غزة وأزمة الفكر الفلسفي عند هابرماس
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

غزة وأزمة الفكر الفلسفي عند هابرماس

المغرب اليوم -

غزة وأزمة الفكر الفلسفي عند هابرماس

لحسن حداد
بقلم - لحسن حداد

في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 (أسابيع قليلة بعد هجوم «حماس» على إسرائيل) نشر أربعة مفكرين ألمان (من ضمنهم الفيلسوف المشهور يورغن هابرماس)، على منصة «نورماتيف أورضرز»، بياناً غريب الأطوار يطرح أكثر من سؤال جوهري حول تناقضات وأزمة الفكر الأنواري الغربي.

يقول بيان هابرماس ورفاقه إن ما سموه «فظائع (حماس) وردِّ إسرائيل» أديا إلى ارتفاع الاحتجاجات وتصاعد حدة المواقف. وهذا يجب ألا يحجب ضرورة التضامن مع إسرائيل واليهود في ألمانيا، مضيفين أن ردَّ إسرائيل أمر مشروع، مع أن هناك مَن يجادل في كيفية تدبيرها لهذا الرد، ولكن الأساس هو احترام مبادئ التناسب وحماية المدنيين من الأذى، ولكن الذهاب إلى حد اتهام إسرائيل بجرائم الإبادة أمر فيه كثير من المغالاة. غير أن كل هذا لا يبرر، حسب هابرماس وزملائه، تصاعد الردود المعادية للسامية في ألمانيا. لذا على الكل احترام خصوصية حماية اليهود من أي أذى في ألمانيا تماشياً مع الخط السياسي والأخلاقي المعتمَد لردء أي شيء يُذكِّر باضطهادهم وإبادتهم في الفترة النازية.

كانت هناك ردود عدة على هذا البيان، ولكن الرد الأكثر دلالة كان لآسف بيات، أستاذ السوسيولوجيا بجامعة إلينوي بأوربانا شامباين. في رسالة موجهة إلى هابرماس، يقول بيات إن بيان هابرماس ورفاقه يشجع على خنق النقاش حينما تَعمَّد الخلط بين انتقاد سياسة إسرائيل ومعاداة السامية. وتساءل بيات: ماذا جرى لمفهوم هابرماس حول «المجال العام»، الذي يقول بـ«التداول» و«الحوار العقلاني»، في وقت يتم فيه قمع النقاش حول حقوق الفلسطينيين في ألمانيا، واضطهاد مَن تجرأ على الدعوة إلى وقف إطلاق النار أو انتقاد الاحتلال الإسرائيلي والتقتيل في فلسطين.

هذا في وقت لا يجادل فيه منتقدو إسرائيل ضرورة «حماية حق اليهود في الحياة وحق إسرائيل في الوجود»، يضيف بيات، ولكنَّهم ينتقدون إنكار «حقوق الفلسطينيين وحق فلسطين في الوجود». يتساءل بيات مخاطباً هابرماس: «لا أفهم هذه البرودة الأخلاقية واللامبالاة من جانبكم في مواجهة» التقتيل والتدمير الممنهجين في حق الفلسطينيين في غزة. وكأنَّ هابرماس يخشى من أن أي تعاطف مع الفلسطينيين قد ينقص من التزامه الأخلاقي من أجل حق اليهود في الحياة، يضيف بيات. وهذه «البوصلة الأخلاقية الملتوية» ملتصقة التصاقاً وثيقاً بما يسميه بيات «الخصوصية الألمانية» فيما يخص اليهود وإسرائيل، التي يتبناها هابرماس. يفكك بيات هذه النزعة الخصوصية على أنها تجعل حقوق البعض (اليهود وإسرائيل) تعلو على حقوق الآخرين، وهي بهذا تغلق الباب أمام الحوار العقلاني الذي يقول به هابرماس في كتاباته.

في الختام، يناشد بيات هابرماس أنه في زمن الحيرة والقلق ما أحوج الإنسانية إلى مفاهيم هابرماس حول «التواصل، والكونية، والمواطنة المتساوية، والديمقراطية التداولية، وكرامة الإنسان». غير أنَّ القول بالخصوصية الألمانية والتقوقع الأوروبي على الذات يُفرِغُ هذه المقولات من محتواها، يضيف بيات.

غير أنَّ لي رأياً مخالفاً لما يقوله آسف بيات. أظن أنَّ الفكر الهابرماسي، ومعه الفلسفة الأنوارية والفكر الغربي بشكل عام، لم يكن يوماً ما غير متقوقع على الذات الأوروبية وعلى الجنس الأبيض (انظر حميد ضباشي: «بفضل غزة تم فضح الفلسفة الأوروبية على أنَّها أخلاقياً مفلسة»، ميدل إيست آي، 18 يناير/ كانون الثاني 2024، الذي أتفق مع أطروحته، ولكنني لا أشاطره كيف شرحها وفصَّلها). مقولة هابرماس الرائدة حول «المجال العام» ملتصقة التصاقاً تاماً بتاريخ تطور البورجوازية والديمقراطية الأوروبية، وهذا شيءٌ طبيعي. ما هو غير طبيعي أن هابرماس لم يتكلم قط في كتاباته حول كيف أن صعود الرأسمال والبورجوازية والمجال العام كفضاء لتداول الأفكار لم يكن ليكون لولا استغلال خيرات الدول غير الأوروبية، ولولا وجود حركة «استكشافية»، أي استعمارية، استعبدت شعوب دول الجنوب وسلبتها سيادتها ومواردها.

لهذا فمن الصعب على هابرماس الذي يساند الصهيونية، اعتبار هذه الأخيرة نوعاً من الاستعمار الاستيطاني المبني على تهجير السكان الفلسطينيين الأصليين، لأن هؤلاء مثلهم مثل الشعوب المستعمَرة لا دلالة لهم في منظومته المفاهيمية. فبينما يقوض الفلسطينيون الحكي المثالي المتمثل في أسطورة الرجوع والميعاد ووطن يحمي اليهود من الإبادة، فإن الشعوب المستعمَرة تفكك مثالية «المجال العام» كفضاء للتداول الديمقراطي، لأنها تقاوم الاستغلال الذي هو أصل البنية المادية التي أسَّسَتْ لمجتمعات أوروبية تتداول حول قضاياها بطريقة عقلانية.

كما أن نازية هيدغر لا يمكن فصلها عن فلسفته كما يفعل البعض (ومنهم هابرماس)، فإن سكوت هابرماس عن الاستيطان والاحتلال وخلطه بين نقد إسرائيل ومعاداة السامية، لا يمكن فصله عن فلسفته المتقوقعة على الذات الأوروبية، وهي فلسفة لا تعير أدنى اهتمام للخلفية الاستعمارية والاستغلالية للثري الأوروبي الذي أوجد الرأسمال والبورجوازية والديمقراطية، أي البنية التحتية لتطور «المجال العام».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة وأزمة الفكر الفلسفي عند هابرماس غزة وأزمة الفكر الفلسفي عند هابرماس



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib