بقلم - سمير عطا الله
تشبه وقائع الآونة الأخيرة في نواحٍ عدة، أحداث يونيو (حزيران) 1967. التفوق التقني والمعلوماتي يلعب الدور الأهم، والعرب في مأزق وجودي ووجداني أمام شراسة إسرائيلية لا تتوقف عند شيء. وفي متاهته وضعفه، يعقد العالم في مجلس الأمن مباراة منبرية لن تؤدّي إلى قرار هزيل مثل 242، الذي لم يطبق منه شيء حتى الآن.
عام 1967 اشتعلت الأمة حماساً. وأغلق جمال عبد الناصر مضائق تيران، وتوسعت الجبهة فشملت سوريا والأردن. وفي المواجهة الحالية بدأت الحرب في غزة، وتوسعت إلى جنوب لبنان، ثم إلى سائر مناطقه. وكما أعلن عبد الناصر أن حسابات كثيرة كانت خاطئة، وأدّت إلى نكسة في النتائج، أعلن زعيم «حزب الله» أن الخطأ في الحسابات أدّى إلى المأزق العسكري، وأن الاختراق أدى إلى النكسة السياسية. والاختراق هنا يشبه إلى حد بعيد الدور الذي نُسب إلى المشير عبد الحكيم عامر في نزاعه مع عبد الناصر.
الفوز يتسابق الجميع إلى تبنيه، أما النكسة فتبقى يتيمة مدى الدهر. وقد تلاحقت النكسات على جبهة الممانعة من غزة إلى لبنان. وأظهرت الوحشية الإسرائيلية إصراراً لا مثيل له، بينما حصلت المأساة الفلسطينية في فصلها الأخير، على ما حصلت عليه في فصولها السابقة: دعم عاطفي، لا يشكّل شيئاً بالمقارنة مع الحجم الحسي والمادي للكارثة المتمادية منذ عام. يقال إن الخراب الذي لحق بغزة يحتاج إلى 20 عاماً من إعادة الإعمار. حيثما مرّ نتنياهو، تحوّل كل شيء إلى غبار. وفي المقابل، عالم متخاذل إلى درجة الشراكة في الجريمة. ليس موقف أميركا المائع، بل موقف روسيا والصين ومعهما طبعاً نادي الدول الكبرى برمته.
مارست إسرائيل في العام الأخير جميع أنواع الخروج عن «قواعد» الحروب: إبادة الأطفال والنساء بعشرات الآلاف، وتدمير المستشفيات والمساجد والمدارس، وعممت سياسة الاغتيال الجماعي بالخداع والاحتيال. ومن أجل قتل هدف واحد لم تتردد لحظة في تدمير أحياء، أو مدن بأكملها.
أدّت حرب 1967 إلى مقتل 9800 عسكري مصري. حرب غزة أدّت، حتى الآن، إلى مقتل 42 ألف مدني. وهو رقم مشكوك فيه حتى لو كان صادراً عن وزارة الصحة. وبالمناسبة، تحية إلى وزير الصحة في لبنان فراس أبيض، ذروة الكفاءة في بلد عديم.