إيرانان

إيرانان

المغرب اليوم -

إيرانان

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

هل لدى العرب مجتمعين الأدوات والقدرات لتحجيم إيران وإجبارها على التخلي عن الدور العبثي التي تمارسه إقليمياً؟ مهين لي كعربي أن أرى الحرائق في بعض مدننا بفعل إيراني مباشر، حيث يتعالى دخانها كل أسبوع مرة تقريباً، وأرى أنه بات ضرورياً أن يضع العرب أفعالهم مكان خطبهم وكلماتهم، وأن قمة عربية تجعل التدخلات الإيرانية أولى أجندتها لهي ضرورة ملحة الآن قبل غد.
أنا مدرك أن إيران النووية هي شأن عالمي أو أن للأزمة الإيرانية شقها الدولي، ولكن تدخلات إيران التقليدية في البلدان العربية هي شأن عربي وليس فقط إقليمياً يخص دول الإقليم كله. التفريق بين إيران النووية وإيران التقليدية أمر ضروري، وخصوصاً في إطار زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للمنطقة. بلينكن قادم إلينا ليتحدث عن هموم بلاده وأولوياتها، فلماذا تكون أولوياته هي أولوياتنا؟ بلينكن قادم للحديث عن إيران النووية وهو أمر ليس أولوية لدينا، فأولويتنا هي إيران التقليدية وحروبها المباشرة أو تلك التي بالوكالة، وليس عيباً أن نلتقي بلينكن في منتصف الطريق؛ أن نتحدث عن إيران التقليدية أولاً ونمنح وقتاً مماثلاً في اللقاء لإيران النووية. نتحدث عن روسيا في إطار أنها اجتاحت أوكرانيا، ولكن أيضاً عن روسيا التي هي حليف لإيران وعن روسيا التي تربطها علاقات متفاوتة مع بعض دولنا.
لا أدعي أن دولنا التي بعضها قوى إقليمية مهمة (مصر والسعودية مثلاً) يجب أن تناطح الدول الكبرى كما الحال في علاقاتنا بالولايات المتحدة، ولكن لا بد أن نعي قدرنا ونعي كذلك قدر الدول العظمى، ويجب أن تقبل الولايات المتحدة بأن الاختلافات لا الخلافات هي الأسس الأولية للعلاقات الدولية وأولها أن يدرك الوزير الأميركي أننا نتحدث عن إيرانين لا إيران واحدة وروسياتين لا روسيا واحدة.
اجتماع العقبة الذي جمع كلاً من الأردن ومصر والعراق والإمارات في شخوص الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد لهو نواة جيدة لحوار عربي جاد حول التهديدات الإيرانية للدول العربية يمكن البناء عليه في مؤتمر قمة عربية جاد يتناول التدخلات الإيرانية.
الآن نسمع ما كان يقال عن إسرائيل يتكرر مع إيران: «العرب يقولون شيئاً في العلن غير الذي يقولونه في الغرف المغلقة».
حان الوقت للقيام بعمل عربي جماعي ولو محدود ولكنه جاد يعبر عن أن العرب كتلة موحدة على الأقل فيما يخص أمنهم. حري بنا أن نعرف العرب دولاً ولكل منها أولوياتها ومصالحها الخاصة، ولكن أن يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي أن إيران موجودة في أربع عواصم عربية ولا ندركه نحن فهذا أمر مشين. نعم لنتنياهو أو أي رئيس وزراء إسرائيلي بعده رؤيته الخاصة لإيران التي هي ليست بالضرورة رؤيتنا، ولكن ما قاله كان من المفروض أن يركز أذهاننا ولو قليلاً.
إسرائيل مثلها مثل الغرب تهتم بإيران النووية وتلك إيران أخرى غير إيران التقليدية التي تهدد الأمن القومي لبلداننا من خلال مسيّرات ميليشياتها.
غني عن القول أن جماعة بدر الدين الحوثي التي كانت تسكن جبال صعدة في شمال اليمن، هم أقلية ما كان لها أن تسيطر على اليمن بدون تدخل إيراني مباشر. إن بناء «حزب الله» آخر في اليمن لهو إعادة لحالة لبنان إلى جوار المملكة العربية السعودية. إن تعريف جماعة الحوثي كجماعة موالية لإيران هو نوع من تخفيف الخطر. جماعة الحوثي هي إيران أياً كانت التفسيرات. أدرك أيضاً الوضع الداخلي اليمني وأدرك مظلمة صعدة والأطراف تجاه صنعاء، ولكن هذا لا يبرر وجود إيران ليكون لها حدود مباشرة مع المملكة.
إيران التقليدية تتوسع لأنها تدرك أننا لسنا جادين في مواجهتها، تدرك أن واشنطن ستغرينا دوماً بأن الملف النووي الإيراني هو الأهم وبإيران الأخرى، لذلك يكون من الضروري أن يعرف الوزير الأميركي أن لهم إيرانهم ولنا إيراننا، ويمكن إيجاد نقاط التقاء واختلاف بين الرؤيتين، ولكن يبقى الأمر واضحاً وهو أننا نتحدث عن إيرانين لا إيران واحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيرانان إيرانان



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib