النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية

النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية

المغرب اليوم -

النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

نجحت حركة الاحتجاجات المستمرة في إيران، منذ 13 أسبوعاً، في فرض واقع دولي جديد في كيفية التعاطي مع النظام الإيراني في ملفات داخلية وخارجية، فعلى ما يبدو أنَّ دولاً غربية أساسية معنية قد تخلت عن مرونتها المعتادة منذ عقود، والتي وصلت إلى حد «الميوعة السياسية» في تعاطيها مع النظام الإيراني. وتتجه حالياً نحو مراجعة مقارباتها السابقة في الملف النووي وغير النووي بعدما تسببت طائرات النظام المُسيرة بتهديد الأمن الجماعي الأوروبي أولاً، أما ثانياً فلم يعد بإمكان القادة الغربيين صمّ آذانهم عن سماع هتافات الشابات والشبان في ساحات وشوارع المدن الإيرانية وهم يطالبون بالحرية والعدالة الاجتماعية، هتافات تبناها صُناع الرأي العام الدولي وتضامنوا معها، فتحولت إلى رأي عام داخلي في بلدانهم، لذلك لم يعد بإمكان القادة الغربيين، خصوصاً في واشنطن وبعض عواصم القرار الأوروبي، إهمالها.

فما يمكن اعتباره شبهَ دليل يثبت أن المسألة الإيرانية قد أصبحت رأياً عاماً محلياً في الولايات المتحدة، شريط الفيديو المُسرب للرئيس الأميركي جو بايدن بتاريخ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في تجمع انتخابي لمناصري الحزب الديمقراطي، عشية الانتخابات النصفية الأميركية، الذي اعترف فيه أمام أنصاره بأن الاتفاق النووي مع إيران قد مات.
الإقرار الأميركي بأن الاتفاق النووي ميت، ليس بالضرورة تخلياً كاملاً عن الدبلوماسية من أجل التوصل إلى حل، ولا يعني أنه لم يعد أمام الدول الغربية إلا الخيار العسكري، فالرئيس بايدن في التصريح نفسه أكد أن بلاده لن تعلن رسمياً عن موت الصفقة مع إيران، وهذا مؤشر على أن الأبواب لم تزل مفتوحة أمام طهران، ولكن هذه المرة بشروط مختلفة تبدأ من مُسيّراتها، ولا تنتهي بانتهاكات النظام ضد مواطنيه ولا في تدخلاته الخارجية.
جوهر ما قاله الرئيس بايدن أن النظام الإيراني لن يحصل على امتيازات الاتفاق النووي لا سياسياً ولا اقتصادياً، وكأن لسان حال البيت الأبيض أنه لا مجال لعقد اتفاق مع هكذا نظام. وهي الرسالة الأميركية الأكثر قساوة في تاريخ العلاقة الشائكة ما بين واشنطن وطهران، والتي يمكن ترجمتها بلجوء واشنطن إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لدعم المحتجين، وإضافة مزيد من الشروط على مفاوضات فيينا النووية، ما يعني أن الأوضاع في داخل إيران وفي خارجها، أي جوارها الإقليمي وما يتصل بالشأن الدولي، ستدخل مرحلة تصعيد مختلفة عما سبق، حيث لم يعد ممكناً للنظام تطويق الاحتجاجات أو إخمادها، ولا يمكن للمجتمع الدولي التكهن بتصرفات إيران وردات فعلها.
حتى الآن لم يلتقط النظام الإيراني إشارات التصعيد الغربي ضده والمرتبطة بتجاوزاته الخارجية في أوكرانيا والداخلية ضد المحتجين، وكأن وزير خارجيته أمير عبد اللهيان يعاني من حالة إنكار كامل لما يحدث في بلاده وللمقاربة الغربية الجديدة في التعاطي معهم، فعبد اللهيان عاد واستخدم لغة النظام الاستعلائية، وحاول إظهار تمسك طهران بشروطها التفاوضية، معتبراً أن الاتفاق النووي ممكن إذا راعت الدول الكبرى «خطوطنا الحمراء»، وفقاً لقوله، وعلى الأرجح أن هذا الموقف قد أثار حفيظة منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، حيث نقلت وكالة «بلومبرغ» أن بوريل قد وبَّخ إيران بسبب أوكرانيا والاحتجاجات، وأكد أنه لا يمكن استعادة الاتفاق النووي إلا بقبولها بشروط القوى العالمية.
وعليه، من جوزيب بوريل إلى روبرت مالي، صديق طهران المفترض في البيت الأبيض، وآخرين، أدار النظام أذنه الطرشاء لِما وصله على لسان مسؤولين كبار نبهوه إلى ارتكاباته الأوكرانية وجرائمه ضد المحتجين، وهما أمران دفعا روبرت مالي إلى التخلي عن دبلوماسيته وعن حرصه المعهود في الحفاظ على قنوات التواصل معه، والقول إن قادة النظام الإيراني قد سجنوا أنفسهم في دوامة مغلقة، بسبب قمع الانتفاضة الشعبية للإيرانيين ودعم روسيا في مجال السلاح، وكأنهما خطيئتان لا يمكن أن تغتفرا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية النظام الإيراني والرسائل الغربية القاسية



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib