«حزب الله» وخدعة المقاومة

«حزب الله»... وخدعة المقاومة

المغرب اليوم -

«حزب الله» وخدعة المقاومة

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

مع اقتراب جذوة الحرب الدائرة في غزة من حدود لبنان أكثر فأكثر، يتجدد تساؤل مشروع عن جماعة «حزب الله»؛ هل هي مقاومة وطنية أم ميليشيا تحركها أوامر «الولي الفقيه» في طهران كما أقر زعيمها متفاخراً أكثر من مرة؟

يأتي إلحاح طرح السؤال المتكرر الواضحة إجابته، من كون مصير لبنان الآن معلقاً بقرار الحرب الذي يحتكره الحزب - ومن خلفه مشغليه في إيران.

في العقدين الماضيين، تسبب «حزب الله» بأضرار فادحة للبنان، وطناً وأرضاً وبشراً أول الأمر، وللعديد من دول المنطقة تالياً. وهي حقائق يبدو معها إشهار راية «المقاومة» في وجه رافضي مغامراته لعبة خادعة ومراوغة، لا سيما في ظل الإصرار على الإمساك بالقرار الداخلي للبنان بقوة السلاح ورهن حاضره ومستقبله بأولويات إيرانية.

جذور القصة مزيفة، فالسلاح لا حاجة له، لا سيما في وجود قوات «اليونيفيل» الدولية في جنوب لبنان على الحدود، ما يعني أن المقاومة في أصلها خدعة، وأن السلاح الموجود في أيديها هو سلاح يخدم مشروعاً إقليمياً ويتوجه وقت الحاجة إلى صدور اللبنانيين أنفسهم.

لا تُعرف المقاومة الحقيقية بعدد رؤوس الصواريخ التي تمتلكها، بل بالرؤى الاستشرافية وتقديرات المواقف الاستباقية التي لا تجر الدمار والخراب على أوطانها. لا يفتح مقاوم وطني بوابات الجحيم على المدنيين فوق الأرض، فيما يذهب هو للاختباء في الأنفاق.

في 2006، أدى اختطاف «حزب الله» جنديين إسرائيليين عبر الحدود إلى حرب غير مسبوقة على لبنان استمرت 34 يوماً وأدت إلى خسائر ودمار احتاج سنوات ومليارات الدولارات لإعادة الإعمار.

اليوم، لن يتحمل الاقتصاد اللبناني المنهار ضربة مشابهة ولا يوجد طرف مستعد لتسديد فواتير مليارية لمغامرات الحزب ورغبات داعميه الذين بخلوا آنذاك بالمساهمة في إصلاح ما أفسدوه.

بالأمس خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليتوعد «حزب الله» بحرب أشد ضراوة تدفعه إلى «الترحم على حرب 2006». لن يدفع الحزب الفاتورة وحده، بل سيتحملها لبنان، ولهذا يتجدد إلحاح السؤال عن بوصلة الحزب وولائه.

حكماً لو كان «حزب الله» حريصاً على سلامة أراضي لبنان وشعبه، لوضع سلاحه بعهدة الجيش اللبناني. غير أن الحقيقة التي يعلمها القاصي والداني هي أن «حزب الله» هو أول من أخل ولا يزال يخل بسيادة لبنان، عبر إدخال أسلحة من طهران مروراً بدمشق وصولاً إلى الجنوب اللبناني، الأمر الذي يضع «بلد الأرز» في مهب الريح، لا سيما في ضوء معارك غزة. من تابعوا التصرفات الهمجية لأعضاء الحزب في الأيام القليلة الماضية، شاهدوا كيف حطموا فروع مؤسسات ومطاعم ومتاجر غربية، وكأنهم بهذا يدعمون القضية الفلسطينية، في حين أنه انتقام من إخوة في الوطن، يحرصون على إيجاد مصدر عيش كريم لذويهم في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها لبنان.

ما يقوم به «حزب الله» في الداخل اللبناني أمر يتسق وفكره الدوغمائي، إذ يعتقد بامتلاكه الحقيقة المطلقة، والحق الفوقي، وأن مَن دونه مسخّر لخدمته، والجميع يتذكر المرات العديدة التي أغلق فيها هؤلاء شوارع بيروت بقوة السلاح.

تبدو كارثية هذه الجماعة في كونها أداة لقوة أكبر لا تغيب عن الأعين، تأتمر بأمرها، وتحارب في ساحاتها، وهذا ما رأيناه طول سنوات الأزمة السورية.

كان الدور الذي لعبه «حزب الله» على الأراضي السورية كارثياً، وبأسوأ صورة ممكنة، فقد عمل على قمع السوريين الرافضين لنظام الأسد، وهي رغبة إيرانية عليا، لا سيما أن الحزب قد خسر ما يفوق 1200 من أعضائه هناك. لا علاقة لسوريا بتحرير فلسطين، والطريق إلى القدس لم يكن يمر عبر دمشق.

كان المطلوب من وراء هذا التدخل غير المدعوم بأي سند أو مبرر أو شريعة دولية، هو بقاء شريان الحياة البري مع طهران، كي تجد الأسلحة والذخائر طريقها إلى لبنان.

لم تكن جرائم «حزب الله» في سوريا لتغيب عن أعين المراقبين الدوليين، وقد نشرت تقارير مفصلة عمّا ارتكبته تلك الجماعة من عمليات هناك، وحتى يظل النظام الموالي لإيران قائماً وقادماً، وليذهب الشعب السوري إلى حيث يُشاء له أن يذهب.

أظهرت المواقف المتعددة زيف الخدعة الخاصة بالمقاومة، لا سيما بعد الحديث عن اكتشافات نفط وغاز في حقل كاريش اللبناني، فقد سارع الحزب إلى التخلي عن مبادئ المقاومة، ومضى في سياق بعيد عن شعارات الممانعة الحنجورية، بهدف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ما يثبت أن القصة ليست مقاومة، بل مكاسب وبراغماتية سياسية تليق بـ«المرشد الأعلى» الساكن طهران.

تبدو الشعارات الزاعقة والرايات الفاقعة لـ«حزب الله» أمام اختبارات عسيرة هذه الأيام، فطهران تخشى من أن تفقد الحزب بوصفه ذراعاً في الجبهات العربية الداخلية، لكنها أيضاً تحت ضغط فتح جبهة لبنان للتخفيف عن حلفائها في غزة.

لم تنطلق رصاصة واحدة من إيران تجاه إسرائيل طوال أربعة عقود، لكن طهران ترى البلدان العربية، وفي مقدمتها لبنان، «ساحات» مستباحة لخدمة أجندتها الإقليمية.

الخلاصة أن الحزب الذي قضى العقد الماضي في تمهيد الطريق من طهران إلى بيروت على جثث السوريين، لن تنطلي أكاذيبه هذه المرة على أحد. فالجميع يعرف أن خدعة «المقاومة» ما هي إلا حيلة للتشويش حين تضغط يد المرشد الإيراني على الزناد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» وخدعة المقاومة «حزب الله» وخدعة المقاومة



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:21 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
المغرب اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 19:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
المغرب اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 06:49 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي سعد لمجرد يُثير الجدل برسالة جديدة لدنيا بطمة
المغرب اليوم - المغربي سعد لمجرد يُثير الجدل برسالة جديدة لدنيا بطمة

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:13 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أبرز الأبراج التي تعشق التحكّم في الآخرين

GMT 07:09 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

سيارات لندن..!

GMT 00:40 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سخان ماء يتسبب في وفاة سيدة متزوجة في تاوريرت

GMT 18:58 2023 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

إقلاع طائرة تحمل أول صاروخ فضائي في بريطانيا

GMT 00:12 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مطالب أوروبية بتأجيل تقنية "صندوق الرمال" من "غوغل"

GMT 18:52 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البابا يعزل أسقفًا "تستر" على اعتداء جنسي

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

كيف ترفضين كذب طفلك دون أن يخسر ثقته بكِ؟
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib