كي لا يكون التاريخ سجناً
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

كي لا يكون التاريخ سجناً

المغرب اليوم -

كي لا يكون التاريخ سجناً

إياد أبو شقرا
بقلم : إياد أبو شقرا

التاريخ وحده لا يصلح مدخلاً لضبط العلاقات بين الشعوب، بل في معظم الحالات لا تقوم هذه العلاقات إلا بالتعلّم من أخطائه. وقبول المرء بالبقاء «أسيراً» لحقب تاريخية - سواءً مضت أو تتكرر - يجعل منه سجيناً مدى الحياة.

ما تعيشه فرنسا في هذه الساعات الصعبة ليس إطلاقاً «انتقاماً» من التاريخ أو «تصحيحاً» لأخطائه. إنه انزلاق خطير نحو صِدام استدعاه عنصريون وفاشيون، ونفّذه وينفّذه - عن علم أو جهل - فوضويون وسذّج ومغسولو أدمغة وقُصّر محبَطون ومهمّشون يفتقرون إلى التبصّر والذاكرة، و«بلطجية» لا يفوّتون فرصة للنهب والسرقة... ناهيك من مندسّي «الطابور الخامس» من «أدوات» الفاشية والعنصرية.

الأبعاد التي اتخذتها خلال الساعات الأخيرة قضية قتل الفتى «نائل» أكبر بكثير من مجرد احتجاج على الممارسات الخاطئة للشرطة، والتهميش الاجتماعي لأقليات مهاجرة تسكن ضواحي فقيرة ومهمَلة.

إنها الآن «مشروع» مدمّر يخدم «تصوّراً كارثياً» متكاملاً لمستقبل فرنسا، لا يختلف كثيراً عن «المشاريع» الموازية في عدد من الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة أيضاً... كلها تقضم بنجاح، وبالتدرّج، مؤسسات الديمقراطية والتعايش، والمواطَنة والتفاهمات الحضارية والسياسية العريضة.

وهذه «المشاريع»، التي ما عادت تخجل من رمي أقنعتها ولا التكلم همساً عن تعصّبها، تهدّد اليوم جدياً بالفتك بنسيج الكيانات الاجتماعية والوطنية وإسقاط ما كان حتى الأمس القريب من «مسلّمات» الحضارة الغربية.

في فرنسا ما بعد الحرب العالمية الثانية وسقوط «فيشي»، أخفق المحافظون الديغوليون والاشتراكيون الميترانيون في اجتثاث العنصرية العميقة الجذور. وحقاً، فشلت الديمقراطية «الشخصانية» الفرنسية في القضاء على ظواهر تطرّف «إقصائي - إلغائي»... بدأت مع الجنرال راؤول سالان ورفاقه في موضوع الجزائر... ولم تنتهِ مع العائلة اللوبنية وظاهرة إريك زيمور.

نعم فشلت. ربما، لأنها لم تتصارح مع نفسها ومع الآخرين، أو لأنها لم تدرك المقوّمات الأساسية لحماية مجتمع تعدّدي متنوع أسهمت في تنوّعه أربعة أسباب مهمة:

الأول: عُمق «الكثلكة» في الضمير الشعبي الفرنسي، وبخاصة في الريف، على الرغم من ضرب نفوذ الإكليروس واعتماد العلمانية بعد الثورة.

الثاني: البُعد الأوروبي للهويّة السياسية الفرنسية، الذي وصل معه إلى سدة الحكم أباطرة وساسة متحدرّون من أصول أوروبية غير فرنسية.

الثالث: العلاقة الإشكالية الموروثة من أيام الاستعمار، وبالذات، العداء القديم مع «الإسلام السنّي»... من أيوبيي مصر وأمويي الأندلس، إلى عثمانيي تركيا ومناضلي الاستقلال في شمال أفريقيا.

الرابع: انهيار البديل اليساري بعد انهيار الشيوعية الأوروبية، وتحوّل جزء من القاعدة العمالية من اليسار إلى التيارات اليمينية المناوئة للهجرة والمهاجرين.

ولكن من قال إن ما تشهده فرنسا الآن حكر عليها؟؟

كل الظواهر تشي بأن الجيل الحالي من الساسة والناخبين في كل من أوروبا وأميركا الشمالية نسي تماماً خلفيات الحرب العالمية الثانية ودروسها...

مثلاً، نسي الإيطاليون، الذين انتخبوا بالأمس قيادة من «الفاشيين الجدد» - على الأرجح - ما جرّت عليهم أحلام بينيتو موسوليني.

ولا يبدو أن ألمانيا تتمتع بحصانة قوية ضد «النازيين الجدد» الذين يتزايد بريقهم، وبالأخص، في ولايات ألمانيا الشرقية السابقة.

كذلك، فإن نسبة عالية من الناخبين الإسبان والهولنديين والنمسويين والاسكندنافيين أيضاً تمرّ بحالة مقلقة من «فقدان الذاكرة»، يغذّيها تنامي الهجرة من العالم الثالث.

ولئن كان رهان البريطانيين على «البريكست» الانعزالي آخذاً بالاهتزاز لأسباب معيشية اقتصادية بحتة، فهذا لا يعني أن عنصريي بريطانيا سيعدمون وسيلة لإسماع صوتهم وفرض مشروعهم السياسي. والمفارقة هنا أن العديد من مطالبهم تحققها لهم حالياً قيادة حزبية وحكومية تضم أبناء مهاجرين من الأقليات غير الأوروبية وغير مسيحية!

وطبعاً، الوضع هذا لا يختلف كثيراً عمّا تعيشه الولايات المتحدة، حيث يتوقع كثيرون عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. وللعلم، للجمهوريين حالياً الغالبية في مجلس النواب، ويتمتعون بدعم غالبية يمينية محافظة فرضوها في المحكمة العليا، رأس السلطة القضائية في البلاد وثالث «مثلث» السلطات بجانب الرئاسة (السلطة التنفيذية) والكونغرس (السلطة التشريعية).

وهكذا، عبر «ضفتي» المحيط الأطلسي، لم تعد أمور مثل التعايش، واحترام التنوع، وتقبّل الآخر، وتداول السلطة، واستقلالية القضاء، والتعددية الدينية... من الـ«مسلّمات»، بل كيف يمكن اعتبارها كذلك في دول ترتعد خوفاً من الاستحقاقات الانتخابية التالية، فتهرع أحزابها وقواها المعتدلة المتسامحة إلى عقد تحالفات ظرفية، على عجل، لمنع وصول المتطرفين إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع؟

يضاف إلى ما سبق أن الديموغرافية المتغيرة باتت عاملاً مسرّعاً لترهّل الديمقراطيات وتمزّق النسيج الاجتماعي - الوطني... باتجاهين متعاكسين؛ فمن ناحية، يخشى المواطن المسيحي الأبيض الأوروبي (أو الأميركي المتحدّر من أصول أوروبية) الآن من تضاؤل حجمه وثقله التمثيلي أمام التزايد السكاني السريع للأقليات غير البيضاء وغير المسيحية، ولا سيما، من المهاجرين واللاجئين. ومن جهة ثانية، لا تتمتع غالبية هذه الأقليات بإرث من الديمقراطية وتقاليد العيش في ظل الحكم المدني المؤسساتي، ولذا نراها تحمل معها معاناتها وإحباطاتها وغضبها... وتطرفها المضاد.

ما حصل ويحصل في فرنسا مؤشر خطر لا يُستبعد أن يُهدي الحكم إلى غلاة اليمين المعادي للهجرة، وعندها سيخرج «مارد الفتنة من القمقم»، وتتحقق أمنيات إريك زيمور ومارين لو بن وجورجيا ميلوني وفيكتور أوربان... وأمثالهم.

إن الصمت عن استمرار الانزلاق نحو الصدام الكارثي ليس خياراً، وبالأخص، بالنسبة إلى الجاليات المهاجرة وأبنائها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كي لا يكون التاريخ سجناً كي لا يكون التاريخ سجناً



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib