“لحيس الكاپة”
وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن عمر يُناهز 81 عاماً بعد مسيرة فنية امتدت لعقود مظاهرة في واشنطن دعماً للفلسطينيين واللبنانيين الذين يتعرضون لهجمات إسرائيلية مكثفة حصيلة قتلى ومصابي الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية منذ بدء العمليه البرية باتجاه قرى جنوب لبنان آلاف الأشخاص يتظاهرون في مدريد ومدن أخرى حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات تضامن مع قطاع غزة ولبنان غارة إسرائيلية استهدفت منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية اللبنانية وزارة الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر إلى 41 ألفا و825 شهيداً و96 ألفاً و910 مصاباً منظمة الصحة العالمية تُعلن أكثر من 6% من سكان قطاع غزة استشهدوا أو أصيبوا في عام منظمة الصحة العالمية تُعلن إخلاء 3 مستشفيات جنوب لبنان والادعاءات الإسرائيلية لا تبرر استهدافها منظمة الصحة العالمية تؤكد 73 موظفاً بالقطاع الصحي اللبناني استشهدوا جراء الاعتداءات الإسرائيلية اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي
أخر الأخبار

“لحيس الكاپة!”

المغرب اليوم -

“لحيس الكاپة”

بقلم - جمال بودومة

كان الشعراء القدامى يمدحون السلاطين ليحصلوا على النقود، يتهافتون على التقرب منهم بالكذب والبهتان ولحس الأحذية، ويصوغون احتيالاتهم في أبيات طويلة لا تخلو غالبا من سحر، مما جعل الناس يردّدون أن “أعذب الشعر أكذبه”. في تلك القرون العمودية، كان المتملقون يبذلون جهدا خطيرا في تزييف الحقائق واختلاق الأكاذيب وتدليك العواطف، ليستحقوا مكافآتهم. وقد نظّر المتنبي لعلاقة “البيع والشراء” التي تربط الشاعر بممدوحه في إحدى أشهر قصائده:

“جودُ الرجال من الأيدي وجودُهُمُ… من اللسان فلا كانوا ولا الجودُ”.

يعني “أعطني وأمدحك”، أو بالعربية الفصحى: “هاك وارا ما فيها حزارة”…

أبو الطيب المتنبي قال كلاما جميلا في حق كافور الإخشيدي، حاكم مصر ذو البشرة السوداء في القرن العاشر الميلادي، ورجانا أن نصدّقه:

“وإن مديح الناس حق وباطل… ومدحك حق ليس فيه كِذابُ”

لكن عندما لم يمكّنه “أبو المسك” – كما سمّى كافور في أشعاره الأولى – ممّا أراد، شتمه كأي نذل بأبيات تقطر حقدا وحقارة:

“لا تشترِ العبد إلا والعصا معه… إن العبيد لَأنجاسٌ مناكيدُ”

“لا يقبض الموت نفسا من نفوسِهمُ… إلا وفي يدها من نتْنِها عودُ”!

ولو عاش المتنبي اليوم، لاستحقّ أن يجرجر أمام المحاكم بتهمة العنصرية. قبل كافور الإخشيدي، مدح الشاعر الذي “ملأ الدنيا وشغل الناس”، سيف الدولة الحمداني وكثيرا من الحكام والميسورين، طمعا في المال والسلطة، وعندما لم يحصل على ما أراد، هجاهم جميعا، وظل يفضحهم ويشتم أمهاتهم إلى أن “قتلوا أمّه” في إحدى المرّات!

أيام كان الشعر لسان العرب، كان السلاطين يتسلون بالشعراء وأكاذيبهم، وإذا أعجبتهم القصيدة يقولون للخدم: “أعطوه ألف دينار”. في المغرب، حتى نهاية التسعينيات من القرن الماضي، كان “الشعراء” يذهبون إلى الإذاعة والتلفزيون في الأعياد الوطنية كي يمدحوا ويمجّدوا “صاحب الصولة والصولجان”، ويجترّوا عبارات جاهزة من قبيل: “السؤدد” و”قرّ عينه” و”بزغ العلا”، مقابل حفنة من الدراهم… لحسن الحظ أن هؤلاء المتملقين اختفوا مع الحسن الثاني، مثلما اندثر عشرات المغنين الذين تجشؤوا علينا آلاف الأغاني التي سمّيت ظلما بـ”الوطنية”، ما عدا بعض الاستثناءات!

هل اختفى المدّاحون والمتملقون حقا؟ أبدا، لقد تغيرت أساليبهم فقط، وتأقلموا مع “العهد الجديد”. أليس ما كان يدبجه شعراء “عيد العرش” هو بالضبط ما يردده الصحافيون المأجورون والمحللون “المقتدرون”، ومن يدور في فلكهم من الطبالة والغياطة والعياشة… عقب كل خطاب ملكي؟ الفرق الوحيد أن موهبتهم أقل وفصاحتهم أضعف وكلماتهم أبشع و”جبهتهم” أعرض، تصلح لكسر اللوز… دون أن ننسى جلّ قادة الأحزاب والسياسيين الذين، حتى حين يكون النقد موجها إليهم كما في خطاب عيد العرش الأخير، لا يترددون في إخراج أدوات “النجارة” لـ”تثمين ما جاء في الخطاب الملكي السامي”… بدل التحلي بالشجاعة وتقديم استقالتهم، كما فعل إلياس العماري، في خطوة تستحق التنويه أيا كانت خلفياتها الحقيقية.

ما أشبه اليوم بالبارحة، مع فرق في البلاغة والشعر. أبيات مديح من أجل ألف دينار وافتتاحيات تملقية من أجل الإشهار أو حفنة نقود تحت الطاولة. قصائد عصماء، تقابلها “مقالات رأي” تقطر كذبا وتملّقا لأغراض لا تخفى على أحد. يمدحون كل من يملك سلطة أو نفوذ أو مال، ويهجون من يرفض تمكينهم من الإشهار، ويكذبون على القرّاء وعلى أنفسهم. يكذبون حتى على الملك، ويدّعون “الدفاع عن العرش” و”الذود عن المقدسات” و”التعلّق بالأهداب”: أيّ أهداب يا أحفاد ابن هانئ الأندلسي؟ وابن هانئ – لمن لا يعرفه – شاعر آخر كذّاب، قال ذات يوم للمعز لدين الله الفاطمي:

“ما شئت لا ما شاءت الأقدار… فاحكم فأنت الواحد القهارُ!”

“وكأنما أنت النبي محمد… وكأنما أنصارك الأنصارُ”

ابن هانئ الأندلسي كان موهوبا على الأقل، المشكلة مع ابن “هاني… وعندك تنساني!”

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“لحيس الكاپة” “لحيس الكاپة”



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:18 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»
المغرب اليوم - ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 23:10 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد ورق الغار للصحة

GMT 06:52 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي عل الألوان التي يمكن تنسيقها مع " الأخضر" في الديكور

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

استئنافية وجدة ترجئ النظر في قضية "راقي بركان"

GMT 00:38 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مواليد برج "العقرب" يتميزون بذاكرة قوية وشخصية قيادية

GMT 10:47 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

الامهات في اول يوم دوام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib