فريق جديد في البيت الأبيض ما وراء الرمزيات
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

فريق جديد في البيت الأبيض: ما وراء الرمزيات

المغرب اليوم -

فريق جديد في البيت الأبيض ما وراء الرمزيات

أمير طاهري
أمير طاهري

بدءاً من الشهر الماضي، عندما شرع في تشكيل إدارته الجديدة، تعهد الرئيس الأميركي المنتخب جوزيف بايدن بتكوين فريق يقدم أفضل تمثيل ممكن للولايات المتحدة كما هي. وإذا ما حكمنا على الأمر من واقع الترحيب الذي تلقته إدارته الجديدة في أرجاء العالم كافة، يمكن لأحدنا أن يستنتج أنه قد التزم تحقيق تعهده وأوفى بوعده.

ووفقاً للتقارير الإعلامية المتعددة، جرى استقبال فريق السيد بايدن الرئاسي بحرارة بالغة في كل من كندا والمكسيك وأوروبا الغربية من بين أماكن أخرى حول العالم. وأفادت إذاعة راديو فرنسا الدولية بوجود حالة من البهجة والسرور في العاصمة النيجيرية أبوجا؛ نظراً لأن فريق الرئيس بايدن الجديد يضم في النسق الثاني منه العديد من المواطنين الأميركيين من أصول نيجيرية. وأشارت وسائل الإعلام الحكومية في إيران إلى إدراج أو السعي إلى إدراج المواطنين الأميركيين من أصول إيرانية في الفريق الرئاسي الجديد على أمل أن يساعد وجودهم في تلك المناصب في تغيير دفة السياسات الأميركية تجاه الحكومة الإيرانية.

ومما يُضاف إلى ذلك، أن فريق السيد بايدن الرئاسي يضم عدداً من «الأوائل».
إنه أول مجلس لوزراء الولايات المتحدة الذي يضم أقلية من المصنفين بأنهم تقدميون من الرجال البيض. ووفقاً إلى كتاب الحقائق الصادر عن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، فإن «البيض» يشكلون نسبة تزيد قليلاً على 73 في المائة من إجمالي تعداد السكان، في حين أن شريحة المواطنين التي تحمل مسمى «البروتستانت الأنغلو ساكسون البيض» قد تراجعت نسبتها إلى أدنى من 47 في المائة بالمقارنة.

هذا، ويتألف فريق الرئيس بايدن من مختلف الشخصيات ذات الخلفيات العرقية أو الدينية المتعددة التي وفرت ما يقارب 50 في المائة من إجمالي الأصوات التي دفعت بالسيد بايدن إلى ذروة القطب الانتخابي الزلق. ويتحدث المعلقون التقدميون في الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف متعدد الأطياف بين الأقليات، ذلك الذي يوفر العمود الفقري لقاعدة الحزب الديمقراطي الشعبية مع تعهد السيد بايدن بالعمل على هزيمة المتعصبين البيض كشعار أساسي للمرحلة المقبلة.

ولكن ما الذي يعنيه مصطلح «الأقلية» في الدولة الديمقراطية التي تقوم على أساس حقوق المواطنة المتساوية بين سكان البلاد كافة؟ يشير ذلك المصطلح إلى «المراتب الأدنى» مقارنة بـ«المراتب الأعلى» لدى كيان آخر. ومع ذلك، كيف يمكن للمرء النظر إلى فئة بعينها من المواطنين في الدولة الديمقراطية على أنهم «أقل» تصنيفاً من المواطنين الآخرين؟
لأنه من واقع الزاوية التقدمية، في دولة ديمقراطية مثل الولايات المتحدة، فإن تقسيم المواطنين على أساس العرق هو موقف رجعي يعود إلى مجتمعات ما قبل الحداثة. ولقد تفهم الإغريق القدامى الفرق بين الإثنيات وعامة الناس. ويشير مصطلح العرق إلى مجتمع يتألف من عادات وتقاليد الجماعات ضمن المجتمع، والتي عندما تتحد معاً لإنشاء مساحة مشتركة وتشغيلها فإنها تشكل نموذجاً تجريبياً في الواقع. ولم تكن مناقشات المنتدى الإغريقي القديم تدور حول الإثنوقراطية وإنما عن الديمقراطية. وإن كان هذا تصورك عن اليونان القديمة، فلا بد من تبسيط الفكرة: كان العرق، والاصطلاحات المماثلة في لغات متعددة، مثل القبيلة في اللغات الأوروبية الحديثة، أو الطبقة في اللغات الهندية، أو القوم في اللغة العربية واللغات الشرقية الأخرى، يدور حول المجتمعات البشرية قبل ظهور فكرة الأمة. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة تتمحور حول فكرة «نحن الشعب» وليس «نحن الأقلية». فإن الديمقراطية هي بوتقة ينصهر فيها الجميع وليست لوحاً لتقطيع المجتمع إلى أجزاء وكينونات.
التقدمية هي دين علماني وليست آيديولوجيا في حد ذاتها يمكن أن يكون لها مجال في التنافسات السياسية. حتى تقسيم المواطنين على أساس المعتقدات الدينية لا وجود له تحت مظلة الديمقراطية. ولقد استخدم سان أغسطينوس مصطلح «ريليغاري» (الإلزامي) للترويج لمفهومه الخاص للعقيدة المسيحية على اعتباره أرقى وسيلة، إن لم تكن الوحيدة، في دعم المجتمعات البشرية. وفي الآونة الأخيرة، ردد البابا بنديكتوس السادس عشر رفقة الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس هذا المعتقد في خضم مشروعهما المشترك لإنقاذ الحضارة الغربية. ومع ذلك، فضّل الكثيرون منذ أيام شيشرون وإيزيدور الإشبيلي اصطلاحات من شاكلة «ناشيو» (أي الميلاد المشترك في أرض مميزة)، و«ريليغيري» (أي القراءة المشتركة)؛ مما يعني الاتفاق المشترك على مجموعة من القواعد المعنية بتنظيم المجال المشترك ومن ثم إدارته.
وفي العلمانية الديمقراطية الأميركية، تتعهد الدولة بحماية المجتمعات الدينية وغيرها من المجتمعات الأخرى، ولكن ليس من زاوية الاعتماد عليها كأجزاء مكونة في المجتمع. أما النسخة الفرنسية من العلمانية، فإنها معنية بحماية الدولة، وبالتالي الأمة بأسرها، من الدين.
زعم النقاد التقدميون لمفهوم الأمة تحديداً، ومن أبرزهم المؤرخ الإنجليزي الراحل إريك هوبسباوم، أن الأمم عبارة عن «إبداعات الرأسمالية البرجوازية» التي يتعين تفكيكها بواسطة طبقات المجتمع الكادحة التي تتزعمها البروليتاريا.
ومع ذلك، وفي نهاية حياته، تعيّن على المؤرخ هوبسباوم أن يعترف بالجذور العميقة للدولة القومية والأكثر رسوخاً مما كان يُخشى. ولقد تفكك الاتحاد السوفياتي، وكان أول دولة في التاريخ لم تحمل اسم أمة، أو سلالة، أو جماعة عرقية بعينها، مخلفاً إثر ذلك أماكن صامدة لـ15 دولة قومية أخرى.
وقال العالم السياسي الآيرلندي بنديكت أندرسون، إن القومية هي التي خلقت الأمم وليس العكس. وربما يبدو هذا التحليل غريباً بعض الشيء في حالة الدول التي نشأت منذ قرون عبر توارثات الأسر الحاكمة العريقة. ولكنه قد لا يكون في محله مع اعتبار الحالة الأميركية التي بدأت كمساحة للمستوطنين الوافدين من الإمبراطورية الإنجليزية، ولكنها اتخذت مسارها الصحيح لكي تكون أمة واحدة من خلال «الآباء المؤسسين»: لقد تميزت «الأمة الواحدة تحت ظل الرب» بأنها أول أمة ديمقراطية دستورية، تلك التي أصبح شعارها: حكومة الشعب بواسطة الشعب ومن أجل الشعب.
وقد يكون من الممتع إعادة السيناتورة إليزابيث وارين إلى أصولها الأولى في مدينة بوكاهونتاس في ولاية أركنسو. بيد أن تفكيك المواطنين الأميركيين بأسرهم إلى سلاسل عرقية متنوعة لن يكون بمثل هذه السهولة.
وفي ديمقراطية مثل تلك المعتمدة لدى الولايات المتحدة يمكن لاصطلاحات مثل الأقلية والأغلبية أن تحمل معاني سياسية مجردة؛ إذ تمثل الأغلبية من قبل حزب أو برنامج سياسي ذلك الذي حصل على (50+1) في المائة أو أكثر من الأصوات في الانتخابات، في مواجهة حزب الأقلية، أو الأقليات التي حازت أعداداً أقل من الأصوات.
وفي نظام مثل هذا، لا تصف الأغلبية أو الأقلية الحالة الدائمة الراهنة. ومن شأن الأغلبية الحالية أن تتحول إلى أقلية في المستقبل.
والتظاهر بأن هذا الوزير أو ذاك في الحكومة الأميركية الجديدة قد جرى اختياره على أساس لون البشرة أو المعتقد الديني أو نسبة الأقلية التي ينتمي إليها ليس من قبيل المجاملات السياسية على أي حال. فإن لم يكن الاختيار قائماً على الكفاءة الشخصية وإنما على اعتبار المجاملات السياسية فلن يسهل تبرير ذلك الاختيار على الأسس الديمقراطية أبداً. وإذا لم تلعب هذه الاعتبارات دوراً في الاختيار من ناحية أخرى، فلماذا هذه الدندنة الصاخبة حول الطيفية السياسية والتمثيل التقدمي؟
ولا يمكن لتركيبات المجاملات السياسية أن تنجح حتى وإن كانت بشروطها المعلنة. فإنه من غير المقبول على سبيل المثال اختيار وزير من خلفية بوذية مع استبعاد آخر من شهود يهوه، أو اختيار موظف من عرق التاميل مع استبعاد آخر من عرق البنغال!
هذا، ولقد تصدر عناوين الصحف اختيار وزير أميركي من أصول الهنود الحمر في مجلس وزراء الولايات المتحدة للمرة الأولى. ولكن من شأن ذلك أيضاً أن يجعل صديقي الأميركي الهندي من قبيلة «بماك» في ولاية أريزونا يتساءل عن سبب عدم اختيار رجال من قبيلته في هذا المنصب أولاً.
ومن حسن الحظ، أننا سوف نعود قريباً إلى العالم الحقيقي، حيث يجري الحكم على الشخصيات السياسية من واقع أفعالهم وليس أصولهم العرقية أو انتماءاتهم الدينية.
ومرة أخرى، من حسن الحظ، أن العديد من أعضاء الحكومة الأميركية الجديدة في العاصمة واشنطن يملكون خلفيات أكاديمية وعلمية مرموقة ومتميزة. ومن صالح الجميع في البلاد أن يأملوا ألا يروا أنفسهم كشخصيات في لعبة عرقية رمزية، وإنما هم يعملون على خدمة الشعب الأميركي بأسره في هذه الأوقات العسيرة المعاصرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فريق جديد في البيت الأبيض ما وراء الرمزيات فريق جديد في البيت الأبيض ما وراء الرمزيات



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib