الربان الصيني والهدية الأوكرانية
وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن عمر يُناهز 81 عاماً بعد مسيرة فنية امتدت لعقود مظاهرة في واشنطن دعماً للفلسطينيين واللبنانيين الذين يتعرضون لهجمات إسرائيلية مكثفة حصيلة قتلى ومصابي الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية منذ بدء العمليه البرية باتجاه قرى جنوب لبنان آلاف الأشخاص يتظاهرون في مدريد ومدن أخرى حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات تضامن مع قطاع غزة ولبنان غارة إسرائيلية استهدفت منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية اللبنانية وزارة الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر إلى 41 ألفا و825 شهيداً و96 ألفاً و910 مصاباً منظمة الصحة العالمية تُعلن أكثر من 6% من سكان قطاع غزة استشهدوا أو أصيبوا في عام منظمة الصحة العالمية تُعلن إخلاء 3 مستشفيات جنوب لبنان والادعاءات الإسرائيلية لا تبرر استهدافها منظمة الصحة العالمية تؤكد 73 موظفاً بالقطاع الصحي اللبناني استشهدوا جراء الاعتداءات الإسرائيلية اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي
أخر الأخبار

الربان الصيني والهدية الأوكرانية

المغرب اليوم -

الربان الصيني والهدية الأوكرانية

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

يجد الغرب صعوبة بالغة في فهم الزعماء الأقوياء الذين يولدون من قواميس لا تتطابق مع قاموسه. يتعذر عليه إدراك السبب الحقيقي لصعودهم والخيوط التي تربطهم بجمهورهم. يجد صعوبة في فهم تطلعاتهم الحقيقية ومراميهم البعيدة. ربما لأنهم يقرأون حاضر العالم ومستقبله انطلاقاً من الإطار الجغرافي والسياسي الذي نشأوا فيه، ومعه الواقع الاقتصادي والإرث الثقافي.
يشعر الغرب بالقلق من بزوغ الأقوياء في بلدان عريقة وواعدة تطالب باستعادة مكانة كانت لها في التاريخ قبل أن تتغير موازين القوى واتجاهات الرياح. ويتضاعف سوء التفاهم حين يشعر الغرب بأنه حصل، وخصوصاً بعد انهيار جدار برلين، على تفويض كامل برسم مستقبل العالم، انطلاقاً من تصوراته وبمفرداته. يميل الغرب إلى الاعتقاد أنه عثر على الوصفة السحرية لرسم ملامح «القرية الكونية» وأن انهيار النموذج السوفياتي أعطاه حق اعتبار نموذجه المرجع والمقياس. وهذا يفسر إلى حد كبير الاشتباك الدائم في هذا القرن حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات والثورات الملونة ودور المجتمع المدني وتفسير القانون الدولي وحدود السيادة وحدود حق التدخل. ولا مبالغة في القول إن المشهد الدولي الذي تشكّل غداة انهيار الاتحاد السوفياتي وما تضمّنه من حديث عن القوة العظمى الوحيدة والقطب الواحد، يتعرض اليوم لانقلاب واسع يكاد يعادل حرباً عالمية. انقلاب عسكري وسياسي واقتصادي تضطلع بالدور الأول فيه روسيا والصين.
في العقدين الماضيين أخطأ الغرب في قراءة رجلين؛ الأول فلاديمير بوتين، والثاني شي جينبينغ. في العقد الأول ساد الاعتقاد أن أقصى ما يمكن أن يتطلع إليه بوتين هو ترميم وحدة الاتحاد الروسي وتحسين صورة بلاده ورفع كفاءة جيشها وأن همَّه الأساسي سيكون إطلاق ورشة لتحسين الاقتصاد وتحديثه وبناء علاقة مصالح متوازنة مع الغرب. وعلى هذا الأساس تصرفت المستشارة الألمانية في إقامتها المديدة، ومِثلها فعل من تعاقبوا على الإليزيه و10 داونينغ ستريت. ومع اندلاع الحريق الأوكراني اكتشف الغرب أنه لم يكن يعرف بوتين الحقيقي، وربما لم يكن يعرف ما يدور في أعماق الروح الروسية نفسها.
ارتكب الغرب خطأ آخر حين اعتبر كثيرون فيه أن شي جينبينغ الذي لم يكن تولَّى الموقع الأول بعدُ هو رجل «واقعي ومعتدل». وثمة من اعتقد أن شي سيقود بالضرورة عملية التقدم الصيني مقتفياً آثار دينغ هسياو بينغ الذي جنح إلى القيادة الجماعية لضمان عدم حصر كل الصلاحيات في يد رجل واحد، على غرار ما حدث مع ماو تسي تونغ. كما اعتقد هؤلاء أن شي سيدافع عن الحزب كآلة استقرار لحماية التقدم، مع قدر من الانفتاح. ولم يخطر ببالهم أن الزعيم الصيني الجديد أقرب إلى ماو، منه إلى دينغ.
ضاعفت الحرب الروسية في أوكرانيا من اهتمام العالم باستجلاء الموقف الحقيقي للصين من الحرب، وكذلك من الانتفاضة التي يقودها بوتين ضد النموذج الغربي. وعلى مدى ثمانية أشهر كانت الصين تتعاطى مع هذه الحرب بعناية وتمهُّل وتختار عباراتها بطريقة تجنِّبها تهمة التطابق مع الموقف الروسي، وكذلك تهمة الافتراق الكامل عنه.
اتجهت أنظار العالم، البارحة، إلى الصين ومجريات المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي. موعد صيني وآسيوي ودولي. إننا نتحدث عن «مصنع العالم» والاقتصاد الثاني فيه وثورة تكنولوجية متسارعة وقوة عسكرية متصاعدة. أدرك الغرب في السنوات الأخيرة أن «طرقات الحرير الجديدة» ليست مجرد مشروع اقتصادي، بل إنها جزء من برنامج لإعادة تشكيل النظام الدولي. وتذكَّر الغرب، الذي يدفع اليوم فاتورة إمساك بوتين بكل خيوط السلطة الروسية على مدى عقدين، أن المؤتمر الذي تشهده بكين سينتهي بفتح الباب لولاية ثالثة لشي، وسط مؤشرات تؤكد تطلعه إلى موقع موازٍ لموقع ماو دفع البعض إلى إسباغ تسمية «الربان» عليه، وهو ما كان حِكراً على ماو.
في السنوات الأخيرة تلقّى الغرب إشارات أثارت قلقه. طوى شي صفحة القيادة الجماعية ليعيد البلاد إلى عهد الزعيم الأوحد. وأزال العائق الذي كان يحصر الزعامة بولايتين رئاسيتين ليعيد زمن الولاية المفتوحة. شن حملة صارمة على الفساد ساعدت أيضاً في استبعاد مناوئيه أو تدجينهم. أشرف بصلابة على سياسة «صفر كوفيد» على رغم أثمانها الاقتصادية وتقليص العلاقات مع العالم. وفي كل هذه الخطوات تعامل شي مع الحزب بوصفه الضامن والرقيب والحارس والأداة والمظلة.
لا شك أن شي الخارج منتصراً من المؤتمر العشرين سيكون الرجل الأقوى في نادي زعماء الدول الكبرى. جو بايدن تُقلقه الانتخابات النصفية وعناوين وسائل التواصل الاجتماعي والصحف، وتُربكه سياسات سوء الفهم لأهمية الحلفاء وحقّهم في الاختلاف، وهو ما يقود إلى سوء تفاهم لا يمكن إخفاؤه. وبايدن مطالَب بمهمتين متلازمتين هما منع بوتين من الانتصار في أوكرانيا، وضبط الصعود الصيني أو تأخيره لمنع أفول العصر الأميركي. وفي الكرملين زعيم قوي وجريح لا يبدو قادراً على الانتصار في أوكرانيا، ولا يبدو قادراً على العودة مهزوماً منها.
الصبر سلاح استراتيجي. كان يمكن أن يقع شي في إغراء استخدام جيش بلاده الجرار لإعادة تايوان إلى حضن الوطن الأم. لم يفعل. وقع بوتين في هذا الإغراء. أوقع جيشه في أفغانستان أوروبية ستدفع روسيا ثمنها، سواء انتصرت أم لم تنتصر. ستُضعف الحرب روسيا وستدفعها إلى العزلة لسنوات. ستُضعف الحرب أوروبا وستقلِّص استقرارها وثقلها ودورها. وهكذا ستنحصر المبارزة في السنوات المقبلة بين أميركا والصين؛ لأن بوتين لن يملك إلا خيار النوم على الوسادة الصينية. الدرس الأوكراني مفيد للصين، مهما كانت نتائجه.
ما جاء في خطاب شي أمام المؤتمر كان متوقعاً، سواء بالنسبة إلى تايوان، أو تسريع التطوير العسكري والتكنولوجي لـ«تجديد شباب الأمة». واضح أن المأساة الأوكرانية تحولت هدية لدى الزعيم الصيني. روسيا تحتاج إليه، والعالم يحتاج إلى حكمته من أوكرانيا إلى بحر الصين. حزب ماو ليس في وارد التخلي عن إمساكه المطلق بالسلطة. معركة النموذج مفتوحة. وما يحاول بوتين تحقيقه بمغامرة عسكرية باهظة، قد تحققه الصين دون إطلاق رصاصة. وأغلب الظن أن ماو يشعر بالغيرة. للمرة الأولى منذ غيابه يضع الصينيون على شرفة تاريخهم مقعداً موازياً لمقعده. لقد اختار الصينيون تعيين شريك له كي لا نسميه منافساً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الربان الصيني والهدية الأوكرانية الربان الصيني والهدية الأوكرانية



GMT 21:46 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 21:41 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العودة التي لا مفرّ منها إلى غزّة

GMT 21:36 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان أبقى من كل هؤلاء

GMT 21:33 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بري رجلُ السَّاعة

GMT 21:28 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أية حقيقة؟

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:18 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»
المغرب اليوم - ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 23:10 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد ورق الغار للصحة

GMT 06:52 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي عل الألوان التي يمكن تنسيقها مع " الأخضر" في الديكور

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

استئنافية وجدة ترجئ النظر في قضية "راقي بركان"

GMT 00:38 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مواليد برج "العقرب" يتميزون بذاكرة قوية وشخصية قيادية

GMT 10:47 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

الامهات في اول يوم دوام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib