النقاد يقتلون النقاد

النقاد يقتلون النقاد!!

المغرب اليوم -

النقاد يقتلون النقاد

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

أكثر ظلم يتعرض له النقاد هو من زملائهم النقاد، التجاهل هو أقصى وأقسى أنواع الظلم، حتى إذا تذكر ناقد زميلًا، غالبا ما يستبدل القلم بخنجر لينال منه.

لدى وقائع متعددة لخناقات النقاد ومعاركهم الخائبة، وأحقادهم الشريرة، بينما قضاياهم الملحة وأحلامهم المجهضة دائما غائبة.

هيئة الأفلام السعودية من خلال رئيسها التنفيذى، السينمائى والشاعر عبدالله العياف قررت رفع الظلم عنهم، والناقد العزيز محمد الظاهرى، لا يترك مناسبة ومنها مهرجان الأفلام السعودية إلا ويسعى لتقديم ندوات عن النقد وهموم النقاد، هذا الملتقى هو الخامس من نوعه الذي تقيمه الهيئة، ويتناول قضية محورية قراءة الشريط السينمائى خارج الإطار.

وهذا التعبير (خارج الإطار) تحديدا يكمن فيه سر وسحر الفن، وليس فقط السينما، حتى تقرأ النص الأدبى شعرا أو نثرا، عليك أن تطل من خلال ظلال الكلمات، وليس منطوق الكلمات، وكلما أوغلت أكثر تكتشف الجمال أكثر وأكثر، وتلك هي المتعة الحقيقية في أي عمل أدبى أو فنى، إطار اللوحة في فن التصوير لا يعنى أن تضيق نظرتك على تلك المساحة، بل ترى ما هو أبعد، وعينك تصل أيضا إلى ما هو أعمق، والفارق بين فنان وآخر هو في ضبط هذا الهامش بين المحكى والمسكوت عنه، وكيف تقدم للمتلقى مفاتيح قراءة هذا الهامش المقنن.

السينما بطبيعة تكوينها التفاعلى مع كل الفنون التي سبقتها، موسيقى ودراما وأدب ورسم ونحت وعمارة ومسرح، أسفرت عن حالة خاصة أشد تعقيدًا، وهى تتطلب من الناقد دائما القدرة على قراءة ما وراء (الكادر).

المتلقى للشريط السينمائى حتى تكتمل متعته، عليه أيضا أن يقرأ الفيلم على هذا النحو مثلا (الكيت كات) داود عبدالسيد وبطولة محمود عبدالعزيز، لو شاهدته فقط برؤية مباشرة، تتابع الشيخ حسنى باعتباره رجلا ضريرا خفيف الظل يعشق الحياة والنساء ويركب الموتوسيكل ويتعاطى الحشيش، ستضحك طوال ساعتين زمن عرض الشريط، لو قررت أن تطل بعيدا عما يعلنه الشريط مباشرة ستجد أن القهقهة زاد معدلها وفى نفس الوقت المتعة العقلية والوجدانية اشتعلت وتوهجت أكثر، فهو يتناول العجز بمعناه المطلق وكل منا يعانى من عجز ما، وتقرأ خارج (الإطار) رسالة لتحدى العجز.

أحسنت إدارة الملتقى باختيار المخرج يسرى نصرالله للتكريم في الافتتاح وعرض فيلمه (صبيان وبنات)، ليس فقط لأنه بدأ حياته المهنية في نهاية السبعينيات بممارسة الكتابة النقدية في الجريدة الأشهر لبنانيا (السفير)، وذلك قبل أن يكتشف أن البوصلة توجهه إلى الإخراج.

الأهم بالنسبة لى أنه يعلم بالضبط ما هو دور الناقد، كما أنه يمتلك مرونة في استقبال كل الآراء، أيضا عين الناقد لم تغب أبدا عن رؤيته لكل التفاصيل، بعد أن أصبح مخرجا مرموقا، قد يستخدم- بل كثيرا ما يستخدم- سلاح السخرية في التعبير عن موقفه حتى الذاتى منها، مثلما كتب قبل بضع سنوات عندما وجد نفسه خارج الخريطة الفنية، أنه يجيد الطبخ وسوف يغير مهنته ويقدم برنامجا يحكى عن أصول إعداد محشى ورق العنب بشوربة العكاوى.

النقاد ظلموا أنفسهم هذه حقيقة- راجع الأرشيف- لن تجد أن النقاد قدموا مثلا دراسات عن أساليب النقد المختلفة وتحليل عميق للأساتذة الكبار الذين سبقونا.

قدمنا مئات من الكتب والدراسات عن المخرجين والكتاب والنجوم ومديرى التصوير وواضعى الموسيقى التصويرية وغيرهم، أين النقاد من كل ذلك؟ (ولا الهوا)، أخطأنا كثيرا في حق أنفسنا، وأتصور أن هيئة الأفلام بتلك الإطلالة والحفاوة بالنقد والنقاد تحاول رفع الظلم عن أهل المهنة.

أتمنى أن تتوقف الأصوات الغاضبة والمتشنجة بين النقاد والنقاد، (دقيقة سكوت لله)، وتلك حكاية أخرى!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النقاد يقتلون النقاد النقاد يقتلون النقاد



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib