من يحمي النساء من عنف الفقهاء
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

من يحمي النساء من عنف الفقهاء؟

المغرب اليوم -

من يحمي النساء من عنف الفقهاء

أحمد عصيد

بين الفينة والأخرى، تنفق الدولة ملايين الدراهم في حملات التحسيس من أجل إيقاف العنف ضد النساء، سواء منه العنف المادي أو الرمزي، وهو العنف الذي يبدو أنه يزداد كلما حققت المرأة العصرية بعض المكتسبات على المستوى القانوني، حيث يبرز العنف السلوكي واللفظي في صيغ انتقامية تنتهجها العقلية الذكورية القديمة، ليس لدى عامة الناس فحسب، بل ولدى بعض النخب التقليدية أيضا، وخاصة منهم الذين يحتكرون الحديث باسم الدين، أي الفقهاء.

ومعركة الفقهاء ضد المرأة العصرية معركة طويلة كان فيها مجد الانتصار للنساء على أصحاب العمائم، لأن النساء كنّ أكثر واقعية، بينما كان الفقهاء أكثر قسوة. فبعد أن فشلوا في عرقلة خروجها من البيت، وانهزموا في منعها من ولوج التعليم في المدارس المختلطة، ولم يوفقوا في أن يلزموها بلباس معين يحددونه بأنفسهم ويشرفون على حراسته، بعد كل هذا لم يبق إلا العنف اللفظي، الهجاء والشتم والسب المقذع، وهو شيء يجيده الفقهاء لأنه ما تبقى لهم بعد أن فقدوا ما كان بأيديهم من سلطة.

يدخل في هذا الباب المقال الأخير للسيد أحمد الريسوني، فقيه التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية، والذي هو غيض من فيض.

البعض فاجأتهم وقاحة الشيخ وسوء أدبه وقلة احترامه لغيره، ولكن على من يتوقح الشيخ إن لم يكن على النساء ؟ فهنّ المرمى السهل دائما للمشايخ ودعاة التقليد وحراس المعبد والمرضى النفسيين. لكنهن بقلوبهن الكبيرة تتحملن كلّ ذلك، لأنهن يعلمن أنها صيحات احتضار التيار المعادي للإنسان وللحرية.

فبعد أن فشل المشعوذون و"الشماكريا" الذين حرضهم حزب المصباح على صنع فيديوهات مثيرة للشفقة، تستهدف كرامة النساء المناضلات، وفشل رئيس الحكومة الذي حاول إقناع النساء بأن يعدن إلى دور "الثريات" ويقرن في بيوتهن يخدمن الرجال الذين هم مركز العالم، (وهو ما لم تنفذه نساء البيجيدي اللواتي يملأن البرلمان، ومكاتب الوزراء والموظفين الجدُد، فكيف بالنساء اللواتي كن وراء هذه النهضة الاجتماعية منذ عقود طويلة)، بعد أن فشل هؤلاء وأولائك في إسكات صوت المرأة الحرة، انبرى الشيخ بنفسه للقيام بالمهمة، فلم يكن أقل ركاكة من السابقين عليه، ولا أكثر حكمة وروية للأسف.

ماذا قال الشيخ ؟ صبّ جام غضبه على النساء اللواتي لا يرضى عنهن أي (نساء الحداثة) بأن صنفهن إلى أصناف حددها ـ لا فضّ فوه ـ على الشكل التالي:

1) "المواشي المعلوفة المحبوسة، التي يتم تسمينها للبيع والإيجار لكل راغب وطالب".

2) "المشغولات بعرض أشعارهن وصدورهن وفتاحتهن ومؤخراتهن وعطورهن وحليهن..".

3) "صنف يستعمل لتأثيث الأسواق والمطاعم والمتاجر ومكاتب الاستقبال".

4) "صنف مرطبات للرؤساء والمدراء وكبار الزوار".

5) صنف "الفنانات" ويخصص غالبا لتجميل "الفنون" القبيحة الرديئة وستر قبحها ورداءتها."

هؤلاء هنّ "نساء الحداثة" والعهدة على الشيخ، لنحاول فهم ذهنية الرجل على ضوء ما تقدم:

ـ سوف يلاحظ القارئ أن ما غيبه الشيخ كليا هو عقل المرأة وشخصيتها، فهي لديه مجرد جسد لا غير، فالعلف والشعر والصدر والمؤخرة والعطر والحلي والتأثيث والمرطبات هو معجم الشيخ في الحديث عن النساء، وما يخفيه هذا الخطاب هو إصرار مرضي على إنكار عقل المرأة الذي لم يعترف الفقهاء منه إلا بالنصف: "ناقصات عقل". فالمرأة "عورة" ينبغي سترها ولفها في أنواع القماش وتسييج مناطق حديثها وظهورها ومشيها وشكل لباسها وهذا ما يفسر المقال كله. فعندما لا تكون المرأة إلا جسدا فإن معجم الحديث عنها لن يتعدى أسفل الحزام.

ولسنا ندري أين سيضع الشيخ الإحصائيات الرسمية التي تعتبر النساء في بعض القطاعات أزيد من النصف، والتي تعتبر الفتيات في الصفوف الأمامية متفوقات على الذكور بمعدلات مرتفعة، نعم متفوقات وإن بفتحاتهن وصدروهن وعطورهن وحليهن، كما أنهن بكل هذا أيضا طبيبات تضحين في مستوصفات الحضر والبادية، وفي مختبرات البحث العلمي والتقني وفي معاهد التكوين والتأهيل ولهن من العلم ما ليس للشيخ منه إلا قدر مخ البعوضة.

تقول الإحصائيات أيضا إن 20 في المائة من الأسر المغربية تعيلها نساء، ولم تقل الإحصائيات إن أولائك النساء منقبات لا يظهر منهن شيء، لأن المرأة العاملة لا وقت لديها لتختبئ وراء الخمُر والبراقع، بل تشمر على سواعد الجدّ غير آبهة بمن لا شغل لهم إلا ملاحقة أفخاذ النساء وصدورهن مثل السيد الريسوني.

ـ سوف يلاحظ القارئ أيضا أن النساء اللواتي سكت عنهن الشيخ، أي النساء القابعات في البيوت يخدمن الرجال، تعشن في وضعية صعبة بسبب تزايد العنف ضدّهن، فرغم أنهن بلا فتحات ولا صدور ولا مؤخرات ولا حلي إلا أن الإحصائيات تقول إنهن في خطر داهم بسبب ارتفاع عدد القتيلات نتيجة العنف الزوجي، ولنا أن نسأل الشيخ ملتمسين علمه وبركاته: أين كان عندما نشرت الصحف أخبار اللواتي ألقي بهن من الطوابق العليا وأخبار اللواتي تعرضن للقطار مع أبنائهن وأخبار اللواتي سقطن في الآبار مع صغارهن ؟ لماذا لم يقل الشيخ كلمة واحدة في حقهن ؟ وما قول الشيخ في اغتصاب العاملات في معامل السردين وفي الحقول وهن بلا فتحات ولا مؤخرات ولا حلي ولا عطور ؟ وما قول الشيخ في النسبة المهولة للمطلقات وهن بعد طفلات دون السن القانونية للزواج ؟ الجواب واضح وهو أن فقه القرون الوسطى مبني على مصالح الرجال لا النساء، والمرأة تخدم الرجل حتى آخر رمق، وعليها أن تمنحه متعة أن يراها تموت بطريقة وحشية.

ومن الأمور الغريبة في مقال الشيخ أنه استكثر على النساء أن يخترن بأنفسهن لباسهن وحليهن وتسريحات شعرهن حيث اعتبر كل ذلك بتوجيه من الرجال الذين يفتحون للنساء "أبواب جهنم"، سيكون صعبا للغاية أن نشرح للشيخ أن المرأة العصرية شخص قائم بذاته يوجد بذاته لا بغيره، وإنسان حُرّ يختار ولم يعد يساق كالأنعام.

يبدو أن الشيخ قد قضى في العربية السعودية من الوقت أكثر مما ينبغي، حتى أنكر على بنات وطنه لباسهن ونشاطهن، وما دام الشيخ يحلم بمغرب تلبس فيه النساء البرقع والخمار فلماذا لا يتعض بواقع الحال في السعودية، حيث بسبب غلو الفقهاء من أمثاله أصبح الإلحاد والاستهتار بالأديان ظاهرة متفشية بشكل كبير في أوساط النساء والشباب. ولماذا لا يزور الشيخ بلدا مثل إيران ليكتشف ما يخفيه "التشادور" الأسود الذي صارت له شهرة عالمية ؟

وعلى ذكر "أبواب جهنم"، أعتقد أن الشيخ وأصحابه في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد فتحوا فعلا أبواب جهنم منذ مدة، عندما أفتوا لشباب المسلمين بجواز القتال والمقاتلة في سوريا والعراق، حتى عرضوا بلدانهم جميعا لخطر الاضطرابات والأعمال الإرهابية، فكانوا كمن أشعل النار ثم هرب بعد أن تعاظم شواظها.

وإلى أن تحلّ الهزيمة القادمة بالريسوني ومن معه في قضية المرأة، ندعو لهم جميعا بالهداية وحسن المآل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يحمي النساء من عنف الفقهاء من يحمي النساء من عنف الفقهاء



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib