اعتراف في زمن الجحود
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

اعتراف في زمن الجحود

المغرب اليوم -

اعتراف في زمن الجحود

بقلم - جمال بودومة

إذا تأملنا المشهد الأدبي المغربي عن كثب، نجد أن الإقصاء خصوصية محلية، والوقاحة رياضة شعبية، والنرجسية خصلة إبداعية… ورغم أن عدد القراء ضئيل، وحاضر الكتاب مؤلم ومستقبله مظلم، فإن الكتّاب المكرسين يرفعون الشعار نفسه: «أنا وحدي مضوي البلاد»، فيما يخوض مجموعة من المبدعين الصاعدين حرب عصابات ضد بعضهم البعض، وقلة قليلة خلدت إلى الصمت تراقب ما يحدث بامتعاض. البعض يصرف جهده الرئيس في عرقلة ظهور الآخرين في الأمسيات واللقاءات والمجلات والتلفزيون ودور النشر، وآخرون حولوا الثقافة إلى صفقات مشبوهة مع الخليجيين، والبعض لا يكفيه التطاول على الكتاب الأحياء كي يجلب إليه الانتباه، فيلجأ إلى التعريض بالموتى وطمس ذكراهم. لحسن الحظ أن الكاتب مولاي أحمد المديني يصدر، بين الفينة والأخرى، «تكذيبا» من المكتبة الوطنية على شكل لقاء أدبي يثبت أن الاعتراف ممكن في زمن الجحود وأن النسيان ليس قدرا مغربيا. بعد أحمد المجاطي ومحمد زفزاف، اختار صاحب «ممر الصفصاف» أن يستعيد ذكرى عبدالمجيد بنجلون، «الكاتب الوطني»، كما جاء في عنوان المؤلف الجماعي الذي خصص لصاحب «في الطفولة». المبادرة تستحق التصفيق، لأنها انتصار لثقافة الاعتراف على الجحود واستحضار لأشخاص لا يليق بهم النسيان.

عبدالمجيد بنجلون كاتب استثنائي، وُلد في الدار البيضاء، ورحل إلى إنجلترا في سن الخامسة. كان والده تاجر نسيج، قادته تجارته إلى الاستقرار في مانشستر. فقد أمه مبكرا، وعاش صدمة ثقافية حادة حين قررت أسرته العودة إلى فاس، بعد أربع سنوات عند الإنجليز. درس في الكتّاب قبل أن يلتحق بالقرويين، ثم يسافر إلى القاهرة التي عاش فيها عقدين من الزمان، درس في جامعتها وكتب في صحافتها، وساهم في تأسيس «مكتب المغرب العربي» وشغل أمانته العامة، وكان من بين من ساهموا في تهريب الأمير عبدالكريم الخطابي من السفينة التي كانت تقله من جزيرة «لا ريينيون»، إلى جنوب فرنسا وتوقفت في ميناء السويس بمصر… كثير ممن درسوا الآداب في الثمانينيات والتسعينيات يتذكرون نصوص عبدالمجيد بنجلون التي كانت مقررة في المناهج التعليمية، «وادي الدماء» و»في الطفولة» على الخصوص، ولعل بعضهم يحمل ذكريات سيئة عن هذه المؤلفات لأنهم قرؤوها مجبرين. حين تصبح المطالعة واجبا مدرسيا تفقد كثيرا من جاذبيتها. نحن الذين درسنا في الشعب العلمية، وربطتنا علاقة غير رسمية بالأدب، نملك ذكريات اجمل مع عبدالمجيد بنجلون، لأن قراءتنا كانت حرة، بعيدا عن الإكراهات الأكاديمية. إذا كانت القراءة بمثابة «الزوجة» عند طالب الآداب، فإنها «عشيقة» عند من يدرس العلوم! عشقنا كتابات عبدالمجيد بنجلون، لأنه مختلف عن بقية الأدباء المغاربة. هناك عفوية وصدق في أسلوبه الأدبي، وتفرد في مساره الحياتي. مغربي عاش صباه في إنجلترا إبان عشرينيات القرن الماضي، وقرر أن يضع طفولته في كتاب. ترأس تحرير «العلم»، أقدم جريدة مغربية، واشتغل في السلك الدبلوماسي، قبل أن يتفرغ للصحافة والكتابة. مع مبدعين معدودين على رؤوس الأصابع، جعلنا بنجلون نشعر بالفخر لأننا أيضا نملك أدباء يمكن أن نضعهم جنب طه حسين وإحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وسهيل إدريس… وسيبقى «في الطفولة» – مع «الخبز الحافي»- من أجمل ما كُتب في السيرة الذاتية مغربيا. أوتوبيوغرافيا متحررة من قيود زمنها، يحكي فيها الكاتب طفولته بين مانشستر وفاس، بسلاسة قلما نصادفها. النصوص المكتوبة وقتها كانت عصية على الهضم، لغتها مقعرة أو متخمة بالمجاز أو «الفذلكات» البلاغية أو غارقة في الوعظ الديني والأخلاقي. قوة «في الطفولة» أنها تجعلك تسافر في مغرب العشرينيات والثلاثينيات برؤية طفل أوروبي من أصول مغربية، في لغة بسيطة وأسلوب سهل ممتنع.


 
تدور الأحداث بين فاس ومانشستر، حيث كانت تعيش جالية مغربية مهمة في مستهل القرن العشرين، غالبيتهم من الفاسيين الذين يشتغلون في تجارة النسيج. الطفل يتحدث عما يحدث حوله بكثير من السذاجة، مما يضفي على السرد مُسحة ساخرة، ويمنحه جرعة من التشويق والمتعة. المغرب اسمه «مراكش» والحياة في إنجلترا هادئة ومرتبة، بخلاف ما عليه الأمر في «مراكش». عكس الإنجليز، «المراكشيون» يتحدثون بصوت مرتفع، ويحركون أيديهم كأنهم يتشاجرون. يكتشف الصبي خشونة الحياة في مجتمع محافظ، تسيطر عليه التقاليد العتيقة والنزعة الذكورية. لكن عبدالمجيد لا يتمرد على الأسرة والمجتمع، كما صنع إدريس في «الماضي البسيط»، رواية إدريس الشرايبي التي تقدم المغرب القديم نفسه، بحنق أكبر. بنجلون والشرايبي يشتركان في نقد التقاليد البالية، التي كانت تعيق تطور المغرب القديم، بنبرتين مختلفتين.

يحضرني نص في أحد مقررات «قراءتي» الابتدائية، مقتبس من سيرة بنجلون، يسلط الضوء على العلاقة بين البطل وأخته. البنت التي أخرجت من بيئتها ولم تجد مكانا بين الأولاد، ثم مرضت وماتت قبل الأوان. بخلاف الصبي، لم تستطع الطفلة «الإنجليزية» الاندماج في المجتمع الذكوري الذي أعيدت قسرا إليه. في الوقت الذي وجد الصبي مكانه بسهولة وسط أقرانه وأبناء عمومته. الأخت انطوت على نفسها ودخلت في عزلة، إلى أن أُصيبت بمرض فتاك وذهبت إلى السماء. أحد المقاطع المؤثرة في الرواية هي لقطة الطفل وهو يعانق أخته الميتة. بعد العناق ينهض شخصا آخر تماما، عركته الحياة. عبدالمجيد بنجلون جعلنا نفهم مبكرا أن المرأة كائن هش وثمين، إذا لم نعرف كيف نتعامل معه سنفقده إلى الأبد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتراف في زمن الجحود اعتراف في زمن الجحود



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib