بقلم : جهاد الخازن
الولايات المتحدة قررت المضي قدماً في بيع البحرين 19 طائرة مقاتلة من طراز إف-16 من دون اشتراط الالتزام بحقوق الإنسان كما فعل الرئيس السابق باراك اوباما وهو يختلق الأعذار لتغطية انحيازه الى فريق ضد فريق في الشرق الأوسط.
الصفقة مع المعدات المرفقة بها ثمنها خمسة بلايين دولار، ووزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون قال إن على بلاده إعطاء أولوية لمصالحها الاستراتيجية. البحرين تستضيف الأسطول الأميركي الخامس، ولها علاقات قديمة، مستمرة مع المعسكر الغربي.
في المقابل منظمة العفو الدولية وجماعة حقوق الإنسان لا تعرفان من مشاكل البحرين إلا ما تسمعان من معارضين في الخارج ولاؤهم لغير وطنهم. البحرين بلد مزدهر من دون موارد طبيعية تُذكَر وبعض المعارضين يفضّل المَثل الإيراني لما يجرّ من عقوبات ومقاطعة وحصار.
يبدو الآن أن إدارة ترامب باتت مقتنعة بأن ايران وراء مشاكل البحرين، وقد قرأت عن اكتشاف مصنع لإنتاج السلاح و20 ألف دولار، ومتفجرات من نوع عسكري. قال المحققون إن قوة السلاح المكتشَف تزيد أضعافاً على الأسلحة الخفيفة التي يحملها رجال الشرطة في البحرين.
عندما بدأت المشكلات سنة 2011 اتهمت البحرين إيران بالوقوف وراءها، وقررت الدول الغربية في حينه أن التهمة مبالغ فيها ولا دليل. الآن تقول إدارة ترامب إن هناك أدلة كثيرة على دور إيران في تمويل المعارضة البحرينية وتسليحها. معلومات الاستخبارات الاميركية التي نشرتها الميديا تقول إن الحرس الثوري الايراني يدرب إرهابيين بحرينيين على استعمال سلاح من أنواع متقدمة وصنع قنابل ومتفجرات، والاستخبارات تقول إن الفحص المختبري للأسلحة المكتشفة وجد أنها آتية من إيران.
لا تسرني إدانة إيران فقد كنت أفضل كمواطن عربي له قضية ضد جرائم حكومة إسرائيل بحق الفلسطينيين، أن تكون علاقات إيران طيبة مع كل الدول العربية للوقوف في وجه إسرائيل.
الآن تشعر البحرين بأن التهم التي أطلقتها ضد إيران قبل خمس سنوات أصبحت تجد آذاناً صاغية عند إدارة ترامب ودول غربية أخرى، لذلك دعا برلمان البحرين مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد الحسين الى زيارة البحرين زيارة غير مشروطة يُسمَح له خلالها بالتجول حيث يريد ومتابعة الوضع على الأرض كما هو لا كما يزعم الطرف الآخر.
كل ما سبق لا ينفي أن هناك معارضين في البحرين باعوا أنفسهم (ولا أتحدث هنا عن إيران) وقد قرأت نقلاً عن مريم الخواجة أن أباها عبدالهادي بدأ إضراباً مفتوحاً عن الطعام وهو في السجن. أجده طالب شهرة لا طالب حقوق. وأذكر أن معارضاً بحرينياً في لندن قفز على سيارة فيها الملك حمد بن عيسى وهو في زيارة رسمية لبريطانيا. كان يجب على هذا المعارض أن يقفز تحت السيارة فالعناوين عند ذلك ستكون أكثر منها إذا قفز فوق السيارة.
مضى وقت كان للمعارضة في البحرين صوت مسموع، وكان يمثلها 19 عضواً في البرلمان ثم قرروا مقاطعة الانتخابات النيابية حسب أوامر آيات الله في قم، ودفعت جماعة الوفاق الثمن، والآن تدفعه جماعة وعد. كان باستطاعة المعارضة تجنب كل هذا لو بقيت جزءاً من العمل السياسي.
أعرف البحرين منذ كنت مراهقاً، وأزورها بانتظام وأدعي أنني أعرف عنها أكثر مما يعرف الناس في الخارج. هي بلد مزدهر فهناك بنوك عالمية، وحركة سياحية نشطة، وتجارة تتجاوز الحدود. مرة أخرى تستضيف البحرين سباق «الغراند بري» وقد شاهدته فيها مرات عدة كما حضرته وابنتي في موناكو وانكلترا وفرنسا. السباق فرصة ليرى العالم البحرين كما هي، بلد صغير مسالم يستحق أهله جميعاً الخير.