقيقة هذه أن على لبنان الترحم على 17 أيار... الذي قد يكون على الحزب الحلم به. هل الذهاب إلى مثل هذا الحلم ما زال ممكناً؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار



GMT 14:34 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

جيمس قبل ترمب

GMT 14:31 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

أكاذيب

GMT 14:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 14:25 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

ساعات عصيبة على لبنان... وربَّما على المنطقة

GMT 13:58 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

مستر «إكس»

GMT 13:55 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

أسئلة رمضان

GMT 13:51 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

عملية الثلاثين مليونًا

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:26 2012 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

لوفاتو تخطف الأنظار في حفل"IHEARTRADIO

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 10:43 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

أسعار النفط تغلق على تراجع بأكثر من 1% في ختام التعاملات

GMT 01:24 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

أشرف بنشرقي في القاهرة للتعاقد مع الأهلي

GMT 18:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

إنستغرام يختبر ميزة "أبرز القصص" لتحسين تجربة المستخدم

GMT 17:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«آبل» تعمل علي تطوير بعض أجهزتها وطرحها في 2025

GMT 04:55 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الجيش الملكي بفوز فوزا ثمين على مانييما الكونغولي

GMT 01:32 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

التشكيلة المثالية للجولة 18 من البطولة

GMT 17:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

يوتيوب يواجه مقاطع الفيديو المضللة لحماية المستخدمين

GMT 18:05 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هاكرز يستهدفون تطبيق واتساب في أكبر أسواقه

GMT 01:40 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

فوز مغربيان في مجموعة واحدة من دوري أبطال إفريقيا

GMT 18:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ميزة "الدردشة معنا" من واتساب خاصية جديدة للمستخدمين

GMT 10:07 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

تداولات الافتتاح في بورصة الدار البيضاء

GMT 01:20 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

المغرب الفاسي يبشر بيع تذاكر مباراة الديربي

GMT 10:17 2025 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

نادي نهضة بركان يقوي الصفوف أمام الجيش الملكي

GMT 13:41 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:16 2025 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

تشكيلتا نهضة بركان والجيش الملكي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib