مهرجان «برلين» على نيران السياسة المشتعلة فى غزة

مهرجان «برلين» على نيران السياسة المشتعلة فى غزة!

المغرب اليوم -

مهرجان «برلين» على نيران السياسة المشتعلة فى غزة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

الجمهور الألمانى أكثر ولعًا بالسينما كرسالة ثقافية، ولهذا يحقق مهرجان (برلين) أعلى أرقام فى شباك التذاكر بالقياس مثلًا لمهرجان (كان)، بينما نجد على الجانب الآخر، ومن خلال متابعتى للمهرجانين (برلين) و(كان)، أن الجمهور الفرنسى أكثر ولعًا بالنجوم.

ولا تعنيه بنفس الدرجة الأفلام، فهم أقصد الفرنسيين، لا يعرفون النوم طوال أيام المهرجان، والهدف الأسمى الاقتراب من السجادة الحمراء ومشاهدة عن قرب أساطير الفن السابع وأغلبهم من هوليوود، بينما المتفرج الألمانى يفعل ذلك قطعًا ولكن بقدر من العقلانية لا تتوفر لهؤلاء العاشقين المتيمين الفرنسيين.

مدينة (برلين) فى أيام المهرجان تعرف النوم بعد انتهاء الفعاليات اليومية، بينما فى (كان) لا وقت للنوم، الكل يقف بالساعات أمام السجادة الحمراء ويحيط من كل جانب الفنادق التى يقيم فيها النجوم، لعل وعسى يحظى بصورة (سيلفى).

كثيرًا ما يضرب مهرجان برلين دائمًا بكل القواعد والبروتوكول المعمول به فى عالم المهرجانات عرض الحائط، باستثناء لون السجادة (الحمراء)، فهو لم يغير أبدًا اللون، إلا أنه على المقابل لا يضع أبدًا شروطًا مسبقة لارتداء الزى الذى ينبغى الالتزام به لحامل الدعوة، كما أنه يفتح الباب أكثر للإعلاميين من مختلف دول العالم لحضور هذا الحدث.

ويخصص لهم أيضًا أماكن مميزة، ولهذا ستجد على سجادة (برلين) خليطًا من كل شىء من يرتدى الببيون والاسموكن ومن يرفض حتى ارتداء الكرافت، مكتفيًا أحيانًا فى عز البرد بالقميص، وهو على عكس تمامًا مهرجان (كان) الذى يتدخل حتى فى توجيه النساء إلى حتمية ارتداء أحذية بالكعب العالى، وهو ما دفع عددًا كبيرًا من النجمات وقتها إلى تحدى القرار وخلع الأحذية والسير حافيات على السجادة الحمراء.

مهرجان (برلين) أسقط كل تلك التفاصيل الشكلية وكأنه يردد مع محمد منير بشعر عبدالرحيم منصور وتلحين أحمد منيب (يهمنى الإنسان ولو مالوش عنوان)، وهكذا وكما توقعت تواجدت كل القضايا السياسية فى الافتتاح سواء على السجادة أو داخل قصر الاحتفال بدار العرض، الذى يطبق حقًّا قواعد الديمقراطية ولم تغب أبدًا فلسطين وما يجرى فى قطاع غزة عن ضمير المهرجان وعدد كبير من رواده، قبل الافتتاح تابعنا كيف أن بعضًا من العاملين داخل الإدارة الفنية للمهرجان يعلنون تضامنهم مع أهالى غزة، وهو ما تأكد أيضًا فى الافتتاح حيث لونت أحداث غزة ملامح المهرجان.

وهذا لا يعنى أنهم لا يدينون قتل المدنيين فى إسرائيل، ولكن هناك تعاطفا مع غزة أشهده لأول مرة، ولم يغب أيضًا ما يجرى فى إيران من قمع للحريات، وبعيدًا عن السجادة تابعنا عددًا من التجمعات من المواطنين الألمان أو الضيوف وهم ينددون أيضًا بالقمع فى إيران، الدولة لا تضع أبدًا قواعد تمنع التعبير، فقط تشترط مسافة للمواطن الذى يريد التعبير عن موقفه بعيدًا عن السجادة، رغم أن السجادة كانت صاخبة بما يكفى بكل الأحداث السياسية.

المهرجان يضم نحو 200 فيلم من واقع آلاف الأفلام التى تقدم أصحابها بالعرض فى العديد من أقسامه، ومؤكد أقصد من المنطقى أن بعض صناع السينما المصرية تقدموا بأفلامهم داخل (برلين)، إلا أن لجان الاختيار لم توافق، فى العادة لا يعلن المخرج أو المنتج المصرى عن المحاولة ولا إدارة المهرجان تكشف أسرارها، فهذا يعد اختراقًا لقواعد السرية المعمول بها فى العالم كله.

قطعًا هذا الغياب يجب أن يحمل رسالة أتمنى أن تصل لمن يهمه الأمر، لو كان حقًّا هناك من يعنيه هذا الأمر، وربما الشراكة السينمائية مؤخرًا بين مصر والسعودية من خلال هيئة الترفيه ووزارة الثقافة السعودية وعدد من الشركات الخاصة فى مصر والسعودية تلعب دورها فى تقديم نوعية من الأفلام، وبقدر ما تحقق رواجًا داخليًّا فإن عددًا منها ستتقدم للمهرجانات العلمية لتزداد فرص تواجدنا، ويجب أن نذكر أن صندوق مهرجان (البحر الأحمر) يشارك بأربعة أفلام فى تلك الدورة بينهما الفيلمان العربيان التونسى والموريتاتى فى المسابقة الرسمية (ماء العين) و(الشاى الأسود)، بالإضافة إلى (مثل قصص الحب) و(الناجون من العتمة) فى البانوراما و(الرحلة الأخيرة) فى السوق.

بالمناسبة لا تتواجد السينما المصرية هذه الدورة حتى فى السوق، ولا أتصور أنها على الأقل فى السنوات الخمس عشرة الأخيرة تواجدت فى سوق المهرجان الألمانى، بينما كانت لنا مشاركات داخل السوق فى مهرجان (كان)، من خلال وزارة الثقافة ومهرجان القاهرة وغرفة صناعة السينما، وأحيانًا بمشاركة من وزارة السياحة، بينما حاليًّا حتى تواجدنا فى (كان) داخل السوق بات شحيحًا.

المهرجان هذا العام لا تتواجد فيه السينما الأمريكية بأفلامها ولا نجومها بكثرة برغم حضورها فى تكريم المخرج الكبير مارتن سكورسيزى بالدب الذهبى الفخرى على إنجازه الفنى، الذى سيلقى أيضًا محاضرة.

ولا أتصور كما يحلو للبعض التفسير بأن الأمر مقصود أو أن هوليوود تدعم أكثر مهرجانى (كان) و(فينسيا)، على حساب (برلين)، لأنه فى عدد من السنوات الأخيرة كنا نتابع أيضًا اتهامات أخرى بأن هوليوود لا تريد لمهرجان (كان) أن يزداد بريقه حتى لا تشعر فرنسا بأنها تسترد حقها التاريخى باعتبار أنها هى التى اخترعت السينما فى نهاية القرن التاسع عشر على يد الأخوين لوميير.

وتريد أن تصل الرسالة للعالم بأنها لا تزال عنوان السينما من خلال البريق الذى يحققه مهرجان (كان)، بينما أمريكا وبأقدم مسابقة سينمائية والتى تبلغ 96 عامًا وهى الأوسكار والذى تعلن جوائزه 10 مارس القادم، تلك المسابقة هى التى تستحوذ على السينما وعلى الجمهور فى العالم، كما أن مصنع هوليوود يصدر للعالم الأفلام ومنها قطعًا ألمانيا وفرنسا، ونحو أكثر من 70 فى المائة من إيرادات الأفلام فى أغلب الدول الأوروبية تحسب للسينما الأمريكية وليست الوطنية التى تنتجها هذه الدول، وهو ما بات يتكرر أيضًا فى مصر آخر عامين، بعد أن أسقط قانون تحديد النسخ للفيلم الأمريكى التى كانت لا تتجاوز تسع نسخ.

وذلك بسبب ضعف إيرادات الفيلم المصرى بينما على المقابل عدد من الشاشات لا تجد ما تعرضه، وهكذا تم إلغاء هذا القرار عمليًّا رغم أنه لا يزال ساريًا من الناحية القانونية، ولم يصدر قرار وزارى بإلغائه وهو ما يدفعنا للمطالبة بتوضيح الأمر رسميًّا، كانت فى الماضى غرفة صناعة السينما تتدخل عندما تجد تسيبًا فى تطبيق القانون بتجاوز الحد الأقصى فى النسخ للفيلم الأمريكى، الآن وجدت أن من مصلحتها أن تغض الطرف،

ولا بأس قطعًا من المرونة وفتح الباب لقانون العرض والطلب، على شرط أن يواكب ذلك قرارات تنظيمية تصدرها وزارة الثقافة لحماية الفيلم المصرى مع عدم الإخلال لمنح أصحاب دور العرض حقهم فى عرض الأفلام الأجنبية، وبالطبع فإن المقصود بالأجنبى (الأمريكى)، حيث لم يتعود المتفرج المصرى على التعاطى مع أفلام أخرى.

الشوارع فى برلين تمتلئ بعشاق السينما، أغلبهم يقفون أمام شبابيك قطع التذاكر لمشاهدة الأفلام، عدد قليل فقط هم الذين يقفون أمام فنادق إقامة النجوم للحصول على صورة (سيلفى)، ونكمل غدًا من برلين!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهرجان «برلين» على نيران السياسة المشتعلة فى غزة مهرجان «برلين» على نيران السياسة المشتعلة فى غزة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib