أسوأ ما ارتكبا

أسوأ ما ارتكبا

المغرب اليوم -

أسوأ ما ارتكبا

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

هل أنصفت مصر عباس محمود العقاد؟ ربما لم يخطر لها السؤال. ولكن ما مناسبته الآن، فهل هي ظلمته؟ لست مؤهلاً لطرح السؤال ولا للإجابة عنه. لكنني كلما عدت إلى صاحب «العبقريات» أُدرك أكثر مدى النتاج الأدبي والفكري العظيم الذي تركه، وأشعر أن العمل المطلوب أو المفروض، أو المفترض عن عمل العقاد، لم يصدر بعد، وربما مضت مرحلته ولم يصدر. طبعاً لست غافلاً عن التحفة التي تركها أنيس منصور «في صالون العقاد»، لكنّ هذا كان كتاباً جميلاً عن العقاد الشفهي، وعن مجلسه، و«محاضراته»، وأطراف أحاديثه وحواراته ولطائفه الكثيرة، وعن طبيعة شخصه وطريقته في الاتكاء على كنبة الصالون تفادياً لآلام المصران التي لازمت حياته. ولا أستخدم كلمة «الغليظ» للتحديد، بسبب ما فيها من غلاظة، ولا كذلك «المصران الأعور» لأنه كان في إمكان العلماء والأطباء العثور على اسم أقل غلاظة وأخف وأحق عوراً. ولا أدري كيف لم يخطر ذلك للعقاد الذي أغنى اللغة بحثاً وتدقيقاً. وكان من كبار المترجمين وأكثرهم علماً وتفوقاً بحيث لا تشعر أن في عمله أي أثر للترجمة حتى لو كان الموضوع عن «عصر شكسبير». وللمناسبة فقط، لم أجد ترجمة أجمل وأفضل للقصيدة القصيرة «SONIT» من تسمية العقاد لها «الموشحة»، مع أن هذا تعريب تام دون المحافظة على الأصل. لكنّ «المعلم» على ما يبدو، انتقى من جماليات الموشح الأندلسي، وفرادته، فزاد على جماله بتأنيثه، وما لا يؤنَّث لا يعوَّل عليه، كما علّمنا محيي الدين بن عربي.
ماذا نعني أن مصر لم تنصف العقاد؟ ماذا كان يمكن أن تفعله علاوة على وضعه في صف العمالقة، حياً وغائباً، ولو كان لديها «مجمع للخالدين» مثل فرنسا، لجعلته طبعاً، في الأوائل؟ ولكنه مجرد شعور لديَّ بأن مصر ظلت تنظر إلى العقاد بطرف عينها، كأن نتاجه ملحون، بينما آداب العمالقة الآخرين عبقرية مكرسة. ولئن كان البعض، منهم طه حسين، انتقده وقلل من قدره وهو حي، فإن تلك الحملات تستحق الآن إعادة نظر وإعادة تقييم لأن في الكثير منها، في حملة جماعة «أبولو»، الكثير من الغلاظة والعور.عندما نراجع إرث العقاد اليوم، وجلّه من النوع الذي لا يبهت عليه تاريخ، يتراءى لنا أن العمادة كانت حقاً لطه حسين، وفي محاذاته الرجل الذي أعلنه يوماً أمير الشعراء. وهو أسوأ ما ارتكب الاثنان في حياتهما.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسوأ ما ارتكبا أسوأ ما ارتكبا



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025
المغرب اليوم - نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025

GMT 00:20 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك
المغرب اليوم - دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق
المغرب اليوم - استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 20:58 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 08:59 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

اثر الفساد على الدخل القومي

GMT 21:17 2024 الخميس ,01 آب / أغسطس

كمبيوتر عملاق يكشف أسرار الأدوية

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 22:20 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسميًا برشلونة يعلن غياب ديمبلي 10 أسابيع للإصابة

GMT 05:48 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

4 أسباب تجعل هولندا "جنة الدراجات الهوائية"

GMT 10:00 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

" وصايا" للكاتب عادل عصمت الأكثر مبيعًا بالكتب خان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib