بقلم - عبد المنعم سعيد
اختارت مصر طريقها منذ 30 يونيو 2013، من خلال خارطة طريق سياسية وأمنية حكيمة، ومسار اقتصادى واجتماعى صعب. وتستند هذه المسيرة إلى «رؤية مصر 2030»، والخطوات التى حدثت عقب ثورة 30 يونيو 2013 حينما دخلت مصر مرحلة جديدة فى سياستها الخارجية وحماية أمنها القومي، تبدأ بحقيقة أن البناء الداخلى وبناء عناصر القوة هما حجر الزاوية فى حماية مصر وتحقيق أهدافها الإستراتيجية. والحقيقة الثانية أن التركيز على البناء تصاحبه سياسات خارجية تقوم على التعاون وحد أدنى من المواجهة. وكما هو معلوم فإنه فى الأزمة أخطار وفرص؛ ونحن الآن نعيش فى ظلال حزمة من الأزمات وعلينا أن نخرج منها بأعلام خفاقة، والقائمة باتت معروفة عما جرى خلال السنوات الماضية التى بدأت بأزمات ما بعد الربيع العربى من فوضى لدينا، وحروب أهلية فى دول الإقليم بعضها لا يزال ساخنا. ولم تنته بعد بسلسلة أزمات الإرهاب والكورونا والحرب الأوكرانية وأخيرا حرب غزة الخامسة التى اتسع نطاقها من الشام إلى مضيق باب المندب.
مجمع الأزمات هذا أعطانا النضج والخبرة والحكمة التى تظهر الآن فى إدارة الأزمة الراهنة. والتجربة كانت غنية بالأصول الجديدة والمثمرة، واستيعاب 20 مليون نسمة إضافية غير اللاجئين والنازحين، ولكن كان لها ثمن تمثل فى مجمع من الديون الداخلية والخارجية، تضخم وزيادة فى أسعار سلع مع تراجع فى معدلات النمو وتقديرات المؤسسات المالية الدولية لمستقبل الاقتصاد المصري. هذه المعادلة ما بين غنى الأصول من ناحية وتهافت السوق المصرية وضعف عملتها واضطراب أسعار سلعها من ناحية أخرى؛ على ما تسببه من مصاعب وآلام للشعب المصرى قابلة للعلاج إذا ما عرفنا أمرين: أولهما أنه لا يجوز فى القرن الحادى والعشرين إعادة اختراع العجلة؛ وثانيهما أن الأصول التى حققناها من الطرق والكبارى والجامعات والمصانع والمزارع والمدن الجديدة، كلها تكفى وزيادة لإعادة التوازن مرة أخرى إلى الاقتصاد المصرى إذا ما بدأنا فى استخدامها والاستثمار فيها.