حبس مُغرد كويتي

حبس مُغرد كويتي

المغرب اليوم -

حبس مُغرد كويتي

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

قضت محكمة الجنايات الكويتية بحبس مواطن كويتى ثلاث سنوات، لأنه أساء في تغريدة له على مواقع التواصل الاجتماعى إلى وزير الداخلية التركى.. وكان أحد المواطنين الكويتيين قد تعرض لاعتداء في تركيا، فكتب المواطن صاحب الحكم يتعاطف معه، ولكنه تجاوز بما لا يجب في حق وزير الداخلية التركى، فلما ذهبت القضية إلى المحكمة قضت بحكمها عليه.

وهذه من المرات القليلة التي تتم فيها معاقبة متجاوز على هذه المواقع، وما أكثر المتجاوزين عليها ممن لا يجدون مَنْ يعاقبهم على ما يقولون أو يكتبون.. وربما يكون الحكم على المواطن الكويتى بداية لردع المنفلتين على مواقع التواصل، وربما أيضًا يكون بداية لنوع من الرشد فيما يقال وفيما يكتبه الناشطون عليها.

والمؤكد أن الذين يتصفحون ما يقال وما يُكتب على هذه المواقع، لا يكادون يصدقون في حالات كثيرة أن هذا الكلام كتبه شخص، ولم يحصل على ما يستحقه عليه من عقاب، أو أن ذاك الكلام قاله شخص آخر في ڤيديو، ثم مرّ كلامه وكأن شيئًا لم يكن.

ولا يزال الفارق الأساسى بين الإعلام التقليدى الذي عاش العالم يعرفه، مكتوبًا، ومرئيًّا، ومسموعًا، وبين الإعلام الإلكترونى الذي اقتحم حياتنا على مواقع التواصل، أن الأول يمارس مهمته بين جمهوره بالحد الأدنى من المسؤولية فيما يقال أو يُكتب، وأن الثانى متحلل من هذه المسؤولية وهذا الحد الأدنى، ومنطلق في الكتابة وفى الكلام دون التقيد بأى ضوابط.

وإذا كنا نتحدث عنه باعتباره إعلامًا الكترونيًّا، فهذه تسمية مفترضة في الحقيقة، لأن الإعلام له تعريفه الذي لا يكون الإعلام إعلامًا إلا به، ولا يجب أن نقول عنه إنه إعلام إلا إذا استوفى شروط هذا التعريف كاملة.

لقد اشتهر الناشطون على منصة إكس «تويتر سابقًا» بأنهم «مغردون» ربما لأن المنصة كانت قبل تغيير اسمها قد جعلت من الطائر الذي يرفرف بجناحيه شعارًا لها، ولكن المشكلة أن وجود الشعار بهذا الشكل جعل كثيرين ممن يستخدمون المنصة يتصورون أنهم كالطائر أحرار في التحليق في أي سماء، وأن التغريد بأى صوت، والشدو بأى نغمة، حق لهم لا مساومة فيه ولا مناقشة.. وبصرف النظر عما إذا كان الصوت قبيحًا، أو كانت النغمة نشازًا.

ولم يكن هذا التصور دقيقًا، لأن الطائر حتى وهو يغرد في سمائه لا يصيب بقية الطيور بالأذى، ولكن المغردين على تويتر باسميها القديم والجديد يصيبون الآخرين بالكثير.. وليست التغريدة في حق وزير الداخلية التركى سوى دليل لا تخطئه العين المجردة.

الحرية حق إنسانى لا فصال فيه، ولكنه حق له ما يضبطه عند ممارسته، وهو لا يحتاج إلى ضوابط من خارج صاحبه، بقدر ما يحتاج إلى التحلى بالمسؤولية الذاتية عند الكتابة أو الكلام.. فإذا لم تكن المسؤولية الذاتية حاضرة، فليس أقل من حضور القانون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حبس مُغرد كويتي حبس مُغرد كويتي



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء

GMT 22:53 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المغربي ينجح في اختراق جرائم العصابات المنظمة

GMT 23:47 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى علوي تستعيد ذكرياتها في الطفولة في "صالون أنوشكا"

GMT 06:26 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

عبود قردحجي يُؤكِّد أنّ 2017 ستكون مختلفة لمواليد "الجدي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib