ضربني الحيط
نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وزارة الدفاع الروسية تُعلن قصف عدد من المطارات العسكرية الأوكرانية ومراكز مراقبة للطائرات بدون طيار خلال 24 ساعة
أخر الأخبار

ضربني الحيط

المغرب اليوم -

ضربني الحيط

رشيد نيني

بعد عمر مديد اكتشف الدكتور عبد الله العروي، من علياء برجه العاجي، وفي كتاب يصدر قريبا يحاور فيه نفسه، أن من أكثر سلبيات الشخصية المغربية التهرب من تحمل المسؤولية وعدم الحسم، وأن ذلك يشكل الضرر الأكبر للمجتمع.
ولعل حالة عبد الإله بنكيران تعطي المثال الساطع على التهرب من تحمل المسؤولية، فهو عندما فشل في تطبيق وعوده لم يلق باللائمة على جبنه وقلة حيلته، بل ألقى باللائمة على العفاريت والتماسيح التي منعته من تحقيق وعوده.
وعوض أن يكون شجاعا ويقدم استقالته ويوفر على دافعي الضرائب راتبه السمين، فضل أن يبقى جالسا في كرسي المسؤولية دون أن يكون قادرا على شيء آخر غير الزيادة في أسعار كل شيء، وإثقال كاهل الطبقات الشعبية بالمزيد من الضرائب.
ولعل من أبرز الأمثلة على أن المغربي غير حاسم هو استمرار شيء اسمه «الانتقال الديمقراطي» إلى اليوم في المغرب منذ انطلاقه مع حكومة التناوب.
وإلى حدود الساعة لم يحسم المغاربة في شكل هذا الانتقال ومدته، فأصبح حالة سياسية دائمة، لا نحن انتقلنا إلى الديمقراطية ولا نحن بقينا في ما قبلها.
والواقع أن الناس أشكال وأنواع حرص الحاكمون عبر التاريخ على معرفة طبائعهم لتسهل عليهم سياستهم، ويذكر ابن الأثير في كتابه «الكامل» أن معاوية سأل أحد الخبراء بأحوال الأمصار الإسلامية عن طبيعة أهل كل بلد، فأجابه الخبير: «أهل المدينة أحرص الأمة على الشر وأعجزهم عنه، وأهل الكوفة يردون جميعا ويصدرون شتى، وأهل مصر أوفى الناس بالشر وأسرعهم إلى الندامة، وأهل الشام أطوع الناس لمرشدهم وأعصاهم لمغويهم».
وقد كان الحاكمون الذين تعاقبوا على سياسة هذه الأمصار يبحثون عن الطريقة المناسبة لإحكام قبضتهم على السلطة.
ولذلك عندما صعد عبد الملك بن مروان منبر المدينة خاطب أهل المدينة مهددا: «ألا وإني لا أداري أمر هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم قناتكم، وإنكم تحفظون أعمال المهاجرين الأولين ولا تعملون مثل أعمالهم، وإنكم تأمروننا بتقوى الله وتنسون ذلك من أنفسكم، والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه».
وهكذا، فبعض البشر، خصوصا الجهال والدهماء، يجدون في أنفسهم ميلا نحو من يضطهدهم ومن ينتصر لقاعدة «يؤخذ بالسلطان ما لا يؤخذ بالقرآن»، وهذه القاعدة طبقها النظام السياسي المغربي خلال سنوات المواجهة الدامية مع اليسار الذي كان يبحث لكي يسقط الملكية لإقامة الجمهورية أسوة بدول الجوار، فكان رد الدولة شرسا وحاسما في آن.
ونحن المغاربة عموما لدينا ميل فطري نحو التملص من تحمل المسؤولية. فالآخرون دائما هم المسؤولون، أما نحن فمجرد ضحايا أبرياء.
فعندما يعجز رئيس الحكومة عن الوفاء بوعوده فبسبب الآخرين، وعندما يفشل إدريس لشكر في الانتخابات فلأن الدولة خذلته، وعندما يفقد شباط عمودية فاس فلأن الداخلية منعت الناس من التصويت له.
ومن يتأمل خطابنا اللغوي اليومي، خصوصا في تبرير المواقف المحرجة، يستخلص أننا أفضل من يطبق مقولة سارتر «الجحيم هم الآخرون».
عندما يأتي الواحد منا إلى المطار متأخرا عن موعد إقلاع الطائرة ويضيع عليه موعد السفر، يقول إن «الطيارة دارتها بيه». وعندما يمر بمحاذاة أحد الأسلاك ويمزق له سرواله، يقول «شدني السلك». وعندما يصدم رأسه مع حائط يقول «ضربني الحيط»، وعندما يصل محطة القطار متأخرا يقول «هرب عليا التران»، ولا يعترف أبدا بأنه وصل إلى المطار أو محطة القطار متأخرا، أو أنه لم ينتبه جيدا أين يسير، أو أنه لم يحسب المسافة جيدا بينه والحائط.
إن اللغة ليست سوى وعاء تختفي داخله ثقافتنا وسلوكنا الاجتماعي الذي يعتبر أن كل ما يحدث لنا من كوارث مرتبط بالآخرين، وأننا لسنا مسؤولين عن أخطائنا مادام هناك مشجب نعلق عليه هذه الأخطاء.
وفي أغلب الشهادات والكتب التي «أفرج» عنها بعض الوزراء السابقين والمسؤولين الكبار في الدولة، والتي تتحدث عن فترة حكم الحسن الثاني ووجودهم إلى جانبه، لا نكاد نعثر على سطر واحد يخصصه هؤلاء للاعتراف بنصيبهم من المسؤولية في الأخطاء التاريخية التي يحصونها على الحسن الثاني لوحده، فتحول عهد الملك الراحل إلى شماعة لتعليق كل الأخطاء، بما فيها تلك التي اقترفها هؤلاء الوزراء والمستشارون السابقون.
والمغربي، بحكم علاقته المتشنجة مع الدولة، يعتقد أن هذه الأخيرة هي دائما سبب كل المشاكل، فإذا سقطت عمارة بسبب مهندس غشاش ومنعش عقاري جشع فبسبب الدولة، وإذا هجم الناموس على الناس في بيوتهم خلال الصيف لأن رئيس المجلس البلدي سرق ميزانية المبيدات الحشرية، فبسبب الدولة، وكأن تلك المجالس البلدية والجماعات القروية التي ذهب المواطنون إلى صناديق الاقتراع وصوتوا على أعضائها بأنفسهم لا يتحملون نصيبهم من المسؤولية.
نعم الدولة تتحمل مسؤولية ما يحدث، لكن الشعب بدوره يتحمل مسؤولية ما يحدث له. يتحمل المسؤولية بصمته عن الجرائم التي تحدث باسمه، ويتحمل المسؤولية بتواطئه مع اللصوص الذين يسرقون جيوبه، ويتحمل المسؤولية بجبنه وخوفه من الجهر بما يضره.
إذا كان هناك لصوص في البرلمان بغرفتيه فلأن الشعب أوصلهم إلى هناك، وإذا كان هناك زعماء أبديون جشعون نخاسون على رأس النقابات فلأن العمال اختاروا حملهم فوق أكتافهم إلى الأبد، وإذا كان هناك ممثلون لصوص في المجالس البلدية يدافعون عن مصالحهم أكثر مما يدافعون عن مصالح المقاطعات التي يمثلونها، فلأن المواطنين راضون بذلك وسعداء، ويكفيهم أن ممثلهم في المجلس البلدي ينظر إليهم ذات يوم وهو مار في سيارته ويتذكرهم ويلقي عليهم السلام.
نحن من نصنع جلادينا ولصوصنا وطغاتنا، وبعد ذلك نبحث لكي نلصق بهم جميع مشاكلنا وكوارثنا، مع أن الكارثة الحقيقية نحن من صنعها بأيدينا.
لذلك فما أحوجنا اليوم لإعادة قراءة كتاب مرجعي اسمه «النقد الذاتي» تنكر له حزب الاستقلال، رغم أن كاتبه هو مؤسس هذا الحزب، العلامة علال الفاسي رحمه الله. فهو درس سياسي وفكري عميق في تحمل المسؤولية وفي الجرأة على قول الأشياء والحقائق بدون خوف أو محاباة.
ويكفي أن نعرف أن علال الفاسي تحدث في «النقد الذاتي» حول التعدد في الزواج، وكان طرحه جريئا بالمقارنة مع العقليات المتحجرة في تلك الفترة، ودافع عن كون التعدد في الإسلام ليس هو الأصل وإنما الفرع، وشدد على تقنينه حفظا للمواريث وحقوق المحاجير. وهكذا فما تهلل له اليوم بعض الجمعيات النسوانية من تطبيق المدونة معتبرة إياها فتحا حداثيا مبينا سبقها إليه علال الفاسي قبل نصف قرن ودفع ثمنه من رصيده السياسي.
ليس هناك حل سحري للتقدم بالمغرب إلى الأمام. الوصفة سهلة وواضحة، على الجميع أن يتحمل مسؤوليته أمام التاريخ، في الخطأ كما في الصواب، في الرخاء كما في الشدة، في العدل كما في الظلم، في الرصاص كما في الورد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضربني الحيط ضربني الحيط



GMT 15:55 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الروس قادمون حقاً

GMT 15:52 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... أخطار الساحة وضرورة الدولة

GMT 15:49 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

زحامٌ على المائدة السورية

GMT 15:47 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

روبيو... ملامح براغماتية للسياسة الأميركية

GMT 15:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

سوريا قبل أن يفوت الأوان

GMT 15:43 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

البعد الإقليمي لتنفيذ القرار 1701

GMT 15:40 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

نقمة.. لا نعمة

GMT 15:34 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ابعد يا شيطان... ابعد يا شيطان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib