أزمة المنظمات الدوليّة والإقليمية

أزمة المنظمات الدوليّة والإقليمية

المغرب اليوم -

أزمة المنظمات الدوليّة والإقليمية

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

إذا أردنا تقييم أداء أي مؤسسة أو منظمة أو أي فعل ما، فإن المعالجة المنطقية العلمية تشترط العودة إلى الأهداف التي تقف وراء إرساء أي منظمة أو الأهداف التي دعت إلى القيام بفعل ما. هذا ما يميز الفعل الإنساني العقلاني بشكل عام حسب مقاربة عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، حيث إن السلوك العقلاني بكل بساطة هو سلوك حامل لهدف. ومن هذا المنطلق الذي يؤكد أهمية الأهداف في المبادرة والتأسيس والقيام بالفعل، فإن التقييم يكمن بالأساس في قياس المنجز من الأهداف واستنتاج التوصيف الموضوعي لها، الذي عادة ما يخير التوصيف الكمي ورصد المؤشرات.

في هذا الإطار، وأمام ما يحصل في العالم من تزايد في التوترات والتجاوزات واشتداد الأزمات، فإننا نطرح هذا السؤال: كيف هو حال دور التحكيم للمنظمات الأممية والمؤسسات السياسية والمالية الدولية الكبرى اليوم؟ وهل هي نجحت في تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها؟

لنتذكر أولاً أن منظمة الأمم المتحدة بوصفها أهم المنظمات الدولية قد تأسست في سنة 1945 والعالم في أوج الحرب العالمية الثانية؛ إذ كانت الحاجة إلى الأمن والسلام بعد ملايين من القتلى وضحايا الحرب ملحة جداً.

إذن، بكل عظمة وبساطة، فإن الهدف الجوهري هو تحقيق الأمن والسلام في العالم. غير أن المؤشرات تشير إلى أن العالم اليوم يعرف صعوداً للصراعات الحساسة، حيث يبلغ عدد الصراعات قرابة 402 صراع في العالم. وتبين التقارير أنه خلال السنوات العشر الماضية ارتفعت نفقات العالم في مجال الأسلحة 20 في المائة. إن هذه المؤشرات وغيرها كثير جداً تؤكد فشل هذه المنظمات الأممية والدولية في تحقيق هذين الهدفين: الأمن والسلام. بل إن العولمة، والحراك الذي عرفته، جعل من التوتر ميزة ثابتة في العالم وأننا نسير نحو حريق عالمي لا أحد يستطيع التكهن بتوقيته ولا بنتائجه. ذلك أن الصراعات الدولية لمسألة العولمة، والمخاض العسير من أجل نظام دولي جديد للعولمة إنما يمثلان أسباباً إضافية للمزيد من التوترات والتناقضات والتفاوت الرهيب بين الدول في امتلاك عوامل الدخول في نادي العولمة.

كما نعلم، أن العولمة كانت تقتصر على دول بعينها، تهيمن على ثلاثة أرباع التجارة الدولية وثلاثة أرباع البحث العلمي العالمي، وأفضل مائة شركة كبرى في العالم. إضافة إلى أن بعض الدول هي التي تمتلك حق الفيتو. وهذا التمركز وتداعيات الخلل الذي يلقي بظلاله على العالم أدى إلى اتساع الهوة وإلى إذكاء التوتر مع ظهور قوى دولية جديدة مثل الصين القوة الاقتصادية الدولية الثانية اليوم، وكذلك روسيا والهند والبرازيل. وأيضاً دول أخرى صاعدة منها جنوب أفريقيا والمملكة العربية السعودية، وتركيا، والمكسيك والأرجنتين، وأخرى بصدد البحث عن طريقها منها تايلند، وماليزيا، ومصر ونيجيريا و... لذلك؛ فإن ظهور قوى جديدة، خصوصاً ذات الوزن الدولي مثل الصين وروسيا قد دخلت لتعديل المسار. بل إن من أهم أسباب التوتر الدولي اليوم هذا الصراع بين الولايات المتحدة والصين وكأننا في طور تاريخي يقسم العالم معسكرات بدلاً من المعسكرين في زمن الحرب الباردة سابقاً. وأغلب الظن أن الصراع في تصاعد أكثر من ذي قبل؛ لأن ظهور القوى الجديدة مسألة جدية جداً، خصوصاً أن التعداد السكاني لـ17 قوة صاعدة اليوم قرابة الـ60 في المائة ويسيطرون على ثلث الاقتصاد العالمي.نحن في لحظة مخاض حقيقية وعسيرة لنظام دولي جديد بتأثير اقتصادي وعسكري وعلمي وثقافي، ولكن مؤشرات عدة تظهر تأزم أوروبا، وكل هذا يصبّ في صالح القوى الدولية الصاعدة.وإذا ما عدنا إلى السؤال المنطلق في مقالنا هذا، فإن ما تم رصده دليل على الفشل الذريع للمنظمات الأممية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث إن الأمن مهدد في العالم وفرص السلام في تراجع كبير، ولا دور للمنظمات الأممية في تعديل مسار العولمة. ولو كانت المنظمات الأممية تقوم بدورها كما يجب لما ظهرت مثل هذه الدعوات أصلاً.

التحدي الراهن هو كيف تكون المنظمات الدولية والإقليمية في صالح الإنسان والشعوب. وكي يتحقق هذا المنعرج لا بد من صلاحيات جديدة نافذة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة المنظمات الدوليّة والإقليمية أزمة المنظمات الدوليّة والإقليمية



GMT 20:24 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

وسطاء الصفقات «بُدلاء» ترمب عن رجال الدولة

GMT 20:20 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

لبنان: برنامجا استكمال الهزيمة أو ضبطها

GMT 20:15 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

مروان حمادة... ليلة بوح في المزة

GMT 20:14 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

أوروبا والألسنة الحداد

GMT 20:12 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

الرياض عاصمة العالم... مرة أخرى

GMT 20:06 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

مقام الكرد

GMT 20:04 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

السعودية صانعة السلام

GMT 20:00 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

عمر خيرت... إطلالة من «برلين»

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 18:42 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ابل تطلق iOS 18.3 و iPadOS 18.3 مع تحسينات لـ Apple Intelligence

GMT 16:50 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

نهضة بركان يطرح تذاكر مباراة الجيش

GMT 18:37 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ميزات جديدة في تحديث تليغرام لعام 2025

GMT 03:46 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

المغربي أشرف حكيمي يقود سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا

GMT 05:50 2019 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على ديكور منزل جورج كلوني الذي يبلغ ثمنه 12 مليون دولار

GMT 10:26 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 3.5 درجات يضرب ولاية بسكرة الجزائرية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib