الطيران وراء الجبل «هو الحل»

الطيران وراء الجبل «هو الحل»

المغرب اليوم -

الطيران وراء الجبل «هو الحل»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

من أمتع الأفلام التى تضمنتها النسخة الثالثة فى مهرجان (البحر الأحمر)، الفيلم التونسى (وراء الجبل)، يجب ملاحظة أن تونس هى ومصر أكثر الدول بعد البلد المضيف (السعودية) قدمت بالمهرجان أفلاما متعددة فى مختلف التظاهرات.

الفيلم يجمع بين ثلاثى مبدع الكاتب والمخرج محمد بن عطية، والبطل مجد مستورة والمنتجة درة بو شوشة.

الشريط السينمائى تجرى أحداثه ورسمت شخصياته، فى إطار واقعى، رغم أن البطل فى عدد من المشاهد يحلق طائرا، إلا أنه لايزال يقف على الأرض، وينطبق عليه قانون الجاذبية، ينتصر عليه أحيانا، القانون، بمعناه الكونى والوضعى، بينما أحيانا أخرى يصبح هو القانون.

البطل (مستورة) ليس به ملامح أو سمات الشخصية السوية، بمعناها النظرى المتعارف عليه، إلا أنه يقف لو اتسعت الرؤية تحت تصنيف الأسوياء، به كل ضعف البشر، ولو تأملت الحكاية قليلا، ستكتشف أن ما تتابعه بتكثيف شديد مع لقطات البداية، وهو يعتدى على زملائه ورؤسائه داخل المكتب الذى يعمل به، ثم يزج به إلى السجن أربع سنوات، لا يعنيك بالضبط التفاصيل، سيستقر فى أعماقك مأزق البطل فى حياته بكل التنويعات الأسرية والوجودية والكونية، إحساسه بالظلم وعدم التحقق داخل تلك الدوائر ممزوجا بالعجز، هو الذى يدفعه لا شعوريا لحلم الطيران، الذى بقدر ما يعنى اختراق الحواجز الطبيعية فى قانون الكون، فهو أيضا يشير إلى رغبة دفينة فى التحدى.

محمد بن عطية من المخرجين الذين حققوا للسينما العربية فى السنوات الأخيرة أكثر من انتصار، يقف على قمتها جائزة العمل الفنى الأول قبل سبع سنوات فى مهرجان برلين، (الدب الفضى) عن فيلمه الروائى (نحبك هادى)، كما أن مجد مستورة حصل أيضا على جائزة أفضل ممثل فى نفس المهرجان (الدب الفضى).

يقدم المخرج رؤية يساهم فيها المتلقى بالإضافة وليس فقط الاستقبال، عليك أن تبحث عن الكثير من التفاصيل وتضعها فى إطار وسياق من صنعك أنت حتى تحسن قراءة الفيلم.

البطل يخطف ابنه الوحيد من أمه، فهو يريد أن يثبت له براءته من كل الاتهامات، مغلفا ذلك بقدرته على الطيران، وفى رحلته للهروب تطارده الشرطة، يلتقى فى الطريق براعى أغنام يصبح شريكهم الثالث فى الرحلة.

يضع السيناريو بيتا فى تلك البقعة المهجورة، لا يجدون مفرا من اقتحامه حتى لا ترصدهم الشرطة.

الأسرة الآمنة تفاجأ بهذا الغزو، هم لا يريدون استخدام السلاح، فقط المأوى الآمن هو هدفهم لالتقاط الأنفاس، وهكذا كان السيناريو دقيقا حتى فى استخدام العنف فى وجود أطفال يريد تجنيبهم الرعب، أيضا المقاومة تتم بمفردات بسيطة ومتعارف عليها، داخل المنزل، مثل الأكياس البلاستيكية التى توضع على الرأس وغلقها كنوع من التعذيب للمقتحمين، تجنب بقدر المستطاع مشاهد الدماء.

المشهد الختامى يكثف بألق وإبداع روح الفيلم، عندما يسأل رجال الشرطة الطفل عما يتمنى أن يكون، فى تلك اللحظة، الكاميرا تحلق فى السماء مع الجبال الطبيعية، ولا ينطق الطفل بشىء، لكن عينيه تقول كل شىء، إنه يريد الطيران فى الهواء ليكمل مسيرة الأب.

السينما عالم زاخر بالمعانى، الرؤية الحداثية منحت الجمهور مساحات إضافية لم يكن متعارفا عليها من قبل، وهو ما لم يهضمه القطاع الأكبر من المخرجين، خاصة جيل الكبار.

محمد بن عطية استوعب تماما اللغة العصرية، أصبحت أفلامه هدفا للمهرجانات، هذه اللغة يكمن سحرها فى المساحة المقننة التى تمتد بين الشريط السينمائى والجمهور، وكيف تصبح الشفرة والعصمة فى نهاية الأمر بيد الجمهور!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطيران وراء الجبل «هو الحل» الطيران وراء الجبل «هو الحل»



GMT 16:18 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أعظمهم... وبلا موهبة

GMT 16:15 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

سينسحب «حزب الله»

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

الهجرة... وسيلة أم غاية؟

GMT 16:11 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

ما لا نحب أن نعرفه عن القضية الفلسطينية

GMT 16:10 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

حرب نتنياهو: خصوصيّات غير خاصّة

نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بوخارست - المغرب اليوم

GMT 13:35 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:23 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

مصنع تيسلا ينتج كميات كبيرة من خلايا بطارية ليثيوم أيون

GMT 11:28 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

قطيع غنم يفاجئ طلاب ثانوية في تاوريرت بدخوله إلى مدرستهم

GMT 00:20 2016 الخميس ,06 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة حلى الفقع

GMT 15:53 2014 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

القرفة تساعد فى وقف تقدم مرض الشلل الرعاش

GMT 04:44 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

"المكرمية" فن كامل يتصدر أحدث صيحات ديكور صيف 2017

GMT 13:37 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib