العراق السياسيون أخطر من كورونا

العراق.. السياسيون أخطر من كورونا

المغرب اليوم -

العراق السياسيون أخطر من كورونا

د.ماجد السامرائي
بقلم: د.ماجد السامرائي

فقد الإنسان العراقي في السنوات السبع عشرة الماضية ركني “الأمن والتنمية”، حسب نظرية وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت ماكنمارا، بسبب سياسييه.
وباء كورونا الذي يجتاح العالم الآن ليس أول الأوبئة التي تعرضت لها البشرية ولا آخرها، فقد سبق لمرض الطاعون أن قتل الملايينَ من البشر في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا. وكذلك فتكت الحصبة والملاريا والجدري بالملايين، وفي العصر الحديث انتشرت أمراض الإيدز وسارس وإيبولا، والآن يأتي صراع البشرية ضد مرض كورونا ليمتحن قدرة الإنسان على هزيمته دون اللجوء إلى نظرية المؤامرة التي تقول إن كورونا جزء من حرب جرثومية سرّية شنتها الولايات المتحدة ضد الصين، أو تقول إنها حرب اقتصادية طاحنة منذ سنوات بين شركات تصنيع الأدوية والعقاقير الطبية التي تنشر الفايروس ثم تخترعُ عقارا طبيا للعلاج منه، وبذلك ترتفع أرباح الشركات الطبية إلى المليارات من الدولارات.
يثير هذا الوباء مقاربة تبدو غير مباشرة لكنها ذات دلالة مجازية لما تتركه الأوبئة من آثار تدميرية لحياة الإنسان، هي ذاتها التي يخلفها السياسيون الفاسدون في حياة المجتمعات وهو ما يحصل في العراق من قبل سياسيي الصدفة الذين يمكن توصيفهم بالوباء الذي أصاب العراقيين بصورة خاصة منذ عام 2003 ولحد الآن، بعد أن ابتلى الله العراقيين بإيران حيث أصبحت هي البوابة التي دخل منها وباء السياسيين ووباء كورونا.
فقد الإنسان العراقي في السنوات السبع عشرة الماضية ركني “الأمن والتنمية”، حسب نظرية وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت ماكنمارا، بسبب سياسييه، والأمثلة كثيرة لدرجة يصعب عرضها في سطور. فأهل العراق ابتلوا خلال نصف قرن بأربع حروب آخرها الحرب الطائفية الأهلية التي لم تنته لحد اللحظة، سحقت خلالها أرواح أكثر من مليوني إنسان وخلفت الأمراض السرطانية والمعدية وعشرات الألوف من المعوقين وتشريد الملايين من الديار والأرض.
تم ترويج كذبة الديمقراطية في العراق لإيهام الناس وقبولهم كرها لفايروسات الطائفية والكراهية والتخريب والتدمير على أنها علاجا لدكتاتورية ما قبل 2003، ولتمرير أكذوبة أن الإسلام السياسي الشيعي بقيادة ولي الفقيه الإيراني خامنئي هو النظام الإلهي البديل الذي ينشر الأمن والسعادة “في الدنيا والآخرة” في العالم الإسلامي والعراق خاصة، وليس المهم إن عاش الإنسان فقيرا جائعا وإن كان بلده غنيا، فلابد من الخضوع لمفردات هذا النظام في السياسة والتربية والتعليم والثقافة، ولهذا تعرض شعب العراق إلى مشروع التدمير الشامل الممنهج لسحق أبنائه وقوانينهم وقيمهم في جميع جوانب الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
كانت سيطرة أحزاب الإسلام السياسي على السلطة واستعانتها بالمحاصصة السياسية أولى علامات قتل المواطنة العراقية التي تسللت إلى مؤسسات المجتمع، وأصبح العنف والقتل هو منهج هذه الأحزاب، وأشيعت الكراهية على أسس طائفية بين الناس وفرضت مناهجها في المدارس والجامعات التي حجبت فيها المعارف العلمية الجديدة ببديل الولاء للفقيه الشيعي. وانتشرت ظاهرة تزوير الشهادات للوصول إلى المناصب العليا في الحكومة وأحزابها، فيما ارتفعت نسبة الأمية إلى أكثر من 40 في المئة فيما كان العراق خاليا منها.
أصبح الفقر علامة مميزة في المجتمع العراقي حيث يعيش أكثر من 30 في المئة منه تحت خط الفقر حسب تقرير البنك الدولي لعام 2018، أما القطاع الصحي فيعاني من انهيار تام، حيث ألغيَ الضمان الصحي الكامل للمواطنين الذي كان سائدا لثلاثين عاما قبل 2003 وأصبحت الحكومة تفرض الرسوم لمعالجة المواطنين إلى جانب الارتفاع الهائل لأسعار الأدوية، ولم يُبن مستشفى واحد خلال سبع عشرة سنة، والترّدي في خدمات المستشفيات الحكومية دفع المواطنين إلى المستشفيات الخاصة.
3 ملايين أرملة عراقية ونفس العدد من الأيتام في ظروف معيشية قاسية تنعدم فيها الرعاية الاجتماعية، وتلجأ بعض النساء والأطفال للبحث في نفايات المزابل لالتقاط العلب الفارغة وبيعها لسد رمق الجوع في حين أن موارد العراق من النفط عام 2018 بلغت 8.7 مليار دولار ومجموع ما تمت سرقته من أمواله بلغ 450 مليار دولار حسب تصريح لرئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي الذي لم يقدم مسؤولا كبيرا واحدا من السارقين للعدالة.
الأفلام الوثائقية الكثيرة تنقل حياة البؤس والخراب والمياه الأسنة في الشوارع الطينية وانعدام مياه الشرب النقية خاصة في مدن الجنوب التي يدّعي هؤلاء السياسيون الموبوؤون تمثيلهم لها، إضافة لحياة سكان المخيمات البائسة من أبناء المحافظات المنكوبة باحتلال داعش.
المتمتعون بأموال العراق هم السراق السياسيون وقادة الميليشيات الموالون لطهران فيما يصل شعب العراق إلى حافة الموت والانهيار. ماذا صدّرت لنا إيران غير البضاعة الفاسدة والمخدرات والقتلة ووباء السياسيين الفاسدين وأخيرا وباء كورونا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق السياسيون أخطر من كورونا العراق السياسيون أخطر من كورونا



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني

GMT 11:08 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

أجمل ديكورات غرف نوم أطفال من انستغرام

GMT 09:48 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

فندق "غراند حياة أبوظبي" يفتح أبوابه للنزلاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib