الديمقراطية ومنطق أخف الضررين
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

الديمقراطية ومنطق 'أخف الضررين'

المغرب اليوم -

الديمقراطية ومنطق أخف الضررين

احمد عصيد

تمرّ التجارب الديمقراطية في بلدان شمال إفريقيا بمحنة حقيقية، فبعد الحراك الشعبي الذي عرفته المنطقة خلال سنة 2011، وما ترتب عنه من أوضاع جديدة كان من أهم عناصرها بروز دور الفاعل الإسلامي داخل مجال السلطة وتدبير الشأن العام، بعد أن كان دوره محصورا في المعارضة، كشفت الأحداث والوقائع المتتالية عن وجود أزمة ثقة كبيرة بين الفرقاء المختلفين، سببه الرئيسي غياب تعاقد واضح مبني على الحسم النهائي في الاختيارات الضامنة  لحقوق الجميع في إطار المساواة التامة ومبدأ المواطنة.

وكان من أكبر أسباب غياب هذا التعاقد الذي ينبغي أن يتجسد في دساتير ما بعد الحراك، استمرار الآليات السلطوية السابقة سواء من خلال المؤسسات أو الدينامية الانتخابية، ورسوخ الاعتقاد لدى الطرف الإسلامي بأن الديمقراطية هي فقط "صناديق الاقتراع"، أي صوت الأغلبية الانتخابية، مفصولا عن القيم والمبادئ الضامنة لاحترام الاختلاف والتدبير السلمي للتعددية، مما جعل هذا الطرف يسعى بشكل ملحوظ إلى استعمال نتائج الانتخابات التي كانت لصالحه من أجل الاستيلاء على الدولة، وفرض توجهه الإيديولوجي بدون مراعاة حقوق الآخرين، الذين يعتبرون في الحقيقة أغلبية فعلية خارج الانتخابات (تمثل نسبة الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية المغربي مثلا مقارنة بمجموع السكان الذين لهم حق التصويت 5 في المائة، كما تمثل 26 في المائة فقط من نسبة المشاركين في التصويت).

هذا المفهوم الاختزالي للديمقراطية أدّى بشكل بارز إلى تعميق أزمة الثقة، وإدامة الصراع في الشارع، وإلى عدم استقرار بلدان ما بعد الحراك، فالطريقة التي قام بها "الإخوان" بوضع الدستور في مصر بمفردهم بعد انسحاب الأطراف الأخرى، والأسلوب الذي تعامل به حزب النهضة التونسي مع شغب السلفيين الذي أدى بشكل لم يكن متوقعا إلى اغتيال زعيمين سياسيين، والأدوار التي قام بها الإسلاميون في ليبيا، سواء منهم التيار السلفي الجهادي أو تيار "الإخوان"، والذي أدى إلى جعل إعادة بناء الدولة أمرا مستحيلا، والأسلوب الذي اعتمده حزب العدالة والتنمية المغربي في تدبير الملفات الاجتماعية والاقتصادية، والذي استعمل أساسا القبضة الحديدية واتخاذ القرارات المتسرعة، مع التظاهر بالحوار الاجتماعي وافتعال ثقافة "التشارك"، كل هذه الأمثلة جعلت حراك 2011 وما تلاه لا يفضي حتما إلى الاستقرار، بقدر ما زاد من توتير  الأجواء وأفضى إلى حالات كارثية في بلدان مثل اليمن وسوريا وليبيا، الحالات التي تجنبتها كل من مصر وتونس بأعجوبة، حيث أعطت في مصر عودة العسكر للإمساك بزمام الأمر، وأفضت في تونس إلى دستور توافقي مرحلي لا يضمن بعد استقرارا دائما ونهائيا.  

في هذه الظروف، وبوحي من التجربة المصرية بالذات، وكذلك التجربة التونسية، تبلورت لدى العديد من النخب اليسارية والليبرالية فكرة "ديمقراطية أخفّ الضررين"، وهم الإسم الذي قمتُ بإطلاقه على موقف هذه النخب من عودة الاستبداد السابق، وتفضيل ذلك على حكم الإسلاميين.

إنه مشكل يجعلنا أمام أزمة مزدوجة، أزمة المفهوم الاختزالي للديمقراطية لدى الإسلاميين، الذين لا تهمهم الديمقراطية إلا بوصفها آلية تمكنهم من ولوج دواليب السلطة والتحكم في الرقاب، وأزمة المفهوم البراكماتي الذي يبدي استعدادا للتنازل عن مبادئ الديمقراطية لصالح العسكر أو أي نظام استبدادي آخر، طلبا للنجاة من الحكم الشمولي والتيوقراطي للإسلاميين.

لقد كان تدخل العسكر بعد انتفاضة 30 يونيو 2013 بمصر إجراء نكوصيا ألقى بظلاله على التجربة بكاملها، حيث كان من الممكن إسقاط حكم الإخوان بدون هذا التدخل، بالنظر إلى حجم الانتفاضة التي اندلعت ضدهم، كما كان أمرا مأساويا أن تتسابق نخب ثقافية وسياسية لمباركة عودة العسكر إلى دواليب الحكم، عوض الحفاظ على روح انتفاضة 25 يناير 2011.

كما أن الارتياح الذي اجتاح التيارات اليسارية والليبرالية لسقوط حزب النهضة التونسي في الانتخابات الأخيرة، يخفي موقفا غامضا من عودة أنصار الرئيس بنعلي من النافذة.

لم يكن ثمة من ضحية لهذه الوقائع جميعها سوى الديمقراطية ذاتها، حيث دخل المفهوم من جديد في دائرة الغموض التي كان فيها من قبل، وساهم في ذلك الطرفان المتصارعان معا: الطرف الإسلامي الذي لم ينضج فكريا بعد ليستوعب معنى الديمقراطية، والطرف العلماني الذي لم يعد يهمّه إلا التخلص من الإسلاميين، ولو كان ذلك على حساب المبادئ الديمقراطية.

إن الديمقراطية اختيار مبدئي هدفه إنهاء الأوضاع اللاإنسانية وجعل الاستقرار حالة دائمة على أساس التدبير السلمي للاختلاف والتعددية، وليست اختيارا بين القطران والحنظل، فـ"أخف الضررين" يظل اختيارا خارج الديمقراطية. ومن تمّ فعلى المؤمنين بالديمقراطية أن يظلوا أوفياء لمبادئها أيا كان الطرف الحاكم، والعمل على ترسيخ قيمها في النفوس، لأن الهدف الأسمى ليس هو محاربة هذا الطرف أو ذلك، بل هو ضمان الكرامة للجميع، مما يستوجب أن يؤمن الجميع بجدوى هذا الاختيار الحاسم والمبدئي، وفي غياب هذا الإيمان لدى كل الأطراف، سيكون من الصعب جدا الوصول إلى موقف الحسم التاريخي المطلوب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديمقراطية ومنطق أخف الضررين الديمقراطية ومنطق أخف الضررين



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib