عبء الرجل العربي وجهة نظر
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

عبء الرجل العربي... وجهة نظر

المغرب اليوم -

عبء الرجل العربي وجهة نظر

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

عبء الرجل الغربي؛ تلك النظرية التي سادت في الغرب في القرن التاسع عشر ترى أن الاستعمار كان ضرورة لتمدُّن الشعوب المتخلفة وتحضرها، وعلى الرجل الغربي أن يحتل هذه البلدان كي يمدنَها ويدخلَها في ركب الحضارة، وكان ذلك تبرير الغرب للهيمنة والاستعمار في أفريقيا وآسيا.
عبء الرجل الغربي منح الاستعمار بُعداً أخلاقياً يقول إن على الرجل الأوروبي أن يتحمل كل هذه المتاعب والصعاب من أجل أن ينقل أهالي المستعمرات من حالتهم البدائية إلى حالة مدنية.
كنتُ أتخيل الرجل الغربي رسماً كاريكاتورياً محمّلاً بهذا العبء الذي يكاد يقصم ظهره، كلما قرأتُ نصاً يتحدث عن عبء الرجل الغربي أيام الصبا، وكنت أقول في نفسي: لماذا لا يلقي هذا الحمل الثقيل، وينصرف إلى حال سبيله، ويستمتع بحياته، لماذا كل هذا الحمل؟ إلى هنا ينتهي حديثي عن عبء الرجل الغربي، لأنتقل إلى الحديث عن عبء الرجل العربي، خصوصاً فيما يتعلق بفلسطين وما رآه الرجل العربي منذ عام 1948 على أنه حمله الذي يجب أن يضعه على ظهره، وبالفعل البعض فعل، خصوصاً خلال فترة طويلة ربما انتهت مع زيارة الرئيس السادات لإسرائيل، وتوقيع «اتفاق كامب ديفيد» عام 1979.
ألقى السادات وكثيرون معه هذا الحمل الثقيل مِن على ظهورهم، ولذلك بدا السادات ممشوقاً وهو ينزل من الطائرة، مرفوع القامة يمشي، وقادة إسرائيل كلهم في استقباله؛ من غولدا مائير إلى مناحم بيغن إلى رابين وبيريز وغيرهم، وكان السادات أول الغيث. والقصة هنا ليست نقداً لسياسات دول ترى أن مصلحتها أن يكون بيننا وبين إسرائيل سلام، أساس القصة ذلك التناقض بين إعلام سياسة مستقلة، وهذا حق، وإعلان الرجل العربي في الوقت ذاته أنه ما زال يحمل عبء فلسطين، بما في ذلك السادات ذاته، الذي كان يعلن ذلك حتى وفاته. وهنا يتضح الفارق بين حِمل الرجل الغربي المعلن، الذي كان ينفذ على الأرض بدأب وإخلاص، رغم أنه أكذوبة كبرى، وحِمل الرجل العربي الصادق الذي لم يتورع عن التخلي عنه عند أقرب مفرق على الطريق. فعل ذلك في الواقع ومع ذلك نسمع صوته القادم من بعيد وأنينه، نتيجة إعلانه أنه ينوء بما يحمل.
المتابع لخطابنا المكتوب والمتلفز حتى على حسابات «التيك توك» لا تفوته ملاحظة أننا اليوم جميعنا نتململ من عبء الرجل العربي، ونريد أن نلقيه خلف ظهورنا، مشكلتنا ليست التخلي الأخلاقي عن هذا العبء الصادق، ولكن البحث عن ذرائع تبرر سلوكنا. نؤلف القصص التي لا تصلح حتى قصصَ ما قبل النوم لأطفال دون العاشرة؛ قصصاً كثيرة نختلقها لتبرير إلقاء هذا الحمل على قارعة الطريق. مرة نقول إنَّ «الفلسطينيين قد خانوا قضيتهم»؛ فلماذا نحملها نحن؟ ومرة ندعي أن الموضوع برمته كذبة كبرى، مثلما قال صدام، حسبنا أنه يريد تحرير القدس عن طريق الكويت، أو أن الطريق للقدس بالنسبة لإيران يمر عبر دمشق وبيروت وصنعاء وبغداد. ولكنني لا أتحدث هنا عن عبء الرجل الإيراني؛ فذلك صليبه يعلقه في رقبته كما يشاء. أنا أتحدث عن عبء الرجل العربي. يدهشني في أحاديثنا وكتاباتنا هذه الأيام تلك الذرائع الكثيرة التي يتبناها البعض ليبرر أن يلقي حملاً هو ليس حامله أصلاً، على أول ناصية، ويبتغي ألا يلومه أحد، أو أن يصفق البعض لجرأته على إعلانه أنه لا يستطيع الاستمرار في الحياة وهو يحمل كل هذا العبء الفلسطيني. ومتى كنا نحمله كي يلقيه؟ فقد كانت فلسطين بالنسبة لكثير منا عصا نتوكأ عليها، وعندما قيل لنا: «ألقها»، لم نتورع للحظة في التخلص منها.
أكتب هذا لأسباب كثيرة، ولا أدعي تفوقاً أخلاقياً وأنا أخط هذه الكلمات، بل أحس بالخجل الشديد وأنا أشاهد الحالة التي تمر علينا هذه الأيام، وبدلاً من مناقشتها بحزم وتحمل، على الأقل مسؤولية الجدة في الحوار حول فلسطين، قررنا أن نتخلى عن عبء الرجل العربي كله، ونحن نحتفل بجرأتنا في الإعلان عن حالة التخلي عن المسؤولية هذه. التخلي عن عبء الرجل العربي لا يشبه التمسك بعبء الرجل الغربي، رغم وجود المبرر الأخلاقي للأول، وعدم وجوده بالنسبة للثاني. الرغبة في التخلي عن عبء الرجل العربي توغلت في النفوس، ليس خارج فلسطين، بل تدعي أنه توغل حتى في الأراضي المحتلة ذاتها. الأمر يحتاج إلى نقاش ناضج وهادئ، ليس بقصد اللوم أو التقريع، ولكن بهدف أن نواجه أنفسنا بلحظة الحقيقة. وكان نقدي لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل لا يخص السلام كفكرة في حد ذاتها، ولكن من باب أن ذهنية الادعاء جعلتنا نقبل بسلام كان من الممكن أن نحصل على سلام أفضل منه، وما ينطبق على مصر ينسحب على غيرها، ولكن، وفي النهاية، شتان بين حلم الرجل الغربي وحلم الرجل العربي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبء الرجل العربي وجهة نظر عبء الرجل العربي وجهة نظر



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib