الاستلباس الحمساوي

الاستلباس الحمساوي!

المغرب اليوم -

الاستلباس الحمساوي

بقلم - حسن البطل

إن تأفّفت فتاة لبنانية من اهتمام زائد بها، من رجل ملحاح، أو ثقيل الظل، قد تقول: استلبسني (لبس، تلبيس، استلباس).. هل يمكننا أن نستجر التعبير إلى: (انتحل، ينتحل، انتحال) في وصف وتوصيف تغيير حركة حماس يوم مسيرات «العودة الكبرى، وكسر الحصار» إلى الجدار الأمني العازل في غزة، من يوم الجمعة المعتاد 29 آذار، الذي يصادف مرور عام عليها، إلى يوم 30 آذار، وهو الذكرى الـ 43 على يوم الأرض.
كم عدد مخيمات اللاجئين في غزة؟ أضافت إليهم «حماس» خمسة مخيمات لتجميع وانطلاق مسيرات إلى «السلك» أو الجدار، وأسفرت «مليونية» يوم الأرض في غزة عن أربعة شهداء شباب، يضافون إلى 273 سبقوهم، وإلى نجاح وساطة أمنية ـ سياسية مصرية أخرى إلى تسهيلات إسرائيلية ممرحلة على مدى 4 ـ 6 شهور حتى عام.. ومن هدوء مقابل هدوء، إلى تهدئة مقابل هدوء، على أن تتطوّر التهدئة إلى هدنة.
حسناً، أن تغيب عن المسيرات الحاشدة رايات «حماس» والفصائل، وأن ترفع العلم الوطني رباعي الألوان، ورفع متظاهر في «المليونية» أربعة أعلام على سارية: واحد لجدّه، والثاني لأبيه، والثالث له، والرابع لابنه. ولن أناكف زميل حمساوي كان قد قال لي، قبل سنوات: العلم الفلسطيني هو علم الانتداب البريطاني!
ليس في علمي أن مسيرة يوم جمعة أهدتها «حماس» ليوم انطلاقة الحركة الفدائية، أو يوم إعلان وثيقة الاستقلال الفلسطيني، لكن ألا تلاحظون كيف استخفت الحركة في بدايتها بالكفاح المسلح وشهدائه، وكيف صارت ترفع رايته، وتطلق على نفسها «المقاومة» المسلحة.
هل هذا استلباس أو انتحال أول، ثم منذ انطلاق مسيرات «كسر الحصار» و»العودة الكبرى» انتحلت أيضاً المقاومة الشعبية السلمية في وصف المسيرات الأسبوعية، التي تناطح السلك والجدار، واستبدلت أسلوب حفر الأنفاق بابتكار جيد هو البالونات الحارقة، ثم أضافت لها الإرباك الليلي إلى رفع راية الكفاح المسلح، والمقاومة السلمية الشعبية، صار ليوم الأرض أن يؤرخ حمساوياً، أيضاً، بمسيرة المليونية الأولى على بدء عام على انطلاقها.
طيلة عام على مسيرات «كسر الحصار» و»العودة» غاب عن شعاراتها السياسية ما لا يغيب عن شعارات السلطة الوطنية الفلسطينية حول شروط الحل: دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ولا دولة في غزة، ولا دولة دون القدس الشرقية.
صحيح، أن «حماس» انتحلت واستلبست الكفاح المسلح، والنضال الشعبي، ويوم الأرض، لكن لن تنجح في انتحال الشرعية السياسية لمنظمة التحرير، وإن سحبت اعترافها بها في المؤتمر الفصائلي الأخير في روسيا ممثلة شرعية وحيدة، وكذلك الدولة الفلسطينية على خطوط ما بعد حرب العام 1967.
أوجزت «الأيام» خلاصة مسيرات كسر الحصار ومواعيد تفاهمات هدوء جديد بأنها زمرة تسهيلات في مدى الصيد البحري، والتجارة، والتشغيل وتصاريح التجار، وتحسين وضع الكهرباء، وزيادة حزمة الأموال القطرية وتحسين توزيعها.
لو أن شعار مسيرات السلك كان تخفيف الحصار لأخذت التسهيلات مكانها المناسب من واقع هدوء مقابل هدوء، وهدوء يؤدي إلى تهدئة.. ثم هدنة. أما لو رفعت مطلب الممر الآمن للضفة الغربية، والدولة الفلسطينية، لأمكن لإسرائيل أن تخاف فعلاً من قطاع غزة.
هل إذا وصلت الهدنة، بعد 12 سنة أخرى من تسلط «حماس» على غزة قد نصل إلى ميناء ما ومطار ما، أي إلى ما كان عليه الوضع قبل الانقلاب؟ صحيح أن صواريخ «حماس» لم تعد عبثية لكن جدواها الأمنية لإسرائيل غير جدواها السياسية، ومشكلة إسرائيل السياسية والأمنية هي في الضفة الغربية، والحصار وكسره وتحسين شروطه غايته الإسرائيلية هي تكريس فصل القطاع عن الضفة الغربية، كما قال بذلك بصريح العبارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.
إسرائيل لا تريد احتلال غزة، لكنها لا تريد إنهاء احتلالها للضفة الغربية. هل تذكرنا تخفيفات الحصار وتسهيلاته لتحسين شروط الحياة الصعبة في غزة، بوزير الخارجية الأميركية الأسبق، جورج شولتز، الذي تحدث خلال الانتفاضة الأولى عن تحسين ظروف الحياة الفلسطينية للمضاربة على المكانة السياسية لمنظمة التحرير وأهدافها المرحلية في شروط أي تسوية سياسية.
منذ عامين، وإدارة ترامب تتحدث عن صفقة ربطت إعلانها بنتائج الانتخابات الإسرائيلية، بدأت بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبسلسلة عقوبات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، غايتها استبدال حق تقرير المصير الفلسطيني برزمة تحسينات اقتصادية على حياة الشعب الفلسطيني، كما لو أن الوضع السياسي الفلسطيني بقي على حاله كما كان لما اقترح شولتز تحسين شروط الحياة الفلسطينية.
لم يبقَ الوضع العربي على حاله، بخاصة منذ ثماني سنوات، كما لم يبقَ الوضع الفلسطيني على ما كان عليه قبل 12 سنة، لكن الاعتراف العربي والدولي بالشرعية السياسية الفلسطينية لم يعد كما كان إبّان مشروع شولتز. لن تقبل السلطة الفلسطينية صفقة استبدال حق تقرير المصير الفلسطيني والدولة الفلسطينية، دون ذلك لن تمر ولن يتم اعتمادها في إطارها العربي والإقليمي.
الوضع صعب، و»ما أصعب أن يكون المرء فلسطينياً» كما قال شارون! وهو من حاربنا في بيروت، ودبّر كمين الانسحاب من غزة.
يمكن استلباس الشعار، وصعب انتحال حق تقرير المصير بصفقة عقارية!

حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستلباس الحمساوي الاستلباس الحمساوي



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:03 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم
المغرب اليوم - أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم

GMT 11:09 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

اشتباكات بعد مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في نيويورك
المغرب اليوم - اشتباكات بعد مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في نيويورك

GMT 17:42 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

المغرب يخصص 9 ملاعب لاستضافة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 20:58 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تتويج مغربي وفرنسية في النسخة الثالثة من ماراثون الصحراء

GMT 07:12 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تطبيق بسيط وعملي يحلّ مشكلتك مع المواعيد

GMT 07:51 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الأمريكي يبدأ زيارة إلى فرنسا

GMT 04:32 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

بقايا الطعام تعرقل أهداف النظام الغذائي

GMT 05:29 2014 الإثنين ,03 شباط / فبراير

نبات السنا دواء شامل للجسد

GMT 20:43 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

شهر جيد ومفرح يعيد البهجة والإبتسامة إلى حياتك

GMT 04:46 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

فئة النيسمو إصدار جديد للسيارة نيسان جي تي آر 2017

GMT 15:09 2017 الجمعة ,29 أيلول / سبتمبر

مروان بناني يتعرض لحادث سير خطير في البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib