إيران هل خرجت الأمور عن السيطرة

إيران... هل خرجت الأمور عن السيطرة؟

المغرب اليوم -

إيران هل خرجت الأمور عن السيطرة

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

وأخيراً لكن متأخراً، أدرك مرشد الجمهورية الإيرانية آية الله خامنئي أن أجهزة النظام الأمنية والعسكرية فشلت في قمع حركة الاحتجاجات، وبأن إخمادها شبه مستحيل، وحتى قرار استخدام العنف المفرط وترهيب المحتجين بأحكام الإعدام العشوائية وتحويل إيران إلى جمهورية مشانق، لم تنجح لا في ردع المواطنين ولا في إعادة تقويم النظام إلى ما قبل 16 سبتمبر (أيلول) الفائت، لذلك اضطر المرشد إلى الخروج عن صمته فيما يخص أزمة الحجاب الإلزامي، والحديث عن القمع الذي تتعرض له المرأة الإيرانية من أجهزة الدولة العقائدية، كأنها محاولة من رأس هرم النظام والثورة والدولة في احتواء الشارع قبل فوات الأوان.

يوم الأربعاء الفائت أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية رفضه استهداف غير المتحجبات بالكامل تحت ذريعة اتهامهن بمعاداة الدين والثورة، الأمر الذي يمكن عده خطوة كبيرة إلى الوراء من أعلى سلطة دينية وسياسية في إيران، فيما يتعلق بطبيعة العلاقة ما بين النظام الديني وما يُقره للمرأة من حقوق محدودة، فقد قال خامنئي أمام مجموعة من النساء الإيرانيات: «إنَ من لديهن حجاب غير كامل من بناتنا -والحجاب ضرورة لا يمكن تشويهها- أمر لا ينبغي أن يتسبب في اتهام من لا يلتزمنه، باللادينية، ومعاداة الثورة، وإن ضعف الحجاب ليس بالشيء الصحيح، لكنَه لا يجعل ذلك الشخص خارج دائرة الدين والثورة».
في تفكيك الخطاب يمكن اعتبار حديثه تراجعاً لافتاً في بُعدين؛ الأول توقيته، فقد جاء بعد 15 أسبوعاً من حركة الاحتجاجات التي انطلقت شرارتها بعد مقتل الشابة مهسا أميني تحت التعذيب على يد شرطة الأخلاق، احتجاجات منذ يومها الأول رفعت شعار «امرأة... حياة... حرية» بوجه المؤسستين الدينية والعسكرية اللتين يقوم عليهما النظام الإيراني، ولكن ما لم يدركه النظام هو أن حركة الاحتجاجات قد تجاوزت مسألة الحجاب وأن أهدافها باتت أوسع.
أما البعد الآخر فيتعلق بترتيب البيت الداخلي، الأمر الذي يدفع إلى الاعتقاد بأن الأوضاع في إيران قد خرجت عن السيطرة ولم يعد ممكناً إيقاف حركة الشارع، مما يجعل من خطوة المرشد محاولة غير مضمونة النتائج لاحتواء الأزمة، لكنها فعلياً كشفت عن أزمة عميقة داخل مؤسسات النظام لم يعد ممكناً تغطيتها. وفي هذا السياق يمكن وضع التصريح الأخير لرئيس مجلس الشورى (البرلمان) محمد باقر قاليباف يوم الأحد الفائت، عن ضرورة إصلاح نظام الحكم في جميع المجالات، وعدّه اعترافاً بفشل النظام في إدارة أزماته.
فعلياً وبعيداً عن أزمة الحجاب الإلزامي، يعكس حديث المرشد حجم الصراعات بين مراكز القوة، حيث إن موقفه في هذه المرحلة المضطربة داخلياً وخارجياً له تداعيات مباشرة على معركة وراثته وعلى المرحلة الانتقالية، فالجدل الذي سيثيره داخل أروقة صنع القرار سيعمق انقساماتها، خصوصاً أن هناك طرفاً سيتبنى موقفه من الحجاب لكي يضمن غطاء شعبياً في المرحلة الانتقالية، فيما سيتعرض الطرف الأكثر تمسكاً بالطبيعة العقائدية للنظام للحرج أمام شارعه المحافظ، وما سيحمله الشارع المقابل مسؤولية التشدد والقمع معاً. والأكثر حساسية أن موقف المرشد اللين المفاجئ في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ النظام والثورة، يعد انحيازاً لطرف على طرف أو ترجيحاً لطرف ضد طرف، وهذا ما سيدفع بالرافضين لمبدأ الليونة في موضوع الحجاب الإلزامي تحديداً إلى اعتبار موقفه انحيازاً لطرف ضد آخر، وهذه أول مرة منذ توليه منصبه خلفاً للمرشد المؤسس أن يكون خامنئي في موقف صعب يفرض عليه ألا يمسك العصا من منتصفها.
وعليه، فإن السؤال الأصعب بعد أن خرجت عملياً الأمور عن السيطرة هو: هل مطالب المحتجين محصورة فقط بالحجاب؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران هل خرجت الأمور عن السيطرة إيران هل خرجت الأمور عن السيطرة



GMT 23:25 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 19:34 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية؟

GMT 19:31 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

تغريد دارغوث إذ ترسم ضد تسليع الكارثة

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

مصر وحماس؟!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
المغرب اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 16:13 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
المغرب اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 13:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن
المغرب اليوم - التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن

GMT 18:43 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان "صقر وكناريا"
المغرب اليوم - محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:06 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

إطلالات أيقونية لملكة الأناقة رانيا العبد الله

GMT 13:41 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib