الدراما والثقافة والأزهر

الدراما والثقافة والأزهر

المغرب اليوم -

الدراما والثقافة والأزهر

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

هل لقاء دكتور أحمد هنو، وزير الثقافة، مع فضيلة الإمام الأكبر الشيخ دكتور أحمد الطيب، الذى تم قبل بضعة أيام، أحد توابع مأزق فيلم (الملحد)؟، هكذا سألتنى المذيعة عبر إحدى الفضائيات. أكدت أن اللقاء ليس له علاقة من قريب أو بعيد بـ(الملحد)، والرقابة أساسًا لم تعرض السيناريو على الأزهر.

الدراما ليست دروسًا دينية مباشرة، ولكنها قد تتعرض لقضايا مثل الإيمان والإلحاد بزاوية رؤية اجتماعية.

المرجعية الدينية لن تصبح مرجعية ثقافية، رجل الدين لا أتخيله وهو يمارس دور الرقيب، مستمعًا إلى أغنية أو هو يشاهد مسرحية.

أغلب رجال الدين لا يتعاطون مع الفنون، وعندما تسألهم غالبًا تأتى تلك الإجابة (حلاله حلال وحرامه حرام)، وهى كما ترى جملة تسمح بكل شىء، وفى نفس الوقت تمنع كل شىء، لأنها تتابعه من خلال عدسة دينية مباشرة، (ترمومتر) يطبق قواعده الشرعية.

لا يعنى ذلك أن الفن بكل أطيافه يقف على الشاطئ الآخر من الأديان، عبر التاريخ كانت الطقوس الدينية والتقرب إلى الله منذ الفراعنة تتم وسط أجواء غنائية وموسيقية راقصة، وبالمناسبة الطقوس فى الكنيسة البروتستانتية، بها آلات موسيقية وإيقاعات وغناء.

الدين والفن ليسا طرفى صراع، ولا هما قطبان متنافران، إلا أن كلا منهما له أدواته الخاصة فى التعبير.

أحيانا يحلو للبعض تطبيق القواعد الدينية على الأعمال الفنية، وعدد من الشيوخ الذين ننعتهم بالاستنارة، يتورطون بالإدلاء بآرائهم، وكانت لهم مواقفهم المتشددة ضد الفن، حرموا أغنيات ومسرحيات وروايات.

(أولاد حارتنا) منعت فى زمن الرئيس جمال عبد الناصر من الطبع بعد نشرها على حلقات فى جريدة الأهرام، بناء على تقرير من ثلاثة شيوخ كلفهم الأزهر بالمراجعة، وجدوا أن النص ينتهك الدين، ولهذا طبعت الرواية فى بيروت، وكانت تأتى مهربة للقاهرة، قبل أن يتم السماح بطبعها، وكان شرط نجيب محفوظ حتى لا يدخل فى معارك جانبية أن يحظى أولا بموافقة المؤسسة الرسمية، وهو ما تم فى حياته، لك أن تعلم أن الأزهر منع رسميًا نحو ٢٠ عاما عرض فيلم (الرسالة) للمخرج مصطفى العقاد، قبل أن يسمح بتداوله مطلع الألفية الثالثة.

التطبيق المباشر للعمل الفنى طبقا لمعايير النص الدينى سيؤدى حتمًا إلى منع تداول العمل الفنى.

فى كل أغانينا العاطفية تستمع إلى (يا حبيبى)، تقولها امرأة للرجل والعكس، وعلى الملأ. دينيًا، لا يجوز أن يحدث ذلك علنًا حتى بين المتزوجين.

الأزهر والكنيسة فقط يراجعان الأعمال الدينية المباشرة تجنبًا لأى خطأ، ولكن تظل الرؤية الاجتماعية بمنأى عن ذلك.

عدد كبير من قارئى القرآن تعلموا أصول المقامات الموسيقية، وبعضهم أيضًا أتقن العزف على العود، ولكن غالبا، خاصة شيوخ الألفية الثالثة، يتحرجون من إعلان ذلك.

ربما كان الشيخ على جمعة، مفتى الديار المصرية الأسبق، هو الأكثر تناولًا للفنون، قال أكثر من مرة إنه يستمع لصوت وغناء محمد فوزى، وعندما اعتقدوا أنه فقط يستمع لأغانى فوزى الدينية، أجابهم والعاطفية أيضا، ومن الجيل الأكبر كان الشيخ الباقورى أكثر رجال الدين تعاطيًا مع الفنون.

لا أتذكر مثلًا أننى رأيت شيخًا أزهريًا يرتدى الزى الدينى وهو يشاهد مسرحية أو داخل دار العرض، وعندما فعلها الشيخ محمد متولى الشعراوى وشاهد مسرحية (دموع على أستار الكعبة) صارت حالة استثنائية.

الفن ليس معادلًا موضوعيًا لخطبة فى جامع ولا عظة فى كنيسة، ورغم ذلك فإن الرسالة التى يحملها لا تتناقض أبدًا مع عمق الأديان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدراما والثقافة والأزهر الدراما والثقافة والأزهر



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib