يوم هرب جبار روسيا

يوم هرب جبار روسيا

المغرب اليوم -

يوم هرب جبار روسيا

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كان القرن التاسع عشر، على ما أظن، أزهى عصور الأدب، لأنه كان أعظم عصور الرواية، وعذراً ممن يقدمون عليها الشعر، فالشعر قص مأسور والرواية قص حرّ. وفي النهاية، الأدب ذوق، وفي قصيده أو في نثره روعة. ومنه أجمل وأصدق رفقة في كل وجوه الحياة.
اختلف القراء والأدباء والنقّاد في العالم، هل الرواية الروسية أعظم أم الفرنسية؟ وكلاهما على حق. واختلفوا إذا كان دوستويفسكي أهم أو تولستوي؟ وكلاهما على حق. وهل فيكتور هيغو أعمق أم بلزاك؟ وليس ذلك مهماً أمام جمالية السرد.
الثابت أن القرن التاسع عشر كان مجد الرواية الكبرى. وعندما نقارن، نقول هيغو أم بلزاك، وليس هيغو أو أندريه جيد. ونقول تولستوي أم تشيكوف؟ وليس تولستوي أو بوريس باسترناك.
سوف أحاول، بين فترة وأخرى، أن أبحر مع جنابكم في سِيَر هؤلاء السادة الذين كانت حياة بعضهم أكثر درامية من الروايات التي أنشأوها. حياة مليئة بالقلق والألم، وأحياناً، الفقر والمرض. وفي حالة ليو تولستوي، كان هو الثري الذي تخلى عن ثروته للفقراء والفلاحين، لكي يعيش حياتهم. لم يكن شيء في مكانه. الزوجة التي أحبها كانت تصغره بـ16 عاماً. لكنه رزق منها بـ13 ولداً، وكان لهما 21 حفيداً. أحبها ونفر منها، وقالت الإشاعات إنها كانت تخونه. وفي نهاية الأمر، قرر الهرب منها إلى مكان لا يعرفه أحد، غير أن تلك الرحلة التي سميت «الهروب من الجنة» كانت آخر رحلات حياته. لحقت به صوفيا أندريفنا مثل مجنونة. وأثار الخبر جميع أهل روسيا. لقد هرب الكونت ليلة 27 أكتوبر (تشرين الأول) يرافقه طبيبه الخاص، ماكوفيتسكي.
عثر عليه أحد الصحافيين في محطة للسكك الحديدية فأبلغ زوجته. وقدم له رئيس المحطة غرفة في منزله، حيث راح يكتب الرسالة الوداعية إلى صوفيا: لا يريد أن يراه أحد بعد الآن، ولا أن يرى هو أحداً. إنه في النزع الأخير. وسوف تنقلب روسيا بالآلاف إلى محطة القطار لكي تصغي إلى أنفاسه الأخيرة. الزوجة التي حملها جميع أمور النشر لمؤلفاته الروائية، والتي أعادت مرتين كتابة أجزاء من روايتيه الرئيسيَّتين، ومؤلفات أخرى، الزوجة التي لم تنم الليالي في شبه جزيرة القرم، حيث كان يرقد على فراش الموت قبل 9 سنوات. كان من الممكن في كل لحظة أن تستيقظ وترى الأبواب مغلقة، والفوضى في غرفته، وتدرك أن ما تخشاه أكثر من أي شيء في الدنيا قد حدث!
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم هرب جبار روسيا يوم هرب جبار روسيا



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025
المغرب اليوم - نصائح لإتقان فن إختيار المعاطف التي تلائم إطلالتك في شتاء 2025

GMT 00:20 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك
المغرب اليوم - دليلك الشامل لإختيار الكرسي المُميز المناسب لديكور منزلك

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق
المغرب اليوم - استشهاد المذيعة السورية صفاء أحمد في قصف إسرائيلي على دمشق

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 20:58 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 08:59 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

اثر الفساد على الدخل القومي

GMT 21:17 2024 الخميس ,01 آب / أغسطس

كمبيوتر عملاق يكشف أسرار الأدوية

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 22:20 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسميًا برشلونة يعلن غياب ديمبلي 10 أسابيع للإصابة

GMT 05:48 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

4 أسباب تجعل هولندا "جنة الدراجات الهوائية"

GMT 10:00 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

" وصايا" للكاتب عادل عصمت الأكثر مبيعًا بالكتب خان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib