عبدالوهاب «أحبك الآن أكثر»

عبدالوهاب «أحبك الآن أكثر»

المغرب اليوم -

عبدالوهاب «أحبك الآن أكثر»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

عندما كنت أعقد مقارنة بين عبدالوهاب وأم كلثوم، أجد نفسى أنحاز مباشرة إلى أم كلثوم، يختلط الأمر بين الفنى والشخصى، تتمثل أمامى العديد من مواقف (الست) الاجتماعية والوطنية، وتكسب (أم كلثوم).

لو كانت الإذاعة تقدم على موجة أغنية لعبدالوهاب، وعلى أخرى أغنية لعبدالحليم، أختار بدون تردد عبدالحليم، إلا أننى اكتشفت، خلال السنوات الأخيرة، أن هناك شيئا ما يقربنى من عبدالوهاب، وأننى أحمل بداخلى جينات وهابية مستترة، تبحث عن وسيلة لإعلان الحب، كانت فقط تتحين الفرصة، وجاءت الفرصة عندما التقيت المايسترو سليم سحاب، فى جلسة خاصة، امتدت ساعات، وبدأ فى تحليل تفاصيل عدد من ألحان عبدالوهاب، اكتشفت كم كان سابقا لزمنه، وكم كان ملهما أيضا لمن جاءوا بعده، وأعطى لهم الإشارة والبشارة، ليكملوا الطريق، صحيح أنه أنصت جيدا لهم، إلا أنه استطاع استيعاب مفرداتهم، وأضاف إليها لمسته الخاصة.

تأملت كثيرا المقدمة الموسيقية لـ(انت عمرى)، ذروة لحنية فى بساطتها وعمقها رددتها مباشرة الجماهير، ثورة كلثومية، لأول مرة تنتظر «أم كلثوم» حتى تنتهى الفرقة من تقديم مقدمة موسيقية متكاملة، «عبدالوهاب» كان موازياً لأم كلثوم فى لقائه معها، بعدها فتح الطريق لبليغ حمدى، بليغ سبق عبدالوهاب فى التلحين لأم كلثوم، بنحو أربع سنوات، إلا أنه، بعد (انت عمرى) قدم لأم كلثوم مذاقا أكثر عصرية موازيا لعبدالوهاب.

الذى يسعى دائما لإضافة بصمته الخاصة، حتى مع الأصوات الراسخة، استعيد لحن «عبدالوهاب» لشادية (أحبك أحبك)، ألحان قليلة جداً قدمها لشادية، بينما استحوذت أصوات نجاة وفايزة وصباح ووردة على النصيب الأكبر من ألحانه، كانت شادية ترى ملامح صوتها أكثر مع محمد فوزى ومحمود الشريف ومنير مراد، قبل أن تبدأ مشوارها مع بليغ حمدى، ورغم ذلك نلمح عبدالوهاب مع شادية فى لحن آخر يقطر خفة ظل «بسبوسة».. عبدالوهاب مثلاً منح سعاد مكاوى لحنا شعبيا لا ينسى «قالوا البياض أحلى ولا السمار أحلى»، كما أنه يغنى بصوته أغنيات خفيفة: «حبيبى لعبته الهجر والجفا» ورائعتيه «أنا والعذاب وهواك» و«آه منك يا جارحنى».. اكتشفت مع التراكم النغمى أننى أحب «عبدالوهاب».

ولكن ما سر هذا التباعد النفسى؟ أعود نحو 40 عاماً، كنت قد كتبت تحقيقاً فى مجلة اسمها «الوادى» مصرية سودانية تصدرها مؤسسة «روز اليوسف»، عنوانه «أنا والعذاب وعبدالوهاب»، تناولت فيه السرقات الموسيقية لعبدالوهاب، وكان شهود وقائع السرقة أحياء يرزقون: محمود الشريف، محمد الموجى، رؤوف ذهنى وعازف الأوكورديون مختار السيد وغيرهم.

كل منهم حكى أكثر من واقعة.. ونشرت التحقيق وغضب عبدالوهاب، وحاول منعى من الكتابة عن طريق الاتصال مباشرة بمجلس الشورى، كل هذه الوقائع حكاها لى بعد ذلك أستاذى لويس جريس، ولم أكن أدرى شيئاً، وقال لى سوف نصالحه بطريقتنا وشاركت مجلتا روز اليوسف وصباح الخير فى نشر أكثر من مقال يشيد بعبدالوهاب، وظلت هذه الواقعة لا تفارقنى، رغم أننى كنت بين الحين والآخر أتصل به تليفونيا وأسمعته قصيدة (أحببتها) لعمى كامل الشناوى وتحمس لتلحينها، وكان يقول لى أثناء الحوار لا تقول لى أستاذ أنا عمك مثل (كامل ومأمون).

الخاص والعام يؤثران، لا شك، على مشاعرنا، وكلما استطعنا أن نتحرر من الخاص، باتت أحكامنا أكثر موضوعية، وما يتهم به من سرقات، بشىء من التأمل تجدها تحمل بصمته الخاصة، اكتشفت، مع الأيام، أننى أحببت عبدالوهاب أكثر، لكن (على نار هادئة)!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبدالوهاب «أحبك الآن أكثر» عبدالوهاب «أحبك الآن أكثر»



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز

GMT 03:47 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ثعلب وسنجاب بطلا أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019

GMT 11:48 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

شخصيات في حياة أحمد زكي والعندليب

GMT 00:01 2013 الأحد ,09 حزيران / يونيو

فقمة القيثارة مخلوق غريب لايتوقف عن الأبتسام

GMT 12:14 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السعادة المؤجلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib