بقلم - جهاد الخازن
مَنْ اخترع الصفر؟ ما سبق عنوان مقال كتبه مانيل سوري، ويبدو من الاسم أنه من أصل هندي، وهو لا يجزم بشيء مع إشارته إلى أن كثيرين يرون أن أصل الصفر هندي وربما صيني أو من قبائل المايان.
المقال فيه إشارة واحدة إلى العرب، فهو يقول أنهم أخذوا الأرقام من الهند. هذا ليس صحيحاً كله، فهم عرفوا الأرقام في بلادهم منذ عرفوا الكتابة، ولكن أخذوا الصفر من الشرق الأقصى بعد الفتوحات، ولعلهم وجدوه في الهند أو غيرها. ولهم فضل نشر الصفر والرقم واحد.
أهم مما سبق أن العرب نقلوا الصفر إلى أوروبا التي لم تكن تعرفه في القرن الميلادي الثامن، وهناك أدلة كثيرة على هذه النقطة بعضها يقول أن العرب في الأندلس كان لهم فضل تصدير الصفر إلى أوروبا الغربية ومنها إلى بقية العالم الغربي.
ما سبق مقدمة، فقد قرأت ملحقاً لجريدة «الأوبزرفر» يسجل أسماء مئة كتاب «كلاسيكي» رسمت العالم الحديث.
أول الكتب هو «الجمهورية» للفيلسوف اليوناني أرسطوطاليس وهو لم يتحدث عما نسميه اليوم «ديموقراطية أثينية»، وإنما طالب بديموقراطية يحكمها ملك فيلسوف، والكتاب يعود إلى سنة 375 قبل الميلاد.
الكتب الأخرى ضمت «الأمير» لماكيافلي الذي نصح أميره سنة 1532 بأن الأفضل له أن يكون مرهوب الجانب بدل أن يكون محبوباً، و «العقد الاجتماعي» لجان جاك روسو الذي قال أن «الرجل (ولعله يقصد الإنسان) يولد حراً وهو في قيود في كل مكان». هذا الكتاب صدر سنة 1762.
كان هناك أيضاً «مانيفستو الشيوعية» الذي كتبه كارل ماركس وفردريك إنغلز سنة 1848 وهما قررا أن تاريخ العالم حتى زمنهما مثل صراعاً بين طبقات المجتمع. وفوجئت بوجود «مزرعة الحيوان» لجورج أورويل الصادر سنة 1946 فهو رواية وليس فلسفة أو فكراً. مع ذلك، كل حيوان في الرواية يعكس وضعاً سياسياً، فلعل هذا هو السبب في اختيارها. كان هناك أيضاً «الجنس الثاني» الذي ألفته سيمون دي بوفوار سنة 1949 ويُعتبر حتى اليوم قاموس فلسفة تحرير المرأة.
لم أجد من الكتـّاب العرب أو الفلاسفة في القائمة غير «الاستشراق» الذي ألفه إدوارد سعيد وصدر سنة 1978. رحم الله صديقي إدوارد سعيد، فقد كتب لـِ «الحياة» حتى وفاته، وكتابه عن الاستشراق أثار ضجة استمرت بعد موته، وأزعم حتى اليوم، لأنه عرّى أسباب الاستشراق وتأثيره في مجتمعاتنا. وكان رأيه أن الدول الكبرى، عبر الأكاديميين فيها وثقافتها ومجتمعاتها، أساءت فهم «الآخر» أي نحن.
بعد كتاب إدوارد سعيد مباشرة جاء سنة 1993 الكتاب «الإسلام والغرب» الذي ألفه برنارد لويس، والعرض المختصر له يقول أن هذا المؤلف اليهودي الذي أراه يمثل المحافظين الجدد لا أي يهود معتدلين وسطيين، هو «رئيس أركان الاستشراق»، وقد أيّد التدخل العسكري في دول العرب والمسلمين، وسجل ما أعتبره الفشل الموروث في تراث المسلمين. هو حقير.
العرض للكتب التي صاغت العالم الجديد ينتهي بكتب من سنة 2015 و2016 و2017 ولا أراها شخصياً مهمة.
كنت أتمنى لو أن الذين اختاروا الكتب المئة، أبدوا اهتماماً أكبر بما صدر عن عرب ومسلمين أراهم بين أكبر المفكرين في العالم كله.
«تحرير المرأة» و «المرأة الجديدة» كتابان للمفكر المصري قاسم أمين صدرا قرب نهاية القرن التاسع عشر وأرهصا لجهود تحرير المرأة وتعليمها وجعلها جزءاً من الحراك الوطني في كل بلد. ثلاثية نجيب محفوظ، «بين القصرين» و «قصر الشوق» و «السكرية»، الصادرة في 1956 و1957 علمتني عن مصر ومجتمعها ما لم أكن أعرف. وهناك كتب أخرى لمفكرين عرب كانت تستحق أن تضم إلى قائمة المئة، فلعلنا نرى اعترافاً بفضلها وأثرها في المستقبل.