خذ الكتاب، بالمعرض والطول

خذ الكتاب، بالمعرض والطول!

المغرب اليوم -

خذ الكتاب، بالمعرض والطول

عبد الحميد الجماهري

كان الكتاب ، في الأصل ، هو مبرر خلق آدم. وكان هذا الفاصل الضروري لكي يميز لله بين الملائكة والكائنات التي لم تكن بعد قد خلقت.
لما قال سبحانه أني جاعل في الارض خليفةج، غضبت الملائكة واستنكرت وتحداها ربها بالقول: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ…
ففشلوا، ولم يكن لهم كتاب…
وربح آدم الرهان لأنه كان يملك المعلومة..كان يملك ما كتبه الله في لوحه.
هكذا كانت بداية الخلق:بالقرب من الكتاب. 
وبسبب الكتاب، سجدت الملائكة لآدم.
لهذا، كانت الديانات كلها مبنية على الكتاب. ولهذا وجد أهل الكتاب وولهذا كان الكتاب جزء رئيسيا من الايمان..
بعد لله وملائكته، تصبح كتبه الركن الثالث في الايمان. وبهذا يرد الكتاب قبل الانسان نفسه..
وحتي القدر، فهو في حكم المكتوب، وليس المعلوم المجرد!
ولهذا أيضا كان محمد أميا في القرآن الى أن أصبح له كتاب…
ولهذا أيضا، كان لا بد للرب العظيم أن يذكر نبيه بالاصل في الوجود:اقرأ
كتذكير بالأصل في الخلق، وسبب كسب الرهان من طرف آدم ضد المعارضةج الملاذكية لوجوده.
يبدو منطقيا أن يعود الخلق إلى فعله الاصل: القراءة.
ولا قراءة بدون كتاب..
وآدم ، رغم أنه من طين، فهو أعلى من المخلوقات الربانية التي جُبلت من نور.
وآدم من تراب..
والكتاب أيضا من تراب:من ورق، من شجر ، في طين أرض …
كان آدم شجرة الله زرعها في الأرض، وتبعها بالأنساب وقفاه بالكتب..
ولهذا كان الكتاب
وكانت ديانات الكتاب..
ومن لا يعترف للكتاب بهذا السمو، فهو بلا شك أدنى ولو كان من الملائكة الذين لا يعلمون الاسماء..
وولهذا أيضا كان الكتاب دليل نضج الانبياء.
ودليل المعجزة:
«وُلِد لزكريا يحيى، فلما وُلِد، قال لله له: يا يحيى، خذ هذا الكتاب بقوة، يقول: بجدّ».
ولهذا لا بد من أن يأخد الكتاب بجد، لأن الجد جزء من النبوءة.
إن سؤال الكتاب لا يغذي التفكير،إلا…إذا تجووز كوجود مادي، أي «كشيئ من بين أشياء أخرى»، كما يقول الفيلسوف الليتواني الفرنسي ليفيناس، هو الذي تغذي كثيرا من الكتاب.. 
إن الكتاب بهذا المعنى أكثر من وسيلة للنقل ، زو للتزيين.
نحن مطالبون بأن نسائل العلاقة الدينية بالكتاب !
ولا بد لنا من فلسفة للكتاب.
إن هذا «الشيء الذي يفوق الشيء» هو قرابة…وجودية في العرف اللاهوتي. 
وبهذا المعني ، تفوق الأمية وقع الغياب والجهل القراءة، إنها فضيحة وجودية، وفضيحة دينية.
وعندما يعم الجهل، بالضرورة يبتعد الدين، يقل ويترك مسافة واسعة للتطرف، لأنه قرين بالجهل.
لا يتطرف القارىء الجيد،
ولا المتدين الجيد..
يتطرف من كان قريبامن الأمية الدينية أو الأمية الملفقة .
ولهذا أيضا كان الفزاة يحرقون المكتبات
والنازيون يحرقون الكتب
والطغاة لا يقرأون
والساسة الأميون يككرهون أخل الكتاب من المثقفين..
والجلادون لا يقرأون سوى …. النوايا..
وكل كتاب جيد هو بالنسبة لهم .. عملية مسلحة.
وكل كاتب هو بالضرورة غيفاري.
وكل الانبياء … رواد فصائل معارضة.
سينتهي المعرض، وستبقى الكتب عند من بحث عنها
ثم وجدها.
سيقرأها الذي يقرأها.. 
وسيتجول بها من يتجول بها..
وستتجول به من ستتجول بها..
بعها سيسرقه من قرأه 
وبعضها الاخر سيسرق من قرأه!
بعض الكتب سيستعملها قارؤها من أجل الحرية…
وبعضها الاخر من أجل فهم نفسه..
وعليكم أن تقيسوا درجة برلمانكم، من عدد الذين يدافعون
عن التقاعد المريح
وعندما يرتاحون لا يشترون كتابا واحدا في معرض..
الذين لا يقرأون سوى طالعهم الانتخابي..
الذين يتقربون من التزكية أكثر مما يتقربون من الناخبين..
بعض الكتب سيكون مآلها الحريق
وقتها ستنير طريق كتب أخرى
وأناس آخرين..
السياسيون الذين لا يقرأون .،يفعلون أشياء رهيبة بشعوبهم
وبمناضليهم
وبتراثهم..
بعض الكتب، عندما تلتقي ببعض الرؤوس، تسمع لها طنينا:المصدر ليس دوما هو الكتاب ولو كان فارغا…
بل يكون الكتاب كشف بالاشعة السينية على الدماغ!
أما المعرض فهو تلخيص لكون شامل:علينا أن نختار الملخص الذي نريد.
ونختار…الرؤوس التي نريد.
ونأخذ الكتاب، كما يحيى، بالقوة
ونقرأها بالمعرض والطول!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خذ الكتاب، بالمعرض والطول خذ الكتاب، بالمعرض والطول



GMT 14:21 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

الكتاب جيّد... لكنْ امنعوه!

GMT 08:18 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

هل يكون الأدب حلا لمواجهة قسوة الحياة ؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib