“أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية”
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

“أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية”؟

المغرب اليوم -

“أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية”

بقلم - جمال بودومة

تسابق عبدالفتاح السيسي مع نفسه وفاز بولاية رئاسية جديدة. كي نكون دقيقين، لم يتنافس الماريشال مع نفسه، بل كان معه مرشح آخر، لكنه بدل أن يحشد الناخبين لصالحه دعاهم إلى التصويت على غريمه، في موقف مازال يحير المراقبين والمحللين وعلماء السياسة، الذين لم يسبق لهم أن شهدوا مثله منذ اختراع النظام الانتخابي في عهد الإغريق. أحفاد الفراعنة رواد في كل شيء، حتى في هذه تفوقوا على العالم بأسره، مثلما تفوقوا في علاج مرض “السيدا” بواسطة اللحم المفروم. “الكفتة” التي كنّا نشاهدها مع “الكباب” في الأفلام والمسلسلات، باتت تستعمل لعلاج مرض المناعة المكتسبة، في بلد فقد مناعته الفكرية على نحو درامي، منذ عودة العسكر إلى سدة الحكم، على جثث “الإخوان المسلمين”!
المصريون شعب مدهش. قبل سبع سنوات أبهروا العالم حين نزلوا بالملايين إلى “ميدان التحرير” يُطالبون برحيل حسني مبارك، قبل أن يفاجئوننا بإسقاط الرئيس الذي خرج من صناديق الاقتراع، ووضع البلد تحت “جزمة” عسكري أكثر دموية من السابق. كأن ثورة يناير لم تكن إلا “كاميرا خفية”، سقط ضحيتها شعب بأكمله. التحرك الشعبي الهائل الذي “أسقط النظام”، لم يكن أكثر من “انقلاب عسكري”. وزير الدفاع أطاح بالرئيس المدني المنتخب، ونصب نفسه حاكما مطلقا، كما يحدث في كل البلدان المتخلفة!
مائة مليون مواطن تحت حذاء عسكري. طوال أيّام الاقتراع، لم يتوقف رجال السلطة عن ترهيب المصريين البسطاء، كي يذهبوا للتصويت على المرشح، الفائز أصلا دون حاجة إلى أي صوت. وفي الوقت الذي كان فيه الإعلام المصري يتحدث عن طوابير طويلة أمام الصناديق، لم يكن المراسلون الأجانب يرون أحدا أمام مراكز التصويت. حتى إن عادل إمام ظهر في فيديو بأحد المكاتب يضع ظرفا في الصندوق ويسأل المراقب ساخرا: “هوما الناس راحوا فين؟”
شر البلية ما يُضحك. دون الحديث عن نسبة الأصوات التي فاز بها السيسي، يكفي أن تتأمل مشاهد الرقص والفرحة والحبور التي نقلتها وسائل الإعلام المصرية، كي تعرف أن “المحروسة” عاشت “عرسا” انتخابيا حقيقيا. المشكلة أن العروس مغلوبة على أمرها وتتعرض للاغتصاب منذ أربع سنوات، وتلك حكاية أخرى!
من يرفض المشاركة في المهزلة، عليه أن يختار بين السجن والمنفى. كل الأصوات المعارضة أسكتت. الثوار الذين ساهموا في إسقاط حكم “الإخوان” ذهبوا ضحية سذاجتهم. الغريب أن مثقفين على قدر محترم من النباهة، مثل علاء الأسواني، وسياسيين محنكين، مثل محمد البرادعي، وإعلاميين مرموقين، مثل باسم يوسف، انطلت عليهم الحيلة، واستعملهم العسكر كحطب في محرقة “الإخوان”!
“أم الدنيا” أم “ثكلى العواصم”؟ مصر بلد التناقضات. رائدة في كل شيء. عندما كانت العواصم العربية غارقة في التخلف والظلام والاستعمار، كانت القاهرة تنتج الفكر والأدب والجمال والأنوار والثورة. منها خرج طه حسين وروز اليوسف ويوسف وهبي ونجيب محفوظ وأم كلثوم وَعَبَد الوهاب ويوسف شاهين وفاتن حمامة وعمر الشريف وَأحمد عرابي وعَبَد الناصر… ومنها خرج حسن البنّا وسيد قطب وأيمن الظواهري ومحمد عطا… وفيها ظهر “الإسلام السياسي”، الذي تحول إلى سرطان ينتقل بـ”الميتازتاز” (Metastasis) داخل هذا الجسد العربي المنهوك. المصريون هم من أبدع “ثورة” 25 يناير و”تمرد” 30 يونيو، انتخبوا رئيسا مدنيا وأسقطوه كي يسلموا البلد إلى عسكري. شعب يعشق التزحلق من القمة إلى الحضيض!
عندما ذهبت للقاهرة أول مرة، أيام حسني مبارك، أكثر شيء أثارني بعد الفقر الذي يتجول في الوجوه والشوارع، أن غالبية النساء محجبات وأنهم يسألونك دائما إن كنت مسلما، قبل أن يسترسلوا في الوعظ وشتم الكفار. كنا في مثل هذه الأيام، التي تتميز باحتفالات “شم النسيم”، حيث يحتفل الناس ببدايات الربيع من خلال الخروج إلى الحدائق والمنتزهات كي يتفسحوا ويأكلوا “الفسيخ”، وهو “الگديد ديال الحوت”. أذكر أن سائق التاكسي سألنا إن كنا مسلمين وعندما قلنا له نعم، تحرر لسانه وبدأ يعبر عن كل مشاعر العداء التي يكن لمن يأكلون “الفسيخ”، ليس بسبب رائحته القوية، بل لأن الاحتفال بـ”شم النسيم” حرام لأنه من أعياد المسيحيين!
عندما نعود إلى النصف الأول من القرن الماضي، ونشاهد كيف كانت “أم الدنيا”، لا نكاد نصدق. عرب ويونانيون وإيطاليون وأتراك وشركس وشاميون ويهود ومسيحيون ومسلمون… يعيشون في بلد واحد، دون أن يسأل أحد أحدا عن أصله أو دينه أو هويته. أين ذهب الشعب المتحضر الذي يتنفس الفن والأدب والفكر والتسامح والحريّة؟ أين اختفت مصر؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية” “أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية”



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib