غزة ومحكمة العدل الدولية

غزة ومحكمة العدل الدولية

المغرب اليوم -

غزة ومحكمة العدل الدولية

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

قرار محكمة العدل الدولية بوقف الحرب الإسرائيلية ضد رفح قرار مهمٌ في دلالته على وجوب إيقاف هذه الحرب الشرسة، وهو تقييد لقدرة إسرائيل على حرق ما تبقى من غزة وشعبها المغلوب على أمره. وهذا القرار هو نتيجة لجهودٍ سياسيةٍ وقانونية قامت بها عدد من الدول العربية في دعم السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني. وقبل هذا قدم المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية التي تختلف عن محكمة العدل الدولية، كريم خان، طلباتٍ للمحكمة لإصدار أوامر بالقبض على «بنيامين نتنياهو» ووزير دفاعه «يوآف غالانت» مع «إسماعيل هنية» و«يحيى السنوار» و«محمد ضيف»، نتنياهو وغالانت لجرائمهما ضد المدنيين في غزة، وهنية والسنوار وضيف لجرائمهما ضد المدنيين في إسرائيل.

والسؤال هنا، من هي الجهة المخوّلة بمحاكمة عناصر بعض الفصائل الفلسطينية لجرائمهم ضد الشعب الفلسطيني في غزة؟ وهو أمرٌ تحدث عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقيادات في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، كما اشتكى منه سكان غزة في مقاطع مصورةٍ متعددةٍ خرجت على الرغم من التصفيات الميدانية التي تتم داخل قطاع غزة لكل من ينتقد «حماس» وعناصرها وما جرته على القطاع من دمارٍ وويلاتٍ وقتلٍ وتدمير. قرار محكمة العدل الدولية جاء نتيجةً لجهودٍ مكثفةٍ ومتواصلة سياسياً وقانونياً قامت بها السلطة الفلسطينية والدول العربية والدول الإسلامية عبر سنواتٍ طوالٍ، وتتابعها مؤخراً اللجنة العربية الإسلامية المنبثقة عن قمة الرياض الاستثنائية في نوفمبر 2023 وهو لم يكن بأي حالٍ من الأحوال نتيجةً لمغامرة 7 أكتوبر غير محسوبة العواقب. باعتبار هذا القرار إنجازاً على طريقٍ شائكٍ، وقبله اعتراف ثلاث دولٍ أوروبية بالدولة الفلسطينية، وحل الدولتين، فإنه تأكيد على المؤكد من قبل وهو أن حلّ القضية الفلسطينية هو حلٌ سياسيٌ يدعو للسلام بحسب «المبادرة العربية».

ومن هنا فإن كل من طرحوا شعارات الحرب ومزايدات المقاومة بعد 7 أكتوبر الماضي من كتابٍ ومثقفين لا يحق لهم الفرح بهذه المنجزات، ويجب أن تبرز مواقفهم تلك ويسلط عليها الضوء والنقاش والتحليل، ففي عالمنا العربي للأسف ينجو المزايدون دائماً من مواجهة الحقائق ورصد التزييف الذي مارسوه في لحظات الأزمات. ردود الفعل الأميركية على قرار محكمة العدل الدولية، والتي عبّر عن بعضها بفجاجة بعض أعضاء الكونجرس الأميركي إنما تعيد للأذهان الجدل المستحق والمتصاعد منذ سنواتٍ حول «النظام الدولي» وقيمته ومبادئه وانتقائيته لخدمة بعض الدول الكبرى في العالم وبخاصة الغربية منها، وهو جدلٌ يجب أن يستمر وأن يتصاعد أكثر في المرحلة المقبلة.

الحرب الروسية الأوكرانية كشفت كثيراً من العيوب والقصور في «النظام الدولي»، وحرب إسرائيل على غزة كشفت المزيد من تلك العيوب والانحيازات، وقد دفعت حكومة إسرائيل «اليمينية» قدرة «النظام الدولي» على التحمّل إلى مداها الأقصى، ولم تستمع لحلفائها الكبار في الغرب، ولم تستوعب المتغيرات الكبرى إقليمياً ودولياً وظنت أنها معفاةٌ من أي استجابة للنظام الدولي ومؤسساته كما كان يجري في السابق، وهي تكتشف اليوم أن جادة السياسة في المنطقة والعالم قد جرت فيها مياهٌ جديدةٌ.

الطريقة التي أصبحت تدار بها الملفات الكبرى في المنطقة إقليمياً ودولياً، سياسياً واقتصادياً وقانونياً غيرت كثيراً من قواعد اللعبة وتوازنات القوى واستراتيجيات الصراع، وما يجري لإسرائيل اليوم جرى ويجري مثله لقوى أخرى في المنطقة بدأت تجد نفسها محاصرة سياسياً واقتصادياً وقانونياً، وهي مجبرةٌ على التغيير أو الاصطدام بالعالم دولاً وشعوباً وبالمؤسسات الدولية، ومن هنا فهذه مرحلة جديدةٌ لم تعرفها المنطقة من قبل. أخيراً، فقرارات محكمة العدل الدولية وقرارات محكمة الجنايات الدولية يمكن البناء عليها وتصعيدها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن في مرحلة قادمة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة ومحكمة العدل الدولية غزة ومحكمة العدل الدولية



GMT 19:32 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 19:29 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

انتخابات رئاسية لا معنى لها في إيران

GMT 19:28 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

الجنسية السعودية و«الرؤية»

GMT 19:25 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

انتخابات بريطانيا... حقائق خلف الأرقام

نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بوخارست - المغرب اليوم

GMT 19:48 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

صور ماريا كاري بالحجاب وصدر مكشوف تشعل مواقع التواصل

GMT 10:07 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف علي الفجل الأسود لتطهير الكبد من السموم

GMT 07:38 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

أحدث موضة للتسريحات باستخدام دبابيس الشعر

GMT 04:52 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

صلاح محسن يتمنى عبور العالم خلا بوابة النادي الأهلي

GMT 18:55 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

أهم الفنانات الغير ناشطات على وسائل "التواصل الاجتماعي"

GMT 02:48 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

تمتع بعطلة ساحرة في جزيرة ديزني الجديدة "أوقيانوسيا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib