الشعراوى ليس مجرد مسرحية

الشعراوى ليس مجرد مسرحية!

المغرب اليوم -

الشعراوى ليس مجرد مسرحية

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

ألق نظرة على عربات الميكروباص والتوك توك ستكتشف أن الشيخ الشعراوى لايزال حيا يرزق، متصدرا المشهد، صورته تنحاز لها الأغلبية، حضوره في الضمير الجمعى فاق كل من أم كلثوم وجمال عبدالناصر وأنور السادات وعبدالحليم وفاتن حمامة وفريد الأطرش ونجيب محفوظ مجتمعين، مريدو وعشاق الشيخ لايزالون على العهد، يتمتع بمصداقية لا يمكن لمنصف تجاهلها، ولكن قطعا من حقنا جميعا تفنيدها، خاصة عندما يصل الأمر لدرجة تقديس كل ما قاله الشيخ وكأنه معصوم من الخطأ.

الشيخ الشعراوى منحه الله (كاريزما) وحضورا وخفة ظل، كما أنه يجيد ضبط الإيقاع، فهو يدرك متى يبدأ (براعة الاستهلال)، ويدرك متى ينتهى ويختار اللحظة التي ينتظر فيها الجميع المزيد، (مسك الختام)، أتصور أن كل تلك التفاصيل في خطابه عبر (الميديا) لا يتعمدها ولكنها جزء من طبيعته، مثل اللغة الجسدية التي يجيدها وتؤدى إلى زيادة شغف الناس، كما أنه أحاط كل ذلك بثقافة لغوية وإلمام بالتاريخ الإسلامى، وإطلالة بنسبة لا بأس بها على ما يجرى في العالم على كل المستويات سياسيا وفنيا، يحركه توجه فكرى صارم، رسالة قاطعة لا تتمتع بمرونة عصرية، ولهذا لا شعوريا يخاصم كل جديد، يتعارض مع ما تلقاه وأدركه من السلف، مثل أرباح البنوك، فهو يرى أنها ربا، والصحيح دينيا هو ما دعت إليه بنوك توظيف الأموال التي كانت هي السبب في نكبة الاقتصاد المصرى ومنحت قوة لهذا التيار الذي كان يسعى لامتلاك مقدرات الوطن، الشعراوى مثلا يرفض نقل الأعضاء بحجة فقهية أن الإنسان لا يملك التبرع بما لا يملكه، ورأيه أن الأمراض القاسية مثل فشل الكلى، التي تحتاج لغسيل عدة مرات أسبوعيا لا يجوز علاجها، لماذا يؤخر المريض لقاءه بربه، كما أنه يرى أن ختان المرأة من صحيح الدين فقط أطلق عليه (خفاض)، في النهاية بعيدا عن المسمى، يعنى قطع جزء من جسد المرأة بحجة أن هذه هي العفة، الدولة تجرم الختان والأزهر رسميا قال إنه ليس من الإسلام في شىء، الشيخ له تسجيلات متعددة تنتهك الديانة المسيحية، كما أنه يبيح قتل المرتد وتارك الصلاة.

علاقته بالفن تحت مظلة (حلاله حلال وحرامه حرام)، وهو الشعار الذي أطلقه مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، مفهوم الحلال والحرام يحدده رجل الدين، بينما الفن لا يمكن أن تضعه تحت طائلة دينية، كثير من الفنانين خرجوا من لقائه إما نادمين عن عملهم بالفن، أو قرروا تقديم فن أطلقوا عليه ملتزما، وبالمناسبة في العام المشؤوم الذي حكمنا فيه الإخوان، كانت لديهم خطة لتقديم (باليه شرعى)، دخل الشيخ في معارك متعددة مع رموز فكرية مثل توفيق الحكيم ويوسف إدريس وزكى نجيب محمود وغيرهم بسبب ما اعتبره خروجا عن الدين، ناهيك عن أنه سجد لله ركعتى شكر بعد هزيمة مصر في 67، بحجة أن تلك الهزيمة سوف تخرج مصر من عباءة الشيوعية، ولم تذرف دمعته أو يرق قلبه لأسر الشهداء وهم بالآلاف، ولم يستوقفه الوطن الذي كان ينزف دما.

نظريا من حق مسرح الدولة القومى أن يقدم سيرة حياة الشعراوى فهو يمتلك كل المقومات الدرامية، التي تحقق له مردودا في شباك التذاكر، إلا أن السؤال هل يجرؤ مسرح الدولة أن يقدم الشعراوى كما هو الشعراوى؟، مؤكد سيقدمون الشعراوى كما تراه الذائقة الشعبية، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

يبقى السؤال كيف يغيب التوجه السياسى عن صاحب القرار، أفكار الشعراوى مع كل الاحترام له كإنسان، تعيدنا سنوات للخلف دُر!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعراوى ليس مجرد مسرحية الشعراوى ليس مجرد مسرحية



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز

GMT 03:47 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ثعلب وسنجاب بطلا أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019

GMT 11:48 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

شخصيات في حياة أحمد زكي والعندليب

GMT 00:01 2013 الأحد ,09 حزيران / يونيو

فقمة القيثارة مخلوق غريب لايتوقف عن الأبتسام

GMT 12:14 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السعادة المؤجلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib