حكاية من المغرب

حكاية من المغرب

المغرب اليوم -

حكاية من المغرب

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

سألت الشاب المغربى شعيب سعيد الأزهر عما إذا كان قد زار القاهرة، فحدثنى عن زيارته لها بشغف شديد، وتكلم عن إصراره خلال الزيارة على أن يزور الأهرامات، وكيف أن حلاوة الزيارة رغم انقضاء السنوات لا تزال في فمه.

كان شعيب يرافقنى في زيارة نظمها منتدى أصيلة الثقافى الدولى إلى مدينة طنجة التي تطل على البحر والمحيط معًا، وكانت لدى شعيب حكاية مختلفة عن زيارة أخرى قام بها والده إلى مصر، ولكنها كانت زيارة فريدة حقًا.

كان الوالد سعيد الأزهر ضمن القوة التي أرسلها الملك الحسن الثانى إلى الجبهة المصرية في حرب أكتوبر ١٩٧٣، وكان مع الجندى سعيد أربعة زملاء آخرون، وكانوا جميعًا من مدينة واحدة، هي أزمور الواقعة على مسافة ٨٠ كيلومترًا من الدار البيضاء، وقد عاد الوالد وقتها بعد أن قضى ما يقرب من السنة في المحروسة، وعند عودته كان قد حاز وسامًا من الرئيس السادات.

ومما يرويه الابن شعيب عن مهمة الأب سعيد، أن خطاباته غابت عنهم لوقت طويل، وأن الأسرة توقعت استشهاده، وتصرفوا على هذا الأساس، ثم فوجئوا به حيًا يراسلهم ويروى لهم ما رآه وما عاشه على الجبهة، فلما رجع مع زملائه الأربعة استقبلتهم أزمور بالفرح، وامتلأت المدينة بمظاهر الاحتفال بالعائدين المنتصرين.

حكاية مرت عليها ٥٠ سنة، ولكن شعيب يحفظها، منقوشة في وجدانه، ويحكى عنها وكأنه يراها أمام عينيه، رغم أنه لم يكن قد جاء الدنيا وقتها.. وتراه وهو يتطلع إلى صورة وسام الوالد على شاشة الموبايل بإعجاب ظاهر، وكأن الوسام يطوّق عنقه هو، لا عنق أبيه، وتراه يحرك الصورة على الشاشة بينما عيناه تمتلئان بالبهجة والسرور.

هذه حكاية عن أكتوبر الذي كان نصرًا عربيًا، والذى لم يتوقف عند حدوده المصرية أو السورية.. فكل عربى عاش تلك الأيام كان له نصيب من النصر، ولم يكن سعيد الأزهر ولا زملاؤه الأربعة وحدهم على جبهة القتال، ولكن كانت معهم أعداد أخرى من الجنود أرسلهم الحسن الثانى، يرحمه الله. وكان إلى جانب الجنود المغاربة جنود آخرون من الكويت، وأيضًا من أكثر من دولة عربية على الجبهتين المصرية والسورية، وكانت رائحة النصر يومها في كل بيت، وكان المعنى أن ما جمع العرب في تلك الأيام يمكن أن يجمعهم في كل وقت، وليس من الضرورى أن يجتمعوا على قتال، ولكنى أتكلم عن اجتماع الموقف والكلمة أكثر مما أتحدث عن اجتماع الجبهة والحرب.. فالجبهات بطبيعتها متنوعة ولها أكثر من شكل، والنصر الذي لا يكون عربيًا جامعًا ليس نصرًا مكتملًا، لأن لدى العرب ما يوحد أكثر بكثير جدًا مما يفرق، ولأن ما يمس بلدًا على شاطئ المحيط في أقصى الغرب يظل يمس بالدرجة نفسها كل عربى على شاطئ الخليج في أقصى الشرق.. وإذا شئت فارجع إلى حكاية الجندى سعيد الأزهر من أول السطور، ففيها من المعانى ما يظل يتجدد على مر الأيام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية من المغرب حكاية من المغرب



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:50 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود يسيطر على أزياء السهرة
المغرب اليوم - اللون الأسود يسيطر على أزياء السهرة

GMT 09:42 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون
المغرب اليوم - أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون

GMT 10:00 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة
المغرب اليوم - أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة

GMT 10:32 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

شهيرة تشن هجوماً شرساً على منتقدي الفنانين
المغرب اليوم - شهيرة تشن هجوماً شرساً على منتقدي الفنانين

GMT 08:48 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوزراء السوري يكشف آخر حوار دار مع بشار الأسد
المغرب اليوم - رئيس الوزراء السوري يكشف آخر حوار دار مع بشار الأسد

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 00:37 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الصناعة السعودية تصدر 35 رخصة تعدينية جديدة خلال سبتمبر

GMT 00:50 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد المغربي يدين أحداث العنصرية في مواجهة اتحاد طنجة

GMT 18:19 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يهبط دون 2600 دولار للأونصة لأول مرة منذ سبتمبر الماضي

GMT 00:52 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع معدل البطالة في فرنسا إلى 7.4% خلال الربع الثالث من 2024

GMT 20:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم زياش يسجل أول أهدافه مع تشيلسي

GMT 06:22 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

طرق مختلفة وسهلة لتنظيف الغسالة من الصابون

GMT 13:05 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مُدوَّنة الموضة آسيا عاكف في أجمل إطلالاتها خلال الحَمْل

GMT 18:12 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البيتكوين تقترب من 90 ألف دولار بعد انتخاب ترامب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib