ضربة شمس
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

ضربة شمس

المغرب اليوم -

ضربة شمس

بقلم : جمال بودومة

للفرنسيين علاقة غريبة مع الشمس. يقضون السنة وهم يفتشون عنها، وعندما تأتي ينقلبون عليها، ينهالون عليها باللعنـات، ويتفــــــرغون لشـــــتم الصيـف و«الكانيكــــول»، خصــــوصا من لم يحالفه الحظ في عطلة على الشاطئ أو فوق الجبل. كثير منهم يعتصم في بيته ولا يغادره أبدا. ينتظر أن تمر موجة الحر بأمان، كي يستعيد عاداته وحياته التي تتحول إلى ساعات طويلة من التأفف والحقد على الطقس والسماء، كما هو الحال هذه الأيام.

عندما تمر موجة الحرارة، ويختفي الصيف، تستعيد الشمس “وضعها الاعتباري”، ويعود الفرنسيون للتعامل معها باحترام كبير، كأنها حيوان على طريق الانقراض. الكل يخاف أن تفوته رؤيتها، الكل يترقب ظهورها كما يترقب الأطفال هلال العيد. يتابعون النشرات الجوية، ويفتشون عن حالة الطقس في التلفزيون والجرائد والمواقع الافتراضية، وتسمعهم يخبرون بعضهم البعض عن اليوم الموعود الذي ستخرج فيه الشمس، كما لو كانوا يتحدثون عن “ظهور العذراء”. في اليوم الموعود تتغير ملامحهم. تبدو أكثر إشراقا. يخرجون إلى الساحات والحدائق زُرافات ووِحْدَانا، بملابس خفيفة ونظارات شمسية وأمزجة رائقة، بعضهم يدفع عربة أطفال في اتجاه الحدائق والجسور، على ضفاف السين، والكنال سان مارتان، وحدائق الليكسمبورغ…حيث ينظمون نزهات لطيفة، مع وجبات خفيفة ومشروبات منعشة.

من الصعب على شخص قادم من الشمس أن يتعود على هذه الطقوس، حتى لو قضى نصف عمره هنا. عندما كنا في الجامعة، كان “تيراس” مقهى الكلية في الصيف ينقسم تلقائيا إلى قسمين: قسم مشمس يجلس فيه الفرنسيون والأوروبيون، وقسم ظليل يجلس فيه العرب والأفارقة. أعتقد أن السنوات الأولى من عمر الإنسان تكون حاسمة في علاقته مع الطبيعة. نحن القادمون من الضفة الجنوبية، نتخبأ بمجرد ما نرى الشمس، لأننا نخاف من ضرباتها الغادرة، وربما كنا نخشى الضوء، لأننا تعودنا على حياة الكهوف.

باريس رائعة في الصيف، لكن سكانها لا يتوقفون عن التعبير عن حنقهم في كل الفصول، حتى فرحة الفوز بالمونديال لم تنتصر على الرياضة الأكثر شعبية في فرنسا: التأفف… الفرنسيون أبطال العالم في رياضة التأفف من كل شيء ولأبسط الأسباب. وأكثر ما يزعج خلال السنوات الأخيرة هم المتسولون. شحاذون من كل الأعراق والأجناس والبلدان يطلبون سيجارة أو قطعة نقود. الأكثر ذكاء يعرضون شيئا ما مقابل ما يطلبون: لحن مكسر من قيثارة قديمة، أغنية بصوت رديء تزيد من بشاعته حشرجة مكبر الصوت الرخيص، قصائد ركيكة، دليل المطاعم الأكثر شعبية في باريس…  المهم أنهم يعرفون أن العلاقات بين الناس أخذ وعطاء، Donnant donnant، كما يقول أهل البلاد. حتى وإن كان ما يعطيه بلا أي قيمة، المهم هو المبدأ.

عندما تغرق في دوامة الشغل، تصبح المدينة مجموعة من محطات المترو، تمر تحتها وأنت ذاهب للعمل أو عائد إلى البيت. كثيرون يقضون عمرهم في الجري من حفرة لحفرة كي لا يفوتهم القطار، وعندما يصلون يكتشفون أن القطار الحقيقي فاتهم فعلا.

يكفي أن تقرر الخروج من النفق والمشي على الأرض، كي تستعيد الأمكنة فِتنتها. تكتشفها أكثر مما تتعرف عليها. وهناك فرق بين أن تتعرف على المكان وأن تكتشفه. الشعور القوي الذي ينتابك وأنت ترى المكان أول مرة ليس نفسه، الذي تحسه وأنت تعود إليه. الاكتشاف أبو الدهشة. لا أحد شرح الفرق بين “اكتشاف” المكان و”التعرف عليه” أفضل من الكاتب الراحل خوان غويتيسولو.  المبدع المراكشي قال ذات يوم بأسلوبه الساحر إنه لم يعد “يكتشف” ساحة جامع لفنا، بل “يتعرف عليها” فقط. عندما اكتشفها للمرة الأولى ألف رائعته “مكبرة”. الجملة في هذا الكتاب تعادل آلاف الصور الملتقطة من كل الجهات، محركها “الاكتشاف”، الذي يستفز الحواس ويفتح كل أبواب الخيال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضربة شمس ضربة شمس



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib