حدود بلا حدود

حدود بلا حدود

المغرب اليوم -

حدود بلا حدود

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

عندما بدأت أحداث سوريا منذ عقد، بدأت معها حركة نزوح هائلة في ثلاثة اتجاهات حدوديّة: تركيا، ولبنان، والأردن. تركيا والأردن تملكان مقومات الدول القادرة على التعامل مع الحالات الطارئة، ولبنان لا دولة ولا قدرة ولا قرار. كانت تركيا تلعب دوراً سياسياً وعسكرياً وإقليمياً. ولذلك فتحت حدود النزوح ورحَّبت بالنازحين، بل أعلنت فتح الباب أمام من يريد الجنسية، بحيثُ تستفيد من حيويّة المستثمر والتاجر السوري، ومعهما العامل المشهور.    

في لبنان والأردن كان قد سبق مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، وتضاعف العبء الاجتماعي والاقتصادي والقانوني: 46 في المائة من نزلاء السجون في لبنان سوريون. وعندما تغير الموقف السياسي الإقليمي في أنقرة، تغير موقف الأتراك من «الغريب» السوري. وصار مضطهداً بين الناس، ويتعرض للمضايقات وحتى للقتل. ويقول الأستاذ فايز سارة في مقاله يوم الثلاثاء إن جميع النعرات القديمة بين الشعبين قد ثارت من جديد. التركي الذي لا ينسى أن السوري قد طعن الإمبراطورية العثمانية واتجه نحو الغرب، والسوري الذي لا ينسى أن التركي قد استعمره عدة قرون.

بدأت في لبنان حملة شعبيّة ضد ازدياد النزوح بالآونة الأخيرة. ووفقَ الأرقام المتداولة فإن عدد السوريين يزيد على مليونين ونصف المليون، أي نحو نصف الشعب اللبناني. وعندما تكون الجالية في مثل هذا العدد، يصبح من الطبيعي وقوع حوادث فردية بعضها يتّسِم بالعنف، أو بالعنف الشديد، ويشير اللبنانيون إلى هذه الحوادث كدليل على أخطار النزوح. وازدادت في الأيام الأخيرة الدعوات إلى نظام فيدرالي، أي إلى تقسيم مقنّع، كوسيلة لمواجهة التغيير الديموغرافي الذي أصبح أمراً واقعاً.

الحال أن نزوح 8 ملايين سوري يبدو وكأنه قضية تركية لبنانية أردنية، لا علاقة لسوريا بها، وقد أعلنت دمشق غير مرة أنها لن تستعيد مواطنيها إلا إذا تكفلَ الآخرون بإعادة الإعمار، وهو مشروعٌ إذا بدأ يحتاج لسنواتٍ عدّة.

تمكنت تركيا من وقف النزوح، وكذلك الأردن، بينما يستمرُّ دخول الشباب السوري إلى لبنان بالآلاف. وربما تكون الحملة الشعبية في تركيا ضد السوريين مدبرة إلى حدٍ بعيد من أجلِ تخويفهم من البقاء أو من مجيء المزيد. مشكلة في الخروج ومشكلة في العودة. وفي كل الحالات المتضرر هو النازح الذي يبدو غريباً هنا، وغريباً هناك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدود بلا حدود حدود بلا حدود



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025
المغرب اليوم - نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025

GMT 00:20 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك
المغرب اليوم - دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق
المغرب اليوم - استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق

GMT 20:58 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 08:59 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

اثر الفساد على الدخل القومي

GMT 21:17 2024 الخميس ,01 آب / أغسطس

كمبيوتر عملاق يكشف أسرار الأدوية

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 22:20 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسميًا برشلونة يعلن غياب ديمبلي 10 أسابيع للإصابة

GMT 05:48 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

4 أسباب تجعل هولندا "جنة الدراجات الهوائية"

GMT 10:00 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

" وصايا" للكاتب عادل عصمت الأكثر مبيعًا بالكتب خان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib