لولا أنه غادر قبلها

لولا أنه غادر قبلها

المغرب اليوم -

لولا أنه غادر قبلها

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

مواليد أكتوبر ١٩٧٣ بلغوا الخمسين من العمر في هذا الشهر، وما يعرفونه عن النصر الذي أحرزناه في ٦ أكتوبر ١٩٧٣ أخذوه عن غيرهم وسمعوا به ولم يعايشوه، ولابد أن يظل يُقال لهم ولمَن جاءوا من بعدهم ماذا حدث في ٦ أكتوبر من ذلك العام، وكيف عبرنا فيه من الهزيمة الثقيلة إلى الانتصار الكبير؟.

ولابد أيضًا أن نظل نشرح لهم ماذا حدث فيما يسمى الثغرة أثناء الحرب لأن هذه النقطة بالذات محل متاجرة لا تتوقف من جانب إسرائيل، ومن جانب الذين لا يدركون حجم النصر الذي تحقق على مرأى من العالم الذي كان يتابع ولا يكاد يصدق. فهذا الجيش هو الذي عبر القناة في لحظة مفاجئة، فأصاب الجيش الإسرائيلى بالذهول، وعندما عبرنا إلى شرق القناة رحنا نطارد الإسرائيليين في سيناء حتى وصلنا إلى ما يقرب من ١٥ كيلومترًا في عمقها، وكان كل ما يهم القيادة في تل أبيب أن تفعل شيئًا يحفظ ماء وجهها أمام شعبها، وكان هذا الشىء هو التسلل الذي قامت به فرقتان مدرعتان في اتجاه شرق القناة، وقد حدث ذلك عندما فتحوا ثغرة وتسللوا منها إلى حيث استقروا في منطقة معروفة بالمزرعة الصينية كانت وزارة الزراعة قد أقامتها هناك.

ولكن الثغرة كانت لها خلفية مهمة للغاية، وإذا كان الجيش الإسرائيلى قد شرع فيها بدءًا من يوم ١٦ أكتوبر إلى ٢٢، فعلينا أن نعرف ماذا حدث قبل ذلك بساعات.

ففى يوم ١٣ أكتوبر تسللت طائرة استطلاع أمريكية إلى الأجواء المصرية من جهة الشمال، ثم راحت تمسحها وتصور ما تراه على الأرض في سيناء وفى غير سيناء، وفى يوم ١٥ جاءت طائرة ثانية، وفعلت الشىء نفسه، وفى الحالتين تم نقل الصور إلى الإسرائيليين!.

ومن هنا بالضبط كانت بداية الثغرة، وتعاملت القيادة المصرية معها بصبر وحكمة، ووقع خلاف شهير بين القيادة بكاملها من جانب، وبين الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقتها في الجانب الآخر.. ولكن تبين بعدها أن رأى القيادة كان هو الأسلم لأن الأخذ بما كان يراه الشاذلى كان من الممكن أن يؤدى إلى وقوع ثغرات أخرى.

الثغرة تمت بمساعدة أمريكية كاملة، وكانت علامة على تدخل أمريكى مباشر في الحرب، ومن بعدها مباشرةً قرر السادات قبول وقف إطلاق النار، وقال إنه سيحرر بالسلام ما لم يدركه بالحرب، وهذا ما حدث تمامًا في ٢٥ إبريل ١٩٨٢ عندما خرجت إسرائيل من آخر شبر في سيناء، لولا أن الرجل كان قد غادرنا قبلها بشهور معدودة على أصابع اليد الواحدة.. وقد عاش لا يتمنى شيئًا إلا أن يمنحه الله عُمرًا إلى ذلك اليوم من تلك السنة، فليرحمه الله بطلًا للحرب وبطلًا للسلام.. وليرحمه الله رجلًا رأى ما قامت به الطائرتان، فاتخذ قراره في اللحظة ذاتها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لولا أنه غادر قبلها لولا أنه غادر قبلها



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 12:24 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة

GMT 15:04 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي "شمس وقمر"
المغرب اليوم - شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي

GMT 21:42 2018 الإثنين ,16 تموز / يوليو

سفير المغرب بغينيا يحذر جمهور الوداد

GMT 07:31 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا الشهر يحمل إليك أجواء مهنية وإجتماعية مميزة

GMT 22:51 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة ريفيان الأميركية مستعدة لإطلاق أول بيك أب كهربائية

GMT 18:02 2016 الثلاثاء ,26 تموز / يوليو

ماما سلمى .. هدية الأطفال

GMT 15:07 2023 الأحد ,23 تموز / يوليو

ارتداء البدلة الرسمية بطريقة عصرية

GMT 13:25 2023 الجمعة ,30 حزيران / يونيو

مصر للطيران تخرج من قائمة أفضل 100 شركة عالمية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib