إيران وروسيا في سورية صعوبة فك الارتباط

إيران وروسيا في سورية... صعوبة فك الارتباط

المغرب اليوم -

إيران وروسيا في سورية صعوبة فك الارتباط

بقلم : مصطفى فحص

كشف الهجوم الذي تشنه فصائل المعارضة السورية شرق العاصمة دمشق على محور (القابون ­ جوبر ­ كراجات العباسيين) عن هشاشة الواقع الأمني والعسكري للنظام في العاصمة السورية دمشق٬ بعدما انهارت دفاعاته في ساعات الهجوم الأولى٬ مما اضطر القوات الروسية إلى التدخل واستخدام سلاح الطيران بكثافة٬ بهدف وقف تقدم الثوار. وبعيداً عن نتائج هجوم المعارضة المفاجئ٬ يشكل التراجع السريع لقوات النظام انتكاسة استراتيجية لموسكو٬ التي تعمل منذ فترة على إعادة تأهيل ما في العديد٬ الأمر الذي فرض على موسكو الاستعانة الدائمة بمقاتلين تابعين للميليشيات الإيرانية٬تبقى من وحدات عسكرية موالية للأسد٬ وهي وحدات تعاني نقصاً كبيراً

بغطاء جوي روسي٬ وقائع جعلت من أمام عجز قوات النظام عن تحقيق أي تقدم ميداني حتى لو كان مرفقاً أمراً ملحاً حيث أصبحت الحاجة لهذه الميليشيات المدربة جيداً أن الوجود الإيراني في دمشق وريفها في دمشق٬ شبه مستحيل. فقد باتت موسكو تعي جيداً فكرة تخلي موسكو عن الدور العسكري الإيراني في سوريا٬ وخصوصاً ضرورة من أجل مساعدة النظام على الصمود في هذه المرحلة الانتقالية٬ وبقاء العاصمة مستقرة أثناء جولات التفاوض المقبلة في جنيف أو آستانة.

الحالة السيئة لقوات الأسد زادت من حرج موسكو المطالبة من عدة جهات دولية وإقليمية بتقليص حجم اعتمادها على طهران في سوريا٬ وضرورة القيام بخطوات عملية في هذا الاتجاه كشرط أساسي من أجل الحفاظ على مصالحها في سوريا٬ وهي مطالب حملها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو الأسبوع لما سربته بعض وسائل الإعلام الروسية والعربية٬ وما كشف عنه الأستاذ عبد الرحمن الراشد في مقاله قبل أيام في صحيفة «الشرق الماضي٬ حيث لم يفلح الأخير٬ وفقاً

الأوسط» تحت عنوان «الروس لإسرائيل حول سوريا: مضطرون»٬ في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنهاء النفوذ الإيراني في سوريا٬ وقد اعتبر بوتين أن الوجود الإيراني في هذه المرحلة ضروري إلى حين الانتهاء من الحرب على «داعش»٬ الأمر الذي دفع بالقيادة الإسرائيلية إلى توسيع نطاق عملياتها الجوية فوق الأراضي السورية٬ مما تسبب في إحراج كبير لموسكو مع حليفتها طهران بعدما قام الطيران الإسرائيلي بضرب أهداف استراتيجية في تدمر وريف حمص٬ تجاوز خلالها الخطوط الحمراء التي وضعتها موسكو لتل أبيب في سوريا٬ الأمر الذي دفع الروس إلى غض الطرف عن قيام الدفاعات الجوية السورية في إطلاق صواريخ «إس200 «على الطائرات المغيرة كمؤشر على إمكانية تغيير قواعد الاشتباك. وفي الإطار نفسه٬ يرفض الكرملين مطالب أميركية بإنهاء النفوذ الإيراني في سوريا كشرط مسبق للبدء بعملية سلام سورية٬ وقد امتنع الكرملين عن تلبية مطالب إدارة ترمب التعجيزية لسببين؛ الأول حرص موسكو على تجنب مواجهة صعبة مع طهران في سوريا تمتلك الأخيرة فيها الخبرة الكافية باتشارها الواسع في كل مكان لتحويل الوجود العسكري الروسي إلى وضع لا يطاق٬ من خلال تشكيل خلايا عسكرية صغيرة تتحرك على طريقة المقاومة٬ كتلك التي أدارتها في لبنان والعراق٬ والقيام بعملية نوعية فد تكون موجعة ضد أهداف روسية٬ وهذا ما لا تريد موسكو أن تواجههن فيكفيها ما هي فيه٬ أما السبب الثاني فيعود إلى قناعة استراتيجية لدى بعض مراكز صناعة القرار في موسكو بأن إيران تمثل خط الدفاع الأخير عن روسيا٬ وبأن المصالح الروسية ستصبح مهددة في منطقة الشرق الأوسط٬ إذا استطاعت واشنطن إنهاء نفوذ طهران الإقليمي.

في هذا الوقت كشفت صحيفة «إزفيستيا» الروسية أن الجانب الروسي تناول مع الطرفين التركي والإيراني٬ في الجولة الأخيرة من مفاوضات آستانة التي جرت في 14 و15 الشهر الحالي قضية انسحاب الميليشيات الطائفية الإيرانية من سوريا. ما كشفته «إزفيستيا» يمكن وضعه في سياق حاجة موسكو الملحة إلى استمالة المعارضة السورية٬ بعدما بالغت موسكو في الضغط العسكري والمعنوي عليها٬ ووضعتها أمام خيار واحد هو الاستسلام٬ الأمر الذي أدى إلى امتناع وفد المعارضة عن حضور الجولة الثالثة من مفاوضات آستانة٬ تحت ذريعة عدم وفاء موسكو في تعهداتها٬ كما أن هذا التسريب لا يخلو من رسائل إيجابية تجاه تل أبيب٬ التي رفعت من وتيرة التحدي في الساعات الأخيرة٬ وعادت واستهدفت مواقع داخل الأراضي السورية٬ ورفعت من حدة تهديداتها للبنان وسوريا.

بسحب التفويض المعطى لروسيا في سوريا قد اتخذ٬ إذ انقلب غياب واشنطن عن آستانة من تهميش لها إلى إضعاف للمؤتمر٬ بينما أميركياً مما لا شك فيه أن قراراً يستمر جنيف بشروطه الغربية في الحد من طموحات موسكو وتحويل ما تعتبره انتصارات ميدانية إلى هزائم سياسية.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وروسيا في سورية صعوبة فك الارتباط إيران وروسيا في سورية صعوبة فك الارتباط



GMT 11:49 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

قاليباف... عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان

GMT 17:50 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

ذاكرة لأسفارنا الأليمة

GMT 18:41 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إيران... بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً

GMT 17:46 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

طهران ــ تل أبيب... مسار التصعيد

GMT 13:06 2024 الجمعة ,27 أيلول / سبتمبر

إيران لا تريد الحرب

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib