لبنان رصاص التباعد بين القواميس
وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن عمر يُناهز 81 عاماً بعد مسيرة فنية امتدت لعقود مظاهرة في واشنطن دعماً للفلسطينيين واللبنانيين الذين يتعرضون لهجمات إسرائيلية مكثفة حصيلة قتلى ومصابي الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية منذ بدء العمليه البرية باتجاه قرى جنوب لبنان آلاف الأشخاص يتظاهرون في مدريد ومدن أخرى حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات تضامن مع قطاع غزة ولبنان غارة إسرائيلية استهدفت منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية اللبنانية وزارة الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر إلى 41 ألفا و825 شهيداً و96 ألفاً و910 مصاباً منظمة الصحة العالمية تُعلن أكثر من 6% من سكان قطاع غزة استشهدوا أو أصيبوا في عام منظمة الصحة العالمية تُعلن إخلاء 3 مستشفيات جنوب لبنان والادعاءات الإسرائيلية لا تبرر استهدافها منظمة الصحة العالمية تؤكد 73 موظفاً بالقطاع الصحي اللبناني استشهدوا جراء الاعتداءات الإسرائيلية اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي
أخر الأخبار

لبنان... رصاص التباعد بين القواميس

المغرب اليوم -

لبنان رصاص التباعد بين القواميس

غسان شربل
غسان شربل

ما أصعبَ الكتابة وسط الحرقة واللوعة! بكاء من خسرت ابنَها، وحزن من فقدت شقيقَها، ودموع من انضم إلى قافلة الأيتام. وواضح أنَّ كلَّ قتل داخل الوطن يتضمَّن قتلاً للوطن، وبغض النظر عن الملابسات والظروف، دمُ كل مواطن جزء من دم الوطن، إهداره جريمة تستحقُّ شديدَ العقاب ولكن عبر العدالة.ما أصعبَ الكتابة! لأنَّنا نحكي عن بلاد الخوف والخائفين. بلاد لا يجيد القوي الحالي فيها فنَّ طمأنة المذعور، ولا يجيد الخائف سلوكَ طريق الواقعية وخفض الأضرار. وتتكرَّر المآسي كلما تغيّر اسم القوي واسم المذعور.

أعرف تماماً مسرحَ الأحداث الأخيرة المؤلمة في لبنان. جلتُ فيه مراتٍ كثيرة منذ عقود. وأتردّد عليه خلال زياراتي إلى لبنان كمن يتفقَّد المسرح الذي انطلقت منه الرصاصة الأولى في حرب لبنان في 13 أبريل (نيسان) 1975. تفقَّدت كثيراً الطريق التي تفصل عين الرمانة عن الشياح. افتعلت أسباباً عدة لزيارة الدكاكين الصغيرة على الجانبين ومعاينة الصور المعلقة فيها والتمعن في قواميس أصحاب الدكاكين وتعابيرهم. كنت أكتب عن الحرب واجتذبني مربع ولادتها.

على جانبي الطريق احتشد لبنانيون فقراء أو من ذوي الدخل المحدود من العمّال وصغار الموظفين والجنود والمتقاعدين. جاؤوا إلى بيروت بعدما ضاقت بهم سبلُ العيش في الجنوب أو البقاع أو الشمال. وبينهم من جاؤوا مرغمين يحملون مرارات التهجير الذي أطلقته الحرب. لبنانيون بسطاء يحلمون بالكرامة والخبز وتأمين إرسال الأطفال إلى المدارس. الشياح يكتظُّ بالشيعة وعين الرمانة تكتظُّ بالمسيحيين. وكان بين شباب الشياح من تستميله الأحزاب اليسارية قبل أن تجتذبَهم هالة الإمام موسى الصدر فينخرط كثير منهم في حركة «أمل» خصوصاً بعد انتفاضة 6

فبراير (شباط) 1984 بقيادة نبيه بري. وكان شباب عين الرمانة ينجذبون إلى حزبي «الكتائب» و«الوطنيين الأحرار» قبل أن تنعقد السيطرة لـ«القوات اللبنانية» بزعامة بشير الجميل.
لم يخطر ببال سكان عين الرمانة ولا ببال سكان الحي المجاور أنَّ حدثاً بدا بعيداً للوهلة الأولى سيحضر بقوة لاحقاً على جانبي الطريق التي لا يتعدَّى عرضها عشرة أمتار. إنَّه الثورة الإيرانية بقيادة الخميني في 1979. وفي 1982 وبعد الغزو الإسرائيلي للبنان وفيما كان أبناء عين الرمانة يحتفلون بانتخاب بشير الجميل رئيساً ثم يبكون في وداعه قبل دخوله القصر، كانت إيران تضع اللبنات الأولى لبناء «حزب الله» اللبناني. الحزب هو التغيير الكبير الذي طرأ على الساحة الشيعية والمشهد اللبناني، خصوصاً بعد دوره في تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي. وفي حين كان الحزب يعزز حضوره السياسي وآلتَه العسكرية والأمنية في بداية القرن الحالي، كان سمير جعجع في السجن وميشال عون في منفاه الفرنسي. وسرعان ما بدا أنَّ الحزب الذي ورث دور سوريا في لبنان بعد انسحاب قواتها من لبنان إثر اغتيال رفيق الحريري هو مشروع أكبر من قدرة الدولة اللبنانية على احتوائه. تأكد هذا الانطباع حين كسر الحزب بالقوة العسكرية إرادة اللاعبين السنّي والدرزي في أحداث 7 مايو (أيار) 2008. كما تأكد حين خرج الحزب من لبنان ليلعب أدواراً عسكرية وأمنية في سوريا وغيرها.
ما يسمعه زائر «المناطق الحدودية» بين الطوائف اللبنانية كعين الرمانة والشويفات وقصقص وصيدا وغيرها يشير إلى أزمة عميقة تعيشها البلاد وتبدو غير قادرة على مواجهتها. يستحيل بناء دولة طبيعية في ضوء الواقع القائم على الأرض والدليل هو انهيار ما كان تبقى من الدولة. اقتصاد مدمر، وعزلة عربية ودولية، وقلق متصاعد لدى المجموعات اللبنانية، فهي تشعر بسقوط لبنان السابق وليست مطمئنة إلى موقعها في لبنان المقبل. يضاف إلى ذلكشعور بقية الطوائف أنَّ «حزب الله» أخرج الطائفة الشيعية من النسي الوطني ليبني فيها نموذجاً صارماً وموصداً يهدّد بالاصطدام الدائم بالمكونات الأخرى في بلد قام على التعدد.

كانت تفصل الشياح عن عين الرمانة طريق يمكن عبورها بسهولة حين يتوقف إطلاق النار. الآن تتَّسع المسافة بين سكان المنطقتين. في الدكان في الشياح يمكنك العثور على صورة الإمام الصدر ونبيه بري أو صورة حسن نصر الله وصور عناصر «حزب الله» و«المقاومة الإسلامية» الذين سقطوا في معاركهما. وفي الدكان في عين الرمانة يمكنك العثور على صورة لبشير الجميل وسمير جعجع، وأحياناً للبطريرك الراحل نصر الله صفير فضلاً عن شارات «المقاومة المسيحية».
قبل خمسة أعوام كان هناك في عين الرمانة والمناطق التي تشبهها من يراهن على ترميم الحد الأدنى من الدولة بعد انتخاب ميشال عون. وتوقع كثيرون أن يحصلَ الجنرال بعد موقفه الملتبس من الاغتيالات والمحكمة الدولية، وبعد تحالفه مع «حزب الله» على هدايا لمصلحة الدولة وهيبتها. حصل ما هو العكس تماماً. تسمع في عين الرمانة وغيرها مرارات من عون «الذي أخذ ما يعتبره حقَّه في الرئاسة وتخلى عن الجمهورية». ينتقدون بقوة الرجل «الذي شارك في تعطيل الاستحقاقات الدستورية ودخل القصر وانشغل بترتيب مستقبل صهره لا مستقبل البلاد والأجيال».

قبل خمسة أعوام كان هناك من يعتقد أنَّ عون لن يضيع الفرصة، وأنَّه سيحاول جدياً أن يكونَ الجسر بين المكونات، وأن يستعيدَ للدولة شيئاً من بريق مؤسساتها فيتجدد رهان المجموعات على الدولة لا على الصقور. وكان هناك من يعتقد أنَّ عون سيخلع لدى دخوله القصر عباءته الحزبية وأحقاد الماضي، وأنَّه سيكرّس نفسه مرجعاً وطنياً وراعياً لترميم المعادلة اللبنانية. وفوجئ كثيرون أنَّ سنوات الرئيس انقضت في حروب صغيرة غير مقنعة، وكيديات أضعفت علاقته بمعظم المكونات ضاعفها غياب الود القديم مع الرئيس بري. الانهيار الكبير وغير المسبوق الذي شهده عهد عون وسلوك الرئيس كأنَّه مراقب معارض أضعف رصيده وشعبيته، خصوصاً بعد اغتيال مرفأ بيروت. انحسار الرهان على عون ساهم في تعزيز موقع سمير جعجع الذي بات كبير المنخرطين في مواجهة مشروع «حزب الله».

هل يريد اللبنانيون العيش معاً؟ إذا كان الرد بالإيجاب فلا خيار غير تبادل التنازلات. لا بد من موعد في منتصف الطريق أو نقطة قريبة منها. إنَّ التخاطب بالرصاص والإملاءات وفرض الملامح بالغ الخطورة في بلد متعدد تشكل الهشاشة جزءاً من قصته. لا بدَّ من العودة إلى الجلوس تحت سقف الدستور. لا بدَّ من قضاء مستقل لا تكسر إرادته ولا تنتقص عدالته تبعاً لمزاج القوى السياسية. لا بدَّ من العودة إلى مفردات مشتركة، فالدولة العادلة لا تؤسس على الغلبة أو القهر أو كسر الإرادات. لا بدَّ من مراجعة كي لا تتحول الطريق التي كانت تفصل بين حيين هما عين الرمانة والشياح إلى هاوية تفصل بين عالمين. لا بد من محاكمة كل من قتل. لكن لا بدَّ أيضاً من العودة إلى روح لبنان واحترام حق الاختلاف واستجماع شظايا دولة تعيد البناء من الصفر. دولة تستطيع ترميم الحديقة الهشة التي مزقتها وطأة الصقور. ولم يعد سراً أنَّ التباعد يقضم التعايش. وأنَّ الهوة بين الأحياء المتجاورة تتسع، وأنَّ افتراق القواميس يتضاعف. كان من المؤلم أن يدوّي رصاص جديد قرب مسرح الرصاصة الأولى. واضح أنَّ نصر الله يغرف من قاموس لا يشبه القاموس الذي يغرف منه جعجع. وواضح أنَّ عون ضاع في الهوة الفاصلة بين القواميس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان رصاص التباعد بين القواميس لبنان رصاص التباعد بين القواميس



GMT 21:46 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 21:41 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العودة التي لا مفرّ منها إلى غزّة

GMT 21:36 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان أبقى من كل هؤلاء

GMT 21:33 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بري رجلُ السَّاعة

GMT 21:28 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أية حقيقة؟

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:18 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»
المغرب اليوم - ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 23:10 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد ورق الغار للصحة

GMT 06:52 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي عل الألوان التي يمكن تنسيقها مع " الأخضر" في الديكور

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

استئنافية وجدة ترجئ النظر في قضية "راقي بركان"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib