هل حرَّم عمر الشريف فلوس الفن

هل حرَّم عمر الشريف فلوس الفن؟

المغرب اليوم -

هل حرَّم عمر الشريف فلوس الفن

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

(وشهد شاهد من أهلها)، هكذا تحرف الجماعة إياها تصريح عمر الشريف، عندما سألوه في أحد البرامج عن الفلوس، قال إنه لا يحبها، وينفقها بمجرد أن تصل إليه، وأضاف أن الأجور التي يتقاضاها النجوم مبالغا فيها يعتبرها حراما، التعبير واضح هنا أنه لا يقصد التوصيف الدينى للحلال والحرام.

وفى السياق يرى أن المهندس والفلاح والطبيب والعامل والكاتب يبذلون جهدا أكبر من الممثل (اللى بيحفظ كلمتين ويقولهم)، بينما يحصل هو والنجوم على أجور (حرام) عن غير استحقاق.

كما ترى الجملة لا علاقة لها بالحلال والحرام، أحيانا مفردات اللغة العربية لدى عمر الشريف تخونه، ويبدد طاقته بعدها في الشرح دون جدوى.

مثلا أراد في أحد المؤتمرات الصحفية أثناء مهرجان (القاهرة السينمائى) أن يقول إن عبدالناصر كان يتعامل في مطلع الثورة (23 يوليو) مع أمريكا، واستخدم تعبير (عميل) بدلا من يتعامل، مفردات عمر الشريف اللغوية القليلة وإلمامه المحدود بالعربية وابتعاده سنوات عن الوطن، كل ذلك لم يكن يسمح له بمعرفة الفارق، وعندما اعترض عدد كبير من الزملاء على توصيف عبدالناصر بـ (العميل) واستوعب عمر المعنى اعتذر وقال: أقصد يتعامل.

(مانشيت) الجرائد كان قد سبقنا جميعا، أتحدث عن زمن ما قبل (السوشيال ميديا)، وظل هو في العرف السائد ينال من عبدالناصر عامدا متعمدا.

نحن عادة في حياتنا الاجتماعية لا نسمع آراء الآخرين، ولكننا نسمع فقط آراءنا نحن، بأصوات الآخرين.

وفى كل اختبار عملى ستكتشف أنك لا تسمع سوى صوتك أنت، بغض النظر عن الحقيقة، لأننا حتى بعد أن نوقن منها نعود مجددا إلى ما نريد فقط أن نستمع إليه ونردده.

لو تأملت الموقف بهدوء هل كان عمر الشريف في تعامله، يحيل كل شىء في الحياة للحلال والحرام؟، ثقافته ومن ثم أيضا قناعته كانت تحول دون الالتفات لتلك النظرة الصارمة والقاصرة للحياة، فهو حتى قبل هجرته المؤقتة في مطلع الستينيات للعمل في أوروبا وأمريكا.

كانت لديه قناعات مختلفة في التفكير والاختيار، ورغم ذلك في زمن عبدالناصر أثناء هجرته تعاقد على بطولة فيلم (المماليك) إنتاج مؤسسة السينما، وشارك في بطولة أكثر من مسلسل إذاعى مصرى مثل (أنف وثلاث عيون) و(الحب الضائع) حتى يثبت للأجهزة أنه على العهد، وأحيانا كان يتم تكليفه بتقديم عدد من المعلومات عن شخصيات بعينها، وكثيرا ما كان يجد أعذارا حتى يأمن شر الأجهزة.

لم يكن لا هو ولا فاتن سعداء في مرحلة الستينيات بسبب ما جرى من تغلغل للدولة الأمنية، واضطرت فاتن بسبب مطاردات صلاح نصر للهجرة إلى بيروت، ولكن عبدالناصر عندما أدرك ذلك طلب من رئيس الوزراء زكريا محيى الدين عودة فاتن حمامة، واستدعى سعد وهبة قائلا له (عبدالناصر يقول فاتن حمامة ثروة قومية، يجب أن تحل كل مشاكلها).

وبالفعل تواصل معها سعد وهبة وقدم لها فيلمين تلعب بطولتهما من إنتاج مؤسسة السينما، ولكن فاتن كانت قد تعاقدت على أكثر من فيلم يجرى تصويره في بيروت، ثم حدثت هزيمة 67 وتغيرت أولويات الدولة، وظلت فاتن في الخارج حتى رحيل عبدالناصر وتولى أنور السادات الحكم.

عمر وفاتن كانت لديهما مشاكل متعددة في زمن عبدالناصر إلا أن عمر لم يصفه قط بالعميل، ولم يعتبر أبدا فلوس الفن حرام.

نحن أسرى مع الأسف أفكارنا المسبقة، وعندما ندرك الحقيقة نتعامل بقانون يطلقون عليه (ما بعد الحقيقة)، إنها الحقيقة التي نكررها ونرتاح إليها، بعيدا حتى عن أي نصيب لها من الحقيقة!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل حرَّم عمر الشريف فلوس الفن هل حرَّم عمر الشريف فلوس الفن



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
المغرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 06:41 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"
المغرب اليوم - وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib