لم يتصوره الفيلسوف

لم يتصوره الفيلسوف

المغرب اليوم -

لم يتصوره الفيلسوف

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

يظل الإعلام مرآة لما يجرى فى دنيا الواقع بين الناس، وتختلف درجة الصدق فيه من أرض إلى أرض طبعًا، لأن المرايا ليست كلها سواء بالتأكيد.. وحين تطلعتُ من جانبى إلى مرآة الصحف الصادرة صباح ٣٠ ديسمبر، الذى كان على مرمى حجر من هذه السنة الجديدة، تبين لى كم كانت مرآة ذلك اليوم صادقة فى نقل أحوال العالم من حولنا.

كانت مرآة الثلاثين من ديسمبر تحمل الكثير من العناوين، وكان عنوان منها يقول إن الحرب بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، التى أسسها عمر البشير، لا غفر الله له ولا سامحه، قد وصلت إلى حد قذف السودانيين فى مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بالبراميل المتفجرة!

تابعت ذلك وأنا أتساءل بينى وبين نفسى عما إذا كانت السماء قد كتبت علينا أن نعود لنطالع أنباء قذف الناس بهذه البراميل فى السودان، بعد أن كنا قد نسينا قذف السوريين بها فى وقت من الأوقات؟.. وتساءلت أيضًا عما إذا كان السودانيون فى إقليم دارفور قد ودعوا أيام البشير السوداء ليجدوا أنفسهم على موعد مع أيام البراميل؟

وفى عنوان آخر من عناوين المرآة كان فولكر تورك، المفوض الأممى لحقوق الإنسان، يقول إن الكلمات تعجز عن وصف الحال فى قطاع غزة.. كان يقول إن سبعين فى المائة من الشهداء فى القطاع هُم من الأطفال والنساء، وإن نصف مليون من الغزاويين يجدون أنفسهم فى مواجهة مع المجاعة.. كان هذا هو حال الناس فى غزة، وكان هذا هو ما قاله المفوض الأممى نصًا، وكان هذا مما يضعنا أمام ما يعانيه الغزاويون دون رتوش مُضافة.

ولم يكن هذا هو كل ما تحمله مرآة آخر السنة لنا، لأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين شن هحومًا جويًا على عدد من المدن الأوكرانية، كان هو الأكبر منذ أن أطلق بوتين عمليته العسكرية فى أوكرانيًا ٢٤ فبراير قبل الماضى، وكان الأكبر لأنه كان بالصواريخ والطائرات المُسيرة معًا، ولأن ١٥٨ صاروخًا وطائرة مُسيرة شاركت فيه!

هكذا بدت السنة المنقضية مثقلة بالهموم وهى تودعنا، وهكذا بدت تباشير السنة الجديدة وهى تستقبل الناس وتدعوهم إلى عام جديد.. ولابد أن الذين تابعوا هذا كله قد فعلوا ذلك بكثير من الجزع والألم، ولابد أنهم قد ذكروا كتابًا كان الفيلسوف الإنجليزى برتراند رسل قد جعل عنوانه: «عالمنا المجنون».

كان الفيلسوف الإنجليزى قد عمّر طويلًا، وكان فى الثامنة والتسعين عندما رحل فى ١٩٧٠، وكان قد عاصر الحربين العالميتين، وكانت الحربان ذروة الجنون العالمى فى تقديره، ولكننا بعد انقضاء ما يزيد على نصف قرن على رحيله نعيش حربًا فى كل مكان، لا مجرد حرب بين طرفين حتى ولو كانت حربًا عالمية، ولو عاش بيننا إلى اليوم لكان قد سحب كتابه من الأسواق، ولكان قد اكتشف أن كلمة الجنون لم تعد معبرة بما يكفى عما يعيشه عالمنا.. يرحم الله الفيلسوف رسل الذى كان يتصور أن الجنون هو أعلى ما يمكن أن يصل إليه العالم!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يتصوره الفيلسوف لم يتصوره الفيلسوف



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib