كما لو أنه انتحر

كما لو أنه انتحر

المغرب اليوم -

كما لو أنه انتحر

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

هذا اعترافٌ وليس مقالاً أو زاوية مع أنه في موضع الموضعين. في 24 يونيو (حزيران) الماضي، وهو تاريخٌ ينبغي ألا أنساه لأنه يصادف يوم مولدي، ذهلتُ مع العالم أجمع بأخبار عن انقلاب عسكري، قام به يفغيني بريغوجين، صاحب المرتزقة الشهير، على سيده وحاميه فلاديمير بوتين. لَهثنا خلف التطورات كأن الحادث وقع في بيوتنا. فالانقلابُ في موسكو هزة عالمية سواء نجح أو فشل وليس مجرد تغير قبعة عسكرية على ضفاف النيجر أو في بوركينا فاسو.    

سرّعتُ، أو تسرّعت، في كتابة مقال أتوقع فيه أن يسارعَ بريغوجين بدوره إلى الانتحار كما هي الحال في هذه السوابق. إذ يصرُّ الذين مثلهُ على وداع هذا العالم لأن حساسيتهم البالغة لا تطيق أفعال الخيانة وخداع الزعيم المُبجّل.

لكن عندما رأيت الرفيق يفغيني في موسكو يحتفل مع سيد الكرملين ببهجة اللقاء، سارعت إلى سحب المقال لكي لا أُتهم بالغباء. إلا أنني أبقيتُ نسخة منهُ جاهزة تطبيقاً لمبدأ علّ وعسى. ثم اختفى صاحب «فاغنر» عن الشاشة تماماً بعدما قيل إنه في روسيا البيضاء في حماية حاكمها لوكاشينكو. ومثل أبطال السينما ظهرَ السجين السابق وبائع النقانق المعروف في قلب أفريقيا مستعرضاً ما حققهُ من إنجازات للدولة الروسيّة. إذاً، لماذا يقْدم الرفيق يفغيني على الانتحار؟

أعترفُ أيضاً بأنني لم أستطع أن أنزع من بالي فكرة الخوف على صاحب أقبح مهنة في التاريخ. فالذي فعله يتخطى غفران الخطأ الذي ارتكبهُ في حق الزعيم. لقد وجّه إليه الإهانة الداخلية في وقتٍ كان يعاني من إهانات الخارج. وفي العقلية الروسية كل شيء يُنسى إلا الإهانات، لا بدَّ من حلها في مبارزة بين الفريقين. وهذه مسألة يعرفها يفغيني تماماً من خبرته في المتاجرة بالأجساد والأرواح والكرامات.

لماذا بقيتُ مصراً على فكرة الانتحار؟ لا أدري ربما السبب كثرة الحالات المشابهة. جميعنا نذكر على سبيل المثال، كيف انتحرَ الأخ صبري البنّا «أبو نضال» في بغداد مطلقاً على نفسه 6 أو 7 رصاصات على الأقل إصراراً منه على تحقيق أمنيته. وقد وضع الصحافي البريطاني الشهير باتريك سيل قصة أبو نضال تحت عنوان «مسدس للإيجار». فاتنا جميعاً أنَّ ثمة أساليب أخرى غير الانتحار. أحدها مثلاً أن يكون يفغيني بريغوجين واحداً من 10 ركابٍ انفجرت بهم الطائرة قبل وصولها إلى موسكو. والتحقيقُ جارٍ طبعاً. لكنهُ هذه المرّة يكون قد سهّل تحديات الرئيس بوتين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كما لو أنه انتحر كما لو أنه انتحر



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025
المغرب اليوم - نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025

GMT 00:20 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك
المغرب اليوم - دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق
المغرب اليوم - استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق

GMT 20:58 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 08:59 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

اثر الفساد على الدخل القومي

GMT 21:17 2024 الخميس ,01 آب / أغسطس

كمبيوتر عملاق يكشف أسرار الأدوية

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 22:20 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسميًا برشلونة يعلن غياب ديمبلي 10 أسابيع للإصابة

GMT 05:48 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

4 أسباب تجعل هولندا "جنة الدراجات الهوائية"

GMT 10:00 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

" وصايا" للكاتب عادل عصمت الأكثر مبيعًا بالكتب خان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib