بقلم - جهاد الخازن
توفي الرئيس جورج بوش الأب في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) عن 94 عاماً فكان المعمر الأول بين رؤساء الولايات المتحدة. هو دخل البيت الأبيض رئيساً سنة 1989 وخدم ولاية واحدة قبل أن يهزمه بيل كلينتون.
هو أنجز الكثير في أربع سنوات فقد أصدر قانون الميزاينة سنة 1990 وحرر العمل في الطاقة وأصدر قانون المزارع وأيضاً قانون الجريمة، وفي سنة 1991 صدر له قانون الحقوق المدنية وقانون الاميركيين المعاقين، كما وضع أهدافاً للإنجاز القومي بينها الدراسة وقوانين لحماية الطفولة.
أهم من كل ما سبق لكاتب عربي مثلي كان تحرير الكويت، فقد دخلت قوات صدام حسين بلداً أحبه وأحب أهله من رجال الحكم حتى المواطنين العاديين في 2 آب (اغسطس) 1990 وسيطرت عليه في يومين. كان الرئيس بوش في كامب ديفيد عندما احتلت الكويت فقطع إجازته وعاد الى البيت الأبيض وهو يقول: هذا الوضع لن يستمر. هذا الوضع لن يستمر. هذا عدوان على الكويت.
عملية تحرير الكويت بدأت في 24 شباط (فبراير) سنة 1991 واستمرت مئة ساعة فقط طردت خلالها القوات العراقية من الكويت. في تلك العملية السريعة قتِل حوالي 20 ألف جندي عراقي و148 جندياً اميركياً وعدد من جنود التحالف الدولي.
الرئيس بوش الأب قاد تحالفاً دولياً لتحرير الكويت ضم قوات مصرية وسعودية وسورية. صدام حسين زعم أن الكويت والامارات العربية المتحدة تجاهلتا حدود الإنتاج للدول الأعضاء في أوبك ما كلف العراق 14 بليون دولار، كما أن الكويت، حسب مزاعم الرئيس العراقي في حينه، أنتجت النفط من بئر متنازع عليها بين البلدين. هو طلب أيضاً من الكويت أن تلغي ديوناً لها على العراق بحوالي 15 بليون دولار تجمعت والعراق يحارب ايران في الثمانينات.
بعد تحرير الكويت كانت هناك دعوات اميركية وعالمية أن يستمر بوش في حربه على العراق للإطاحة بصدام حسين، إلا أنه لم يفعل، وإبنه الرئيس جورج بوش الإبن أطاح بصدام حسين سنة 2003، وكان وراء الحرب المحافظون الجدد من أنصار اسرائيل، وبينهم جون بولتون، مستشار الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي الآن.
كانت قيادة قوات التحالف معقودة للجنرال الاميركي نورمان شوارتزكوف والجنرال السعودي خالد بن سلطان بن عبدالعزيز وعملا معاً لتحرير الكويت. كنت في تلك الأيام رئيس تحرير «الحياة» وأجريت مقابلة للأمير خالد وأخرى لشوارتزكوف في مبنى وزارة الدفاع السعودية ونشرتهما «الحياة» في صفحتها الأولى.
أكرر اليوم للقارئ قصة رويتها بعد التحرير فقد كان وزير خارجية الكويت في حينه الشيخ صباح الأحمد الصباح صديقاً عزيزاً رأيته مرات عدة، وحاولت مساعدته وهو يشارك في جمع التحالف لتحرير بلده.
بعد التحرير ذهبت معه الى قصر بيان وقابلت الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح. بدا الأمير محبطاً وقلت له إننا حررنا الكويت ولا أدري سبب استيائه. قال لي إن محمد باقر الحكيم، رئيس حزب الثورة الإسلامية في العراق، كان يجلس في مقعدي قبل ساعة طالباً المساعدة، وأضاف الأمير أن ضيفه العراقي أساء الأدب وأسمعه كلاماً غير لائق. الأمير قال: ماذا سيحدث لنا لو استطاع هذا الرجل تحرير العراق من صدام حسين؟ قلت للأمير إننا حررنا الكويت وعليه أن يحذر صدام دائماً وأعداءه داخل العراق وخارجه.
كانت أياماً طيبة بعد التحرير، ولا تزال علاقتي بالشيخ صباح الأحمد متينة ومباشرة.