بين فشل أميركا وفشل أفغانستان وفشلنا
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

بين فشل أميركا وفشل أفغانستان وفشلنا!

المغرب اليوم -

بين فشل أميركا وفشل أفغانستان وفشلنا

حازم صاغية
بقلم: حازم صاغية - المغرب اليوم


لو كنت ممانعاً لواجهني الانسحاب الأميركيّ من أفغانستان بمعضلتين:
الأولى تأخذ شكل الحيرة: من جهة، سيكون مُغرياً لي الحديث عن هزيمة أميركيّة مطنطنة تكرّر الهزيمة الفيتناميّة أواسط السبعينيّات. سيكون مغرياً أن أقول: «خرجت أميركا تجرجر أذيال الهزيمة»، أو «تمّ تمريغ رأس الإمبراطوريّة في الوحل»... عبارات تملأ الرأس وينتفخ لها الصدر!
من جهة أخرى، سيكون مُغرياً بالقدر نفسه أن أؤكّد أنّ أميركا افتعلت هذه الهزيمة كي تُضرّ بإيران والصين وروسيا. المُغري هنا توكيدُ صورتها «الشيطانيّة» بوصفها مصنعاً للمآكد والشرور.
الممانع النمطيّ لم تأخذه الحيرة. حلَّ المعضلة بأن روى «التحليلين» المتضاربين معاً: أميركا انهزمت لأنّها ضعيفة، وأميركا هزمت نفسها لأنّها شرّيرة.
المعضلة الثانية أنّ من يهزم أميركا يُفترض به أن يكون، وفق التصانيف الجاهزة، «حركة تحرّر وطنيّ». «طالبان» هي ما يصعب على يساريّ أو ماركسيّ أو قوميّ يصف نفسه بالعلمانيّة أن ينعتها بهذا النعت. ما العمل إذاً؟ نمتدح الهزيمة التي أُنزلت بأميركا وننسبها إلى «الشعوب» الغامضة، فيما نحيط بالكتمان الطرف المحدّد الذي أنزلها بها. يُترك للإسلاميّ الراديكاليّ، السنّيّ لا الشيعيّ، أن يحتكر قول العبارة كاملةً: المجد لهزيمة أميركا على يد طالبان.
هذا، على أيّ حال، ليس موضوعنا. فشل أميركا، بجميع التباساته وتعقيداته، وبتضارب تأويلاته واحتمالاته المستقبليّة، سيكون مادّة تعيش عليها طويلاً الجغرافيا السياسيّة وتستهلكها التحليلات الاستراتيجيّة. هذا بالطبع لا يقلّل بتاتاً من ضخامة الحدث الأفغانيّ أميركيّاً ودوليّاً، إلاّ أنّه يطرح علينا عنواناً أشدّ إلحاحاً، أو أقلّه، أشدّ مباشرةً. إنّه أفغانستان الطالبانيّة.
فعلى رغم ما يقال اليوم عن «مراجعاتها» و«تحوّلاتها»، وما يقوله قادة طالبان عن «تغيّرهم»، فإنّ السجلّ المعروف لا يحمل على الثقة بمستقبل أفغانيّ في ظلّ طالبان. الكثير الكثير ينبغي فعله قبل الاطمئنان إلى أمور ستّة على الأقلّ:
- أنّ ذاك البلد لن يُزجّ في مهبّ الفوضى الأهليّة والدمويّة ما بين إثنيّاته، وربّما داخل إثنيّاته نفسها. ما يُنقل عن وادي بنجشير يعزّز هذا التقدير.
- وأنّ علاقات أفغانستان مع جيرانها لن تكون بالغة التوتّر، وستكون منزّهةً عن الحروب التي تكمّل وتؤجّج النزاعات الأهليّة.
- وأنّ أوضاع النساء والفتيات فيها لن تتردّى، وأشكال العقاب لن يُعمَل بها مجدّداً.
- وأنّ النظام الذي سيقوم، إذا تمّ تجنّب الحرب الأهليّة، لن يكون (كما كان حتّى 2001) سجناً كبيراً لعموم الأفغان.
– وأنّ النازحين واللاجئين الذين هم اليوم سُدس مجموع السكّان لن تتزايد أعدادهم ولن يشكّلوا سبباً آخر لتسعير العنف والحروب في الداخل ومع الخارج. آلاف الذين يتدافعون اليوم، محاولين الهجرة أو الفرار، إيحاء مبكر بذلك.
- وأنّ صورة الإسلام في العالم، والأهمّ ما ينجم عن ذلك في ما خصّ أوضاع المسلمين في الغرب، لن يصبحا أسوأ حالاً، بفضل طالبان، وأنّ رايات «صراع الحضارات» لن تزداد ارتفاعاً وخفقاً، ومعها نظريّات «الاستثناء الإسلاميّ»، فضلاً عن «الاستثناء العربيّ».
هذا كلّه من دون، وربّما من قبل، أن تنبعث من أفغانستان «طليعة» أخرى كـ«القاعدة» وترتكب ما سبق أن ارتُكب في نيويورك وواشنطن. هذا قد لا يحدث حرصاً من النظام على بقائه وعدم تكرار إطاحته، كما في 2001، لكنّه أيضاً قد يحدث، بسبب الطبيعة الآيديولوجيّة لطالبان، وربّما المنافسات بين جماعات وأجنحة إسلاميّة مزايدة في تشدّدها.
ندع ذلك جانباً لنلاحظ ما يصعب أن لا يُلاحَظ. فرغم «التطمينات»، وهي على الأغلب ما يتطلّبه الاستقرار في السلطة، ترتسم بعض القضايا التي أثارها الانتصار الطالبانيّ الأخير ممّا يعنينا كعرب على نحو مباشر:
أوّلاً، تعلن عودة طالبان إلى كابُل أنّ الأمل بأفغانستان، وحتّى إشعار آخر، أمل ضعيف وضئيل، ويعلن الاحتفال العربيّ بتلك العودة أنّ البؤر الأفغانيّة في مجتمعاتنا ليست قليلة أو ضعيفة. نردّ ذلك إلى القهر والفقر والإحباط إلخ... هذا صحيح، لكنّ النتيجة الكارثيّة واحدة.
ثانياً، ترسم تلك العودة احتمال انسداد كبير: لا التغيير ممكن من الخارج، وعبر مشاريع «بناء الأمم» و«إقامة الديمقراطيّات»، وليس ممكناً أيضاً من الداخل، وأفغانستان تكثيف وربّما مستقبل لسواها. لقد هُزمت ثورات قامت في سبيل الحرّيّة، ووحدها طالبان انتصرت!
ثالثاً، طالبان ليست ضدّ «الاستعمار الغربيّ» أو «الإمبرياليّة الغربيّة». إنّها ضدّ الغرب. ضدّ حرّية النساء. ضدّ الدواء. ضدّ التعليم. ضدّ التنوير... العداء لها ليس موقفاً سياسيّاً، إنّه موقف حياتيّ وإنسانيّ. حيال ذلك، لا يعود الرأي بأميركا وسياستها سوى حاشية وتفصيل.
رابعاً، تعود طالبان إلى كابُل فيما «داعش» ومثيلاتها لم تُهزم. والحال أنّه في ظلّ أنظمة كنظام بشّار الأسد، وفي ظلّ سطوة الميليشيات الشيعيّة في العراق، والتجبّر العونيّ – «الحزب الهيّ» في لبنان، قد تدغدغ طالبان شعوراً سنّيّاً بإحباط عميق. ودوماً للإحباط، بغضّ النظر عن شرعيّة أسبابه أو عدم شرعيّتها، بطن خصب. فلنتذكّر التفاعل الشعبيّ مع الثورة الخمينيّة في 1979 أو مع غزو صدّام حسين للكويت في 1990...
هذا كلّه يقول كم أنّ فشل أفغانستان، وإلى حدّ بعيد فشلنا، مسألة وجوديّة صلبة وعميقة. فحين لا يُعنى الممانعون إلاّ بفشل أميركا، يكونون، في الحدّ الأدنى، يحتقرون منطقتنا كلّها، وبالأخصّ 38 مليون أفغانيّ. أمّا احتقار النفس فأمر مُسلّم به.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين فشل أميركا وفشل أفغانستان وفشلنا بين فشل أميركا وفشل أفغانستان وفشلنا



GMT 06:53 2021 الأحد ,22 آب / أغسطس

الأميركان.. لا أوفياء وفعلاً أغبياء

GMT 06:40 2021 الأحد ,22 آب / أغسطس

لبنان... بلد الواجهات الحكومية

GMT 12:27 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

لبنان الماضي كان افضل... للشيعة أيضا

GMT 12:25 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

يُرهبوننا بمقاتلي «طالبان»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib